كاتانيتش لا يزال يحصد النقاط والانتصارات بأسلوبه الدفاعي المقنع

الرياضة 2019/11/30
...

تحليل / علي النعيمي
 
مرة اخرى ، يثبت كاتانيتش بمعية جهازه المساعد قدرته على قراءة المباراة بصورة جيدة والخروج بنتيجة إيجابية والظفر بنقاطها بواسطة نهجه الدفاعي المقنع كما فعلها أخيراً  في لقاء الإمارات ضمن بطولة خليجي 24 والتفوق بهدفين نظيفين، وفي هذه المقابلة طبق منتخبنا أسلوباً تكتيكياً مشابها لمباراة قطر، والتعامل بذكاء مع طريقة لعب المدرب الهولندي مارفيك، عبر تأمين خمسة مدافعين في الخلف والتعدد في أشكال أنظمة اللعب ما بين 3-5-2  او 5-3-2 واللجوء إلى دفاع المنطقة المنخفض في ملعبه وبالتالي حرم منافسه طيلة الشوط الأول من التحرك بطريقته المعتادة، لكن في الشوط الثاني حدثت بعض المتغيرات ربما افقدت هذا التنظيم العالي بعض الشيء سنأتي لذكرها لاحقا لكن الحصيلة النهائية ان مدرب منتخبنا نجح في تحقيق الفوز وتوظيف خصائص لاعبيه الفنية خلال هذه المواجهة المهمة التي سجل فيها كل من  علاء عباس وعلاء عبد الزهرة هدفين جميلين لكن تبقى تمريرة عبد الزهرة في الهدف الاول الى زميله عباس هي الاجمل وقد نطلق عليها في التحليل النوعي صناعة كرة ذكية  smart pass  وهي  مناولة مميزة تسهم في تطوير الحالة الهجومية بطريقة إبداعية وخلاقة لغرض الانتقال السريع من الخلف إلى الامام من مختلف ارجاء الملعب وحصول حالة التهديف .
احصائيات المباراة
لقد اشارت احصائيات مباراة العراق والامارات الى ان نسبة الحيازة النهائية صبت لمصلحة الفريق الإماراتي بنسبة 60 بالمئة مقابل 40 بالمئة وسبب ارتفاعها في الشوط الثاني هو الأسلوب الخططي المغاير الذي انتهجه المدرب فان مارفيك من اجل ادراك التعادل وصعوبة لاعبينا في الاحتفاظ بالكرة والتحكم بايقاع المباراة ، وربما ان عدد التمريرات خير دليل على ذلك اذا مرر الفريق الخليجي  537 تمريرة مقابل 350 مناولة لمنتخبنا الوطني ، في الشوط الثاني ارتفعت أيضا عدد التمريرات الأساسية المفتاحية  للمنتخب المنافس التي تضع المهاجم امام المرمى عبر اجتيازها لخطي الدفاع إلى  ثماني تمريرات مؤثرة مقابل 7 لمنتخبنا طيلة المباراة ، بيد ان عدد التسديدات المباشرة على الهدف مال لكفة منتخبنا بواقع 11 تسديدة مقابل ست تسديدات،  بينما تميز اسود الرافدين بعدد حالات الاعتراض المنافس وهي محاولة اللاعب لقطع الكرة من لاعب الخصم، إما عن طريق مواجهته بشكل مباشر وكسب الكرة منه أو بالانزلاق بالأرض باتجاهه لقطعها بواقع 40 حالة مقابل 31 حالة مشتركة للمنتخب الإماراتي. 
 
 الشوط الأول
نجح مدرب منتخبنا في حرمان المنتخب الاماراتي من تطبيق أساليب لعبه المتعددة على غرار البدء بعملية التحضير من الخلف ونقل الكرة الى طرفي الملعب ثم تطوير الهجمة بلمسات قصيرة باتجاه العمق أي العمل في ثلثنا الدفاعي بغية نقل الكرات الى طرفي الملعب بواسطة الكروسات الجانبية، بعبارة أدق، منع لاعبونا خلال هذا الشوط  كلا من الظهير محمد برغش او الجناح بندر الأحبابي على اليمين وعلي صالح  والظهير يوسف جاير في جهة اليسار  من تفعيل هذا الأسلوب بسبب اللعب بخمسة مدافعين وتوسيع جبهة الدفاع وتقليص المساحات في طرفي الميدان بفضل الفعالية الكبيرة لثنائي وسط الدفاع المجتهد ( امجد عطوان - صفاء هادي) اللذين قاما بأدوار كبيرة طيلة شوطي المباراة لاسيما مع علي عدنان او علاء مهاوي وقد خلق هذا الثنائي بالإضافة الى فعالية إبراهيم بايش وأدواره المتعددة  توازنا دفاعيا كبيراً أدى الى حرمان الإماراتيين من المساحات واللعب بين خطوط أيضا من تفعيل الهجمات ، بالإضافة الى ذلك فإن نظام اللعب الذي يطبقه منتخبنا حرم الفريق المنافس من الإفادة من ميزة التمرير العميق  المباشر الى الامام - الكرات البينية خلف المدافعين مع التمريرات المفتاحية المباشرة إلى الامام التي تضع مبخوت او لاعبي الطرف في مواجهة المرمى خلف مدافعي المنافس بسبب لغة التخاطب العالية وتوقع قطع مسارات الكرات في العمق او التمرير الجانبي والمتابعة العالية ما بين ( علي فائز- احمد إبراهيم - سعد ناطق )  تعود الى الضغط والرقابة والكثافة العددية في الخلف والتقارب بين الخطوط ، وجردهم أيضا خلال الشوط الاول  من سلاح التحولات السريعة بعد الحيازة: اي نقل الكرة السريع والانتقال الى الأمام لعمل الهجمة المضادة وحرمانهم من المساحة  وكانت رقابة مشددة على  خلفان مبارك واحمد طارق  كلما تسلم أحدهم الكرة من عطوان بالتناوب مع بايش وهادي .
 
الشوط الثاني
 في هذا الشوط اجتهد مدرب الامارات فان مارفيك  في إيجاد الحلول بصفته من المدربين الذين يراهنون على  توزيع الجهد البدني بين لاعبيه واللعب بفترات وقد أعاد توزيع الواجبات مستفيداً من نظام لعب 4-2-3-1 ولعل من ابرز تلك المعالجات، تقريب خطوط اللعب التي كانت مفككة ومتباعدة في الشوط الاول مع السرعة في نقل الكرة وقد شاهدنا ان اللاعبين طارق احمد وعبدالله رمضان يتسلمان الكرات والتمريرات في الفراغ  فضلا عن ان خلفان مبارك بدأ يخرج من المراقبة الفردية في دفاعاتنا وفضل التراجع الى الخلف لتسلم الكرات لخلق الفراغات من خلفه وهنا وبعد الدقيقة 68 تحديداً بدأ المنتخب الإماراتي في فرض أسلوبه المعروف عبر نقل الكرات الى  طرفي الملعب بفضل الجناح بندر الاحبابي في اللعب  خلف المدافعين او الى علي صالح في جهة اليسار وقد تعرض المرمى العراقي الى العديد من الكروسات الجانبية خلال هذا الشوط، علاوة على ذلك  فقد أعطت التبديلات التي لجأ إليها مارفيك زخماً هجومياً واضحاً للفريق الأبيض بإخراج علي صالح والزج بأحمد خليل ما فسح المجال الى الظهير يوسف جابر في التقدم والتحرر في جهة اليمين بسبب غياب التغطية في جهة علاء مهاوي وعلاء عباس  وأيضا في الجهة الأخرى بين بايش وعلي عدنان في بعض الفترات وهذا ما جعل الفريق الشقيق يقوم بتدوير اللعب والعودة الى اسلوبه المعهود، كما ان الزون الدفاعي او الكتلة المتحركة لمنتخبنا لم تكن كما هي في الشوط الاول وظهر فيها بعض التباعد لاسيما بين خطي الوسط والدفاع سرعان ما عادت الى 30 ياردة  عن مرمى الحارس محمد حميد أي في الدقائق الأخيرة من عمر اللقاء.
 
زبدة القول
نجح منتخبنا بأسلوبه الدفاعي المقنع في الفوز وتسجيل الأهداف بأقل عدد من الفرص السانحة للتهديف لكن لايزال يعاني من مسألة بناء الهجمات من الخلف ومن عملية اخراج الكرة من مساحته على الرغم من ان الفريق الاماراتي لم يمارس الضغط المتقدم على مدافعينا الا لفترات معدودة وكانت الكرات الطويلة تهدر بإرادة اللاعبين او عبر قراراتهم الخاطئة او عدم الدقة في التمرير ، كذلك حتى هذه اللحظة هناك صعوبة في الاحتفاظ بالكرة في ملعب المنافس واللعب تحت الضغط وتفعيل الهجمات في الثلث الدفاعي للفريق المنافس وهذه نقطة مطالب المدرب كاتانيتش بحلها وتطويرها لاسيما ان منتخبنا ولغاية الان كان هو المبادر في التسجيل والتقدم ولكن ربما سيواجه مشكلات أخرى في حال ان الفريق الآخر هو الذي تقدم ويلجأ الى النسق الدفاعي وتعقيد خيارات التمرير علينا وبالتالي تبرز هنا مسألة التحضير المتدرج من الخلف الى الامام وتطوير الهجمة والاحتفاظ بها وقدرة اللاعبين على التمرير تحت الضغط والكثافة العددية الدفاعية للفريق الآخر.