اجتماع دولي بشأن لبنان خلال أسابيع والحريري لم يعد المرشح الوحيد
الرياضة
2019/11/22
+A
-A
بيروت / جبار عودة الخطاط
ماراثون الاحتجاح اللبناني يدخل يومه الـ37 من دون أن تلوح بالأفق بوادر حلحلة المعضلة اللبنانية المتفاقمة في خضم فراغ حكومي تجاوز إسبوعه الثالث والبلاد تمور في أزمات اقتصادية وسياسية مستحكمة انعكست سلباً على حياة اللبنانيين الذين باتوا يتطلعون لحلول ناجعة يمكن أن يأتي بها ضغط الشارع المنتفض منذ يوم 17 تشرين الأول الماضي.. ويبدو أن الأزمة اللبنانية انفتحت بمشهديتها التي تنذر بالأسوأ على اللاعبين الدوليين الكبار فراحوا يفكرون بتدابير يمكن أن تسهم بتحجيم مساحة الاضطرابات اللبنانية المتصاعدة.. مصادر إعلامية نقلت عن دبلوماسي فرنسي رفيع ان هناك اجتماعاً دولياً مهماً بشأن الأحداث الأخيرة في لبنان سيعقد خلال اسابيع وان ثمة اتصالات فرنسية اميركية بريطانية لتهيئة مناخ انعقاده، الدبلوماسي أضاف أن لبنان لم يصل بعد لمرحلة الانهيار وان الوضع المصرفي جيد رغم المصاعب مؤكداً أنه لا مصلحة لاحد في لبنان غير مستقر.. الدبلوماسي اضاف وفقاً للمصدر ذاته أن الأميركيين هم الاقل اهتماماً بالوضع اللبناني وان فرنسا تبدي اهتماما كبيراً بما يدور في لبنان.
إلغاء حفل الاستقلال
وقد انعكست أجواء الاحتجاجات وتداعياتها الضاغطة على مراسم الاحتفالات التقليدية التي دأب لبنان على إحيائها يوم 22 تشرين الثاني من كل عام بمناسبة الاستقلال اللبناني فالغي حفل الاستقبال الذي يجري عادة في القصر الجمهوري في بعبدا بحضور رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب وكبار الشخصيات وقد أعلنت المديرية العامة للمراسم والعلاقات العامة في رئاسة الجمهورية اللبنانية، انه “نظراً الى الاوضاع الراهنة في البلاد، لن يقام حفل الاستقبال التقليدي السنوي في القصر الجمهوري في بعبدا بمناسبة عيد الاستقلال” وتم الاكتفاء بعرض عسكري مقتضب في محيط وزارة الدفاع اللبنانية حضرته الرئاسات الثلاث ومن المنتظر أن يعقد اجتماع مهم بعد العرض العسكري يجمع كلا من الرئيس عون ورئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
أسماء جديدة
الفراغ الحكومي أصبح عامل قلق دولي فضلا عن تداعياته على الساحة اللبنانية ولا بادرة من قصر بعبدا في بيروت تشير الى الشروع باستشارات نيابية قريبة بما يدفع نحو تأليف حكومة تطرق أبواب اللبنانيين وهي تحمل طبقاً حكومياً فيه الحلول المنتظرة لجماهير تترقب غدها الأفضل.. الاتجاه العام اليوم كما علمت مصادر “الصباح” تفيد بالسعي للاتفاق على اسم من بين شخصيتين سنّيتين أو ثلاث لا تكون مستفزة لرئاسة الحكومة بالتوافق مع رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري، في حال إصراره على عدم قبوله بتأليف حكومة ما لم تتشكل من التكنوقراط وبأنّ الايام المقبلة قد تكون حاسمة بهذا الاتجاه.
الثنائي والحريري
الثنائي الشيعي “حزب الله” و”حركة امل” يتمسكان حتى الآن بالحريري، والمحاولات ما زالت تجري على قدم وساق لإقناعه بحكومة “تكنوسياسية”. ومن المحتمل ان يتبلغ المعنيون خلال اليومين القادمين باجوبة نهائية وحاسمة تضع النقاط على الحروف بينما تذهب مصادر سياسية قريبة من التيار الوطني الحر الى أن سعد الحريري لم يعد المرشح الوحيد لدى العديد من الفرقاء المعنيين بل هناك تداول جدي بأسماء أخرى رغم أن الثنائي الشيعي يرغب بعودة الحريري لرئاسة الحكومة بينما يؤكد تيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري رفض الأخير القيام بتأليف حكومة تتألف من وجوه سياسية (رفضها الشارع) ليبقى الوضع رهن الترقب.
خيارات أخرى
المصادر تفيد بأنه لم يعد الحريري يملك خيار اللعب بالوقت وتحريك الشارع وفقا لعملية المشاورات الحكومية، ففريق 8 آذار ابلغ الفرنسيين ما مفاده: انقلوا للاميركي ان الرئيس سعد الحريري لا يمكنه الاستمرار في ابتزازنا حكومياً لما لذلك من اثار سلبية على الواقع اللبناني السياسي والاقتصادي والامني والشعبي في وقت تتصاعد فيه حركة الاحتجاج الشعبي، وإلا فان الأمور ستفضي الى أحد خيارين فاما تسهيل امر تشكيل حكومة «تكنو - سياسية» ببيان وزاري واضح، او فلا مناص من حكومة تؤلف بحجم تمثيل مكونات فريق 8 آذار في المجلس النيابي وهو ما يكفله لهم الدستور وجميع القوانين الدولية.
مشاورات دولية
بموازاة ذلك علمت “الصباح” من المصادر ذاتها ان هناك مشاورات تجري بين لبنان وكل من فرنسا وروسيا لتأمين غطاء للحكومة المنتظرة اذا فشلت المساعي لتشكيل حكومة برئاسة الحريري او من يمثله بعد إمعان الأخير برفضه تشكيل حكومة تكنوسياسية.
هذا التصعيد في الاداء السياسي لقوى 8 آذار مرده معلومات موثوقة كما افادت المصادر حول نية واشنطن وبعض من يدور في فلكها في لبنان إقصاء حزب الله من الحكومة المنتظرة تحت ذريعة حكومة التكنوقراط ورغم استحالة هذا الخيار فان الهدف منه مفهوم وواضح لجهة جر الحزب الى مواجهة داخلية لا تكترث واشنطن كثيرا الى العواقب الكارثية التي يمكن أن تجرها على لبنان.
لاءات عون
وهنا يبرز، وفقا لمعلومات تلك المصادر تأكيد الرئيس اللبناني وحزب الله لجهات دولية بشأن “لاءات” لا يمكن تجاوزها في تشكيل الحكومة الجديدة:
*لا لحكومة تكنوقراط خالصة.
*لا لحكومة مهما كان شكلها او تسميتها لا يتمثل فيها حزب الله وهو الحزب الذي يتمتع بثقل جماهيري كبير في الشارع اللبناني.
*ولا لحكومة تتعهد مسبقاً بترسيم الحدود البرية والبحرية مع فلسطين المحتلة وفقا للشروط الاميركية.
*ولا لحكومة توافق سلفاً على توطين الفلسطينيين والسوريين.
ولكن ما كان لافتاً، هو تاكيد هذه القوى بشكل صريح ومباشر لجميع الوسطاء الدوليين أن اي تنازل في الملف الحكومي لم يعد ممكنا بعد موافقتها على السير بحكومة تكنو - قراط مطعمة بسياسيين في وقت تفيد فيه تسريبات بأن الرئيس ميشال عون بات يرغب بالدعوة إلى استشارات نيابية خلال فترة قريبة، مع الحريري او من دونه، لذلك فهو يعقد لقاءات بعيدة عن الإعلام مع عدد من الشخصيات السنية الممثلة في المجلس النيابي وغير الممثلة فيه، للوصول إلى الاتفاق على رئيس للحكومة.
التأني بالاستشارات
مصادر بعبدا تؤكد أن الرئيس عون وبما يتحمله من ضغط الشارع لا يريد المماطلة أكثر من ذلك، وإذا كان الحريري لا يريد حكومة تكنوسياسية فيجب تكليف غيره ليقوم بتأليف حكومة بمن حضر، وهذا ما يضغط لأجله عون الذي توجه مساء الخميس برسالة وجهها إلى اللبنانيين عشية عيد الاستقلال الـ76، قال فيها: إن “لبنان ينتظر حكومة جديدة تعقد عليها الامال كان من المفترض ان تكون قد ولدت وباشرت عملها”، كاشفاً عن ان “التناقضات التي تتحكم بالسياسة اللبنانية فرضت التأنّي لتلافي الأخطر”.
وشدد عون على “وجوب التوصل الى حكومة تلبّي ما أمكن مِن طموحات اللبنانيين وتطلّعاتهم، تكون على قدر كبير من الفعالية والانتاجية والانتظام، لأن التحديات التي تنتظرها ضخمة،
والاستحقاقات داهمة”.
تفهم المطالب
واعتبر الرئيس عون “ان التحركات الشعبية كسرت بعض المحرمات السابقة وأسقطت، إلى حد ما، المحميات، ودفعت بالقضاء الى التحرك”، داعياً المتظاهرين “للاطلاع عن كثب على المطالب الفعلية لهم وسبل تنفيذها، لأن الحوار وحده هو الطريق
الصحيح لحلّ الأزمات”.
وتوجّه عون الى الشباب بصورة خاصة، مؤكداً أن “تفلّت الخطاب في الشارع هو من أكبر الأخطار التي يتهدد الوطن والمجتمع، فلا تنسوا أنكم بعد انتهاء هذه الأزمة ستعودون للعيش معاً”، داعياً اياهم الى”الا يسترسلوا في خطاب الكراهية والتحريض، ولا يهدموا أسس المجتمع اللبناني القائم على احترام الآخر وحرية المعتقد والرأي والتعبير”
رفض الخطاب
خطاب عون هذا جوبه بموجات من الرفض الجماهيري ابداها المحتجون في الشوارع والساحات اللبنانية مساء الخميس وصباح الجمعة فما أن انتهى عون من خطابه حتى قام الشباب ببيروت بقطع الطريق على تقاطع برج الغزال باتجاه جسر الرينغ كما قامت مجموعة من الشبّان الغاضبين بقطع طريق تعلبايا بالإطارات المشتعلة وقطعت الطرقات في مستديرة الصياد وطريق السوديكو بالاتجاهين ودوار إيليا في صيدا وفي عالية وبحمدون بالاتجاهين وطريق المصنع والناعمة وجديتا وزحلة وسعدنايل وغيرها.
بينما اطلق محتجون في ساحتي رياض الصلح والشهداء هتافات رافضة ومنددة بالخطاب كما شهدت ساحة النور في طرابلس رفع شعارات رافضة لفحوى خطاب الرئيس عون أطلقها تجمع حاشد في الساحة كما أصدر المحتجون بياناً شديد اللهجة أمس الجمعة رفضوا فيه ما جاء
في كلمة عون.
إحراق مجسم الثورة
صباح الجمعة شهد حدثا ملفتا تمثل بإحراق (مجسم الثورة) في ساحة الشهداء وهو مجسم يمثل قبضة يد كبيرة صنعه المحتجون من مادة الخشب ونقل شهود عيان لـ “الصباح” انَّ أشخاصاً مجهولين يستقلون دراجات نارية اقدموا على احراق (مجسم الثورة) في ساحة الشهداء عند الساعة السادسة صباحاً من يوم امس الجمعة بعد ما القوا مواد حارقة على المجسم فشبَّت فيه النيران بسرعة فائقة، ولم يبق منه أي شيء.
وقد هرع بعض الشبان ممن كانوا ينامون في الخيم الى المجسم المشتعل وحاولوا اطفاء النيران لكنهم لم يفلحوا.
الخاصرة الرخوة
الباحث والكاتب اللبناني اندريه قصاص أكد” أن لبنان هو الخاصرة الرخوة ضمن مسلسل أحداث في غاية التعقيد، ومشكلته الراهنة هي جزء من كل ما يجري في المنطقة، وإن كان لبنان قد استطاع، ولفترة زمنية طويلة، تحييد نفسه عن أزمات المنطقة، وهو قد دخل، ولو رغماً عنه وبأوجه مختلفة، نادي الدول غير المستقرّة سياسياً واقتصادياً، على خلفية العقوبات الأميركية التي فرضت على “حزب الله”، التي اتخذت منحىً جديداً في عملية الصراع الكبير، الذي بدأت خيوطه تتكشف، منذ أن أطل مشروع “صفقة القرن” برأسه على الساحة الإقليمية بما يحمله من بذور تشتت القوى، سواء في فلسطين المحتلة وفي كل المحور الذي يتماهى مع الحق الفلسطيني، ولبنان جزء أساس منه، باعتبار أن على أرضه أعدادا كبيرة من الفلسطينيين، الذين لا يزالون يعيشون على أمل العودة إلى الوطن
السليب”.