ولادة رسول الرحمة

آراء 2018/11/22
...

حسين علي الحمداني
لم يكن مولد رسول الرحمة محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)بالحدث العادي فهو حدث مفصلي بين مرحلتين مرت بهما البشرية وشكلت الولادة بداية مرحلة جديدة للإنسانية انتهت بها الجاهلية التي ظلت تتحكم بالجزيرة العربية قرونا طويلة وبدأت ملامح محمد الرسول تظهر في سلوكيات الرجل ومكانته حتى قبل البعثة النبوية بسنوات.
وبعد كل هذه القرون الطويلة على ولادة نبي الإنسانية وقيمها العليا وجدنا في السنوات القليلة الماضية من يحاول إعادتنا للجاهلية عبر ممارسات كثيرة يرتكبونها باسم الدين الإسلامي الحنيف ومنها سبي النساء والأطفال وبيعهم في أسواق النخاسة،غزو البلدان بطريقة وحشية تذكرنا بالغزوات في الجاهلية والتي كانت غايتها الغنائم وإظهار القوة الغاشمة، مضافا لهذا كله ما يتعرض له المسلمون من إرهاب حقيقي من قبل التنظيمات الإرهابية كتنظيم"داعش"وبقية المسميات الأخرى في العراق وسوريا واليمن وليبيا وكل هذه الأعمال تجعلنا نحن المسلمين أمام مسؤوليتنا في الدفاع عن الإسلام الحقيقي الذي يدعو للتعايش والتسامح ونبذ التطرف ونشر الأمن والسلام في العالم.
إن مناسبة عظيمة كيوم مولد الهدى ونبي الرحمة كفيلة أن تجعل كل منا يعيد قراءة الفكر الإسلامي الحقيقي القائم على نسف الفكر الجاهلي وما فيه من ممارسات سلبية على المجتمع، هذه الممارسات التي جاء الإسلام لينهيها ويجد بديلا عنها عبر منح المرأة حقوقها والتعامل معها كقيمة عليا في المجتمع، وهذا الدين الذي كفل حق الإنسان في الحياة بما في ذلك غير المسلمين، إن ألإسلام بعيد جدا عن أفعال هؤلاء القتلة الذين يتاجرون باسم الدين وهم أبعد الناس عن قيم الإسلام وشريعته السمحاء.
لم تكن القبلية والتعصب حاضرين في فكر الرسول الكريم محمد(ص)،لهذا نجح في كسب حب الناس، بل حب أكثر الناس عداوة له فيما بعد، كسبهم لأنه اختار طريقا صحيحا مخططا له من قبل الله عزل وجل، طريق النبوة لم يكن مفروشا بالورود والرمل الأحمر في منطقة ظلت تحتكم للسيف وترفض التغيير وتقاومه بشدة وضراوة، منطقة تحتكم لمنطق القبلية والتعصب الأعمى، وتجد في عبودية الناس لذة كبيرة، منطقة تعبد كل شيء إلا الله، وتؤمن بكل شيء إلا بالله، لهذا كانت ولادته ومن ثم بعثته منعطفا كبيرا في تاريخ الصحراء قبل أن يكون في تاريخ المدينة .
لهذا فإن رسالة الله التي حملها الصادق ألأمين عليه الصلاة والسلام كانت تجد مقاومة من جيل حاضر آنذاك وأجيال قديمة تركت ظلها في بوادي وحواضر ملأت الجزيرة العربية وما حولها، كانت رسالة ليس لجيل واحد بل لأجيال عدة أراد الله لها أن تستنير بهدى نبي الرحمة وكتاب الله.
ومحمد(ص) ليس بإنسان عادي مر في حياتنا، بل هو رحمة ومحبة وتسامح وإنسانية، لهذا فإننا نحتفي بولادة هذه القيم التي اجتمعت كلها في ديننا ونبينا، هذا الدين الذي يتعرض اليوم لتشويه كبير عبر ممارسات"داعش"التي أساءت كثيرا للرسالة الإسلامية وارتكبت جرائم وحشية كبيرة بحق المسلمين وغيرهم لتؤكد للجميع بأنها بعيدة عن الإسلام ونهجه.