الأغنية الوطنيَّة بين جيلين

الصفحة الاخيرة 2019/12/02
...

سامر المشعل

تضافرت الجهود في مجال الاغنية فانتجت كماً كبيراً من الاغاني الوطنية، التي جاءت استجابة لساحات التظاهر، فالتهبت المشاعر الوطنية لدى الشعراء والملحنين والمطربين لتظهر مجموعة كبيرة من الاغاني الوطنية، التي اشترك في تقديمها مطربون من أجيال 
مختلفة.
وقد حضرت مهرجان الاغنية الوطنية، الذي اقامته دائرة الفنون الموسيقية في قاعة الرباط.. وقد خرجت بمجموعة من الملاحظات في شأن الاغنية الوطنية الجديدة على مستوى الشكل والبناء اللحني بما يخص المهرجان أو الاغنية التي سادت منذ اندلاع التظاهرات:
بالنسبة للاغاني الوطنية التي قدمت في المهرجان لم تخرج عن جو الاغنية التي سادت في عقد الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، لان الملحنين تشبعوا بهذه الاغاني والالحان باللاشعور، فجاءت هذه الالحان انعكاساً لما ترسب في مخيلتهم وذائقتهم لصدى أغاني المعركة والتعبئة الجماهيرية، وهذا الكلام ينطبق على كم كبير من الاغاني الوطنية التي قدمها فنانو جيل السبعينيات والثمانينيات، باستثناءات قليلة، منها نذكر على سبيل المثال لا الحصر، أغنية قدمها الملحن علي سرحان في مهرجان الاغنية الوطنية صاغها على مقام الحجاز بنكهة خليجية بصوته على آلة العود، وأغنية قدمها الملحن الكبير كوكب حمزة، بعد صمت طويل من تقديم الاغاني اهداها الى ثوار ساحات التحرير.. وغيرها.
في الطرف الاخر نجد أن جيل الشباب قدم أغنية وطنية مختلفة تبتعد عن السياق التاريخي المعروف للاغنية الوطنية وتضمنت ايقاعات سريعة مثل " الهيوة والربع والمقسوم.. " اقتربت كثيراً من الهوسات والاهازيج والبعض الاخر من هذه الالحان جاء متماهياً مع الردات الحسينية والانشاد الديني مثل أغني " علي بابا "، التي انتشرت في ساحة التحرير.
بعض المطربين تسرع في تقديم اغانيه من أجل المساهمة الوطنية ولكي يكون له صوت وموقف من التظاهرات الشعبية، فجاءت اغانيه خالية من الملامح الابداعية، والبعض الاخر التبس عليه الامر تماماً ولم يميز بين الاغاني الوطنية واغاني الملاهي، فكانت بالنتيجة اعمال هجينة لا تمت بصلة للاغاني الوطنية التي تستحق الاستماع 
والاحترام.
ومع هذا الكم الكبير من الاغاني الوطنية، الا أن هذه المرحلة لم تفرز لنا أغاني كبيرة والحاناً تعبر عن الملامح الفنية والابداعية للمرحلة الثورية والعاطفة الوطنية المتأججة لشباب العراق الذين فاجؤونا ببسالتهم وصمودهم وتحديهم كل العالم، ولم تظهر اغان تستحق التوقف والتأمل فيها كبناء موسيقي رصين وعميق، الا باعمال قليلة سنتناولها في وقت لاحق.