مع ارتفاع نسبة البطالة في العراق الى حد كبير ازدادت ظاهرة (الجنابر)، اذ يقوم احدهم بافتراش رصيف الشارع ببضاعة بسيطة، كالملابس او العاب الاطفال او الفواكه والخضر وغيرها طلباً للقمة العيش الصعبة، الا انها في الوقت ذاته تسبب مشاكل بتجاوزهم على الشارع والتقاطعات مايسبب ارباكاً لحركة السير، مع رمي مخلفاتهم في الشارع مايسبب تكدس النفايات، الامر الذي دعا الجهات المعنية الى رفع هذه التجاوزات واتخاذ اجراءات بحق المخالف، فقطعت ارزاقهم، وهذا الامر بحاجة الى ايجاد بدائل تضمن للطرفين حقوقهما
فيقول الثلاثيني ايهاب ناجي:{تخرجت في كلية الهندسة ولم اتمكن من الحصول على فرصة عمل ضمن اختصاصي، مع متطلبات المعيشة الصعبة اضطررت للعمل ببيع ملابس الاطفال على (بسطية) في شارع سهام العبيدي، الا ان امانة بغداد قطعت ارزاقنا ورفضت عملنا، وهذا الامر شمل الجميع، ماذا نعمل وكيف تعيش عوائلنا؟}. ناجي وكثيرون غيره قطعت ارزاقهم وانضموا مجدداً الى فئة العاطلين عن العمل الذين ارتفعت اعدادهم بشكل كبير.
سوق العمل
المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي يؤكد:{بلغت نسبة البطالة 13.8 بالمئة، وقد يستغرق الامر جيلاً او اكثر لتوفير فرص عمل كافية، ويتطلب معالجة هذا الخلل في الطلب والعرض على العمل وجود قطاع خاص ذي قيمة مضافة عالية، وانتاجية مرتفعة وبحجم كاف لاستيعاب الاعداد الكبيرة من الداخلين الى سوق العمل ومواءمة شروط العمل بين القطاع الخاص والعام، وهذا النوع من القطاع الخاص غير موجود حالياً}.
ويضيف:{القطاع العام يعمل بصفته الملجأ الاول والاخير لقوة العمل، اذ يوفر 40 بالمئة من جميع فرص العمل في البلد، ويكاد يمثل كامل فرص العمل في القطاع الرسمي لذا يتطلع اغلب الشباب للوصول الى وظيفة في القطاع العام بدل البحث عن فرصة العمل في القطاع الخاص او التفكير الريادي في العمل لحسابهم ويزيد هذا التفضيل في ظل عدم حماية العمل في القطاع
الخاص}.
ويتابع الهنداوي: {اخطر مافي البطالة انها تتركز في فئة الشباب ما يعيق استثمار طاقاتهم في ظل اقتصاد غير قادر على توفير فرص العمل للاعداد المتزايدة للخريجين، هذا وان تطوير سوق العمل يتطلب اجراء تقويمات دورية لاحتياجات السوق الفعلية بالتشاور مع اصحاب المصلحة، لاسيما ارباب العمل، ولابد من اعادة هيكلة سوق العمل لاحداث التحولات المطلوبة فيها، من سوق عمل مبنية على هيمنة القطاع العام الى سوق تنافسية وتعاونية بين الدولة والقطاع الخاص، تقوم على تطبيق مناسب
لقوانين العمل}.
الهنداوي يوضح:{الزراعة ستكون بما في ذلك الاعمال التجارية الخاصة بهذا القطاع والخدمات اكبر الامكانات لتوليد فرص العمل في المستقبل، وستتطلب تلك القطاعات استخداماً اكثر استدامة وادارة افضل للمياه والموارد الزراعية واستثمارات في دعم البنية التحتية بما في ذلك الخدمات اللوجستية والنقل وفي غياب هذه الحوافز يمكن للحكومة ان تبدأ عملية تحفيز القطاع الخاص وتوليد فرص العمل عن طريق انشطة القطاع العام واعادة الاعمار}.
ويستطرد:{من وسائل توفير فرص العمل اللائق والمحمي لجميع العاطلين تبني سياسة اقتصادية مولدة لفرص العمل وربط مخرجات التعليم بحاجات سوق العمل وانهاء عمالة الاطفال وحوافز لاستخدام الايدي العاملة المحلية وتطوير القطاعات الاقتصادية كثيفة العمالة، لاسيما قطاع الزراعة والبناء والتشييد}.
الأكشاك بديلاً
ووضعت امانة بغداد خطة منذ اشهر لتهيئة 28 موقعاً في العاصمة لاقامة اكشاك لمن ازيلت {بسطياتهم} خلال المرحلة الماضية بحسب ما ذكره المتحدث الرسمي باسم امانة بغداد حكيم عبد الزهرة متابعاً قوله:{تلك المواقع والاكشاك التي ستقام عليها ستؤمن لها الخدمات الاساسية، مؤكداً ان اختيار تلك المواقع جاء قرب الاماكن التي كان يتجمع فيها اصحاب البسطيات التي ازيلت تجاوزاتهم بسبب وجودها مقابل المحال او على الارصفة او ادت الى غلق شوارع
معينة}.ويضيف:{ جزء من تلك المواقع دخل مرحلة الاعلان وستكون الاولية لمن ازيلت بسطياتهم في الحصول على كشك في هذه المواقع مقابل ايجارات رمزية بالاتفاق بين الامانة والمستثمرين، بهدف توفير فرص العمل لاصحاب البسطيات بعد ان عاب البعض على امانة بغداد بأنها ازالت التجاوزات من المحال والارصفة الا انها لم توفر
البديل لذلك».
توفير البديل
الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان يؤكد ضرورة ايجاد البديل لتوفير فرص العمل للذين قطعت ارزاقهم فيقول:{من المهم اقامة اكشاك وتوفير فرص العمل لمن ازيلت تجاوزاتهم، لضمان عدم تحولهم الى اشخاص معادين للنظام بعد قطع رزقهم وجعلهم يواجهون مصيراً مجهولاً مع اسرهم}. ويضيف:{هدم المحال والبسطيات العشوائية كان يجب ان يسبقه توفير البديل المناسب في الاسواق والشوارع العامة ليكون هؤلاء الباعة في اطار المواطنة وامكانية توفير لقمة العيش لهم
ولابنائهم}.
وبشأن التأخير الحاصل في هذا الاجراء لغاية الان يؤكد انطوان:{البيروقراطية في العمل والاجراءات المطولة جميعها تسببت في حصول استياء لدى المواطن وغيرت من سلوكياته، اذ ان المواطنة تكمن في توفير فرص العمل، وتذليل الصعاب لضمان تسهيل معيشته}.
تصاميم متوقفة
رئيسة اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس محافظة بغداد نوال الاعرجي انتقدت اهمال امانة بغداد المطالبات المتكررة من قبل المجلس والجهات الاخرى بقولها:{اهملت امانة بغداد مطالب المجلس بشأن اقامة اكشاك بديلة عن تلك التي هدمتها بداعي التجاوز دون جدوى}.
وبينت الاعرجي:{ مجلس محافظة بغداد سبق وان فاتح الامانة في عام 2009 بضرورة اقامة اكشاك في اماكن معينة لتوفير فرص عمل للعاطلين، مؤكدةً ان تلك المطالبات كانت على مستوى البلديات ودائرتي العقارات والتصاميم والتي اعدت مخططات خاصة بذلك تنتشر في جميع الاسواق والمحال، الا اننا لم نر اي تنفيذ لغاية
اللحظة}.
وتتابع:{ بعض البلديات في العاصمة وبجهود شخصية اقامت تلك الاكشاك في الاسواق الواقعة ضمن مناطقها بشرط ان يتحمل اقامة هذا الكشك البائع نفسه ما اثقل كاهلهم كما موجود في سوق باب الدروازة في الكاظمية، هذا وان امانة بغداد وضعت كل جهدها لمحاربة اصحاب البسطيات والاكشاك دون ان توفر البديل المناسب، ما حدا بهيئة خدمات بغداد في مجلس المحافظة لايجاد بدائل مناسبة لاصحاب البسطيات كاقامة اسواق عصرية جديدة في الساحات والجزرات الوسطية كما موجود في دول العالم قبل هدم المحال التي اعتبرت متجاوزة وقطع مصدر ارزاقهم، الا ان الامانة وضعت كل هذه المطالبات خلف ظهرها واصرت على هدم جميع التجاوزات ما اثار
غضبهم».