قاسم حول
بريشة الشاعر وصاحب خط الحرف العربي الجميل الراحل “محمد سعيد الصكار” وددت أن يدون اسمي على الشاشة السينمائية، فأبدل تايتل أفلامي من تعبير “إخراج إلى تعبير “فيلم لـ قاسم حول” فسألته أن يخط لي هذا التعبير لأعيد كتابته على كل أفلامي.
عشنا محمد سعيد الصكار وأنا حياة ثقافية في البصرة منذ العام 1956 في فرقة نادي الاتحاد المسرحية، ثم عملنا سوية في صحيفة الخليج. يومها كتب الشاعر الصكار مطولة شعرية عن رؤساء تحرير الجريدة وكنت أنا أترأس تحرير القسم الفني ويترأس هو القسم الأدبي ويترأس نوري لفته القسم الرياضي. وجاء عني في مطولته الشعرية “وعندما يأتي لنا قاسم حول، لا شغل يبقى عندنا ولا عمل. يأخذ من سكائر الصكار لفائف على الحساب الجاري” وصرنا حين هجرنا الوطن نتبادل الرسائل شعراً. وعندما حصلت أنا عام 1992 على الجنسية الهولندية خط لي بريشته الجميلة “كل تعليق علموضوع ما عندي .. آخر خبر قاسم حول هولندي”!
وذات يوم وفي تكريمه في مدينة لاهاي الهولندية طلبوا مني أن أتحدث عنه وعن ذكرياتنا. وفي استراحة التكريم خبرني بأن فصلا في كتابه الجديد عن الأخوانيات سوف يتضمن مراسلاتنا الشعرية، وسوف يصدر خلال هذا الشهر عن دار “...” فضحكت وخبرته بأن الكتاب سوف يصدر وليس فيه ذلك الفصل من مراسلاتنا لأنني أتبادل شعور الكراهية مع صاحب الدار. فنفى أن يفعل صاحب الدار ذلك الفعل القبيح مهما بلغت درجة الكراهية! وحين صدر الكتاب وكما توقعت جاء الفصل الشعري بيني وبين محمد سعيد الصكار، محذوفا من الكتاب!
التقيته في قطر في مهرجان السينما المستقلة، وجاءني خجلا وهو يحمل الكتاب هدية وهو خال من فصل مراسلاتنا الشعرية الساخرة، وقدمه لي وفي داخله كرتونة صغيرة من تلك التي توضع بين صفحات الكتاب عند التعب من القراءة، وقد كتب عليها “إحراج قاسم حول” فقررت أن أعنون عمودي في جريدة الصباح بكلمة “إحراج – قاسم حول” بريشته الأنيقة. والعنوان لا يندرج في إحراج الصكار ولا في إحراج صاحب الدار، ولكن يندرج في إحراج منتجي الخلل في وطني .. إحراج منتجي الكراهية .. إحراج لصوص بلادي .. إحراج كل من يقطع رؤوس النخيل ويلوث مياه الفراتين والشاطئ .. قال لي صاحبي سيكثر أعداؤك!
لو لم يكن لي أعداء، لقتلت نفسي!