تأجيل الاستشارات النيابية بعد انسحاب سمير الخطيب

الرياضة 2019/12/09
...

بيروت/ جبار عودة الخطاط
 
عادت عملية تشكيل الحكومة اللبنانية إلى المربع الأول في أعقاب انسحاب (المرشح الابرز) رجل الأعمال سمير الخطيب من تكليفه لترؤس ‏الحكومة المنتظرة لتكون ورقته هي الورقة الثالثة التي يتم حرقها في بورصة المضاربات السياسية في سباق الوصول لسدة الحكومة اللبنانية بعد أن حُرِقت من قبله ورقتا المرشحَين بهيج طبّارة ومحمد الصفدي لتتوجه الأنظار بعدئذ الى بيت الوسط حيث رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الذي قدم استقالته من الحكومة  الشهر الماضي في خضم احتجاجات شعبية مازالت تسجل حضورها في الشارع وإن خفّت حدتها.
تأجيل الاستشارات
الرئيس اللبناني ميشال عون وفي ضوء التطورات الأخيرة التي شهدها يوم الأحد الماضي أعلن عن تأجيل الاستشارات النيابية التي كانت مقررة امس الاثنين، ليصار الى تمديد موعدها إلى يوم 16 من ‏الشهر الجاري،
فقد أعلنت رئاسة الجمهورية اللبنانية عن تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس للحكومة بعد "توافق" الطائفة السنية على اعادة تسمية سعد الحريري لهذا المنصب.
وافاد بيان رسمي لقصر بعبدا بأنه "في ضوء التطورات المستجدة في الشأن الحكومي وبناءً على رغبة وطلب معظم الكتل النيابية، وافساحاً في المجال امام المزيد من المشاورات والاتصالات، قرر الرئيس ميشال عون تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة الى الاثنين 16 كانون الاول الجاري".
 
انسحاب الخطيب
هذا التأجيل جاء بعد انسحاب رجل الأعمال سمير الخطيب من تكليفه لترؤس ‏الحكومة اللبنانية، والذي بدا في موقف لا يحسد عليه إثناء لقائه بدار الفتوى اللبنانية  المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان حيث تلقى تأكيداً محرجاً بأن المفتي وغالبية الطائفة (السنية) تدعم إعادة ترشيح سعد الحريري، فضلاً عن تأييد شيعي، مقروناً بقرار تسهيل مهمة الحريري، عبرَ عنه "الثنائي الشيعي" حزب الله وحركة أمل يقابل ذلك ضبابية في العلاقة بين الحريري وكل من الرئيس اللبناني ميشال عون وصهره جبران باسيل والأخير يمثل (العقدة) التي يطالب باستبعادها الحريري من سياق تشكيل الحكومة!
وقال المرشح المنسحب سمير الخطيب بعد زيارة الحريري في بيت الوسط: "أطلعت الحريري على موقف المفتي ‏دريان، الذي أعلن من دار الفتوى، وأعلن اعتذاري عن إكمال المشوار الذي رشحت ‏إليه، سائلاً الله أن يحمي لبنان من كل شر". وكان الخطيب قد زار "دار الفتوى" وقال بعد ‏لقائه المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان: "صاحب السماحة هو من داعمي الرئيس سعد ‏الحريري الذي يبذل جهوداً للنهوض بلبنان، ويدعم دوره العربي والدولي الذي يصب في ‏هذا الإطار"، مضيفاً: "علمت من سماحته أنه نتيجة اللقاءات والمشاورات والاتصالات ‏مع أبناء الطائفة الإسلامية تم التوافق على تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة ‏المقبلة‎".
 
حرق الأوراق
ولقاء الخطيب مع الحريري هو الثالث في سلسلة لقاءاتهما خلال أيام كما تفيد مصادر  ويبدو أن اللقاء الأخير بين الخطيب والشيخ عبد اللطيف دريان هو القشة الأخيرة التي قصمت ظهر تكليف الخطيب وليعلن إنسحابه للحفاظ على ماء وجهه في لعبة حرق الاوراق المستمرة وبنجاح لبناني ساحق.
الإزمة إذن تعود بنا أدراجها الى المربع رقم واحد وليبقى الشارع اللبناني يلتهب تحت صفيح حركة الإحتجاجات المستمرة والوضع الاقتصادي والنقدي الخطير.
وبذلك وفي ظل غياب رؤية واضحة لما ستسفر عنه المرحلة المقبلة، يصبح لبنان إزاء ثلاثة سيناريوهات محتملة كما يشير مراقبون هي:
إطالة فترة ‏تصريف الأعمال في ضوء تعثر عملية التوافق على رئيس جديد للحكومة، أو تأليف حكومة تكنوقراط موسعة برئاسة الحريري كما يطالب هو بذلك أو  تكون حكومة تكنوسياسية، تحظى بقبول الحريري، أو تأليف حكومة مواجهة بلون واحد، وهو خيار ‏مستبعد في هذا الوقت‎ وهو مالا يحبذه حزب الله الذي يلامس بمواقفه هاجس السلم الأهلي الذي ربما يتهدد باستياء (الشارع السني) في حال خرج الحريري من مولد الحكومة من دون حمص!.
 
قلب الطاولة
المشهد الللبناني اليوم يكتنفه الإرباك الذي قد يفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي سوءاً وهنا يلتفت الكثيرون الى موقف التيار الوطني الحر الغريم الأخير لسعد الحريري وهل سيقبل بلعبة لي الذراع التي أعادت الحريري بقوة الى المشهد الحكومي.. محللون لبنانيون أكدوا أن جبران باسيل والتيار الوطني الحر لن يقفا في وضع  اليد المكتوفة ازاء ذلك وربما يلجأ الى قلب الطاولة مرة أخرى ويسعى لرفع أسهم ‏النائب فؤاد مخزومي في بورصة رئاسة الحكومة المرتقبة، غير ان هذا الخيار لا يخلو من صعوبة في ضوء الارتفاع الواضح في أسهم الحريري الذي أثبتت وقائع اليومين الأخيرين بأن (الطائفة السنية) لا تريد التفريط به في دولة تجذر القيد الطائفي في خياراتها السياسية، فالخطيب أعلنها صراحة من دار الفتوى "علمت من سماحة الشيخ المفتي انه نتيجة اللقاءات والمشاورات والاتصالات مع أبناء الطائفة الاسلامية تم التوافق على تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة
المقبلة".
ورجل الاعمال سمير الخطيب قد تم تداول اسمه في الاونة الاخيرة كمرشح محتمل لرئاسة الحكومة في أعقاب احتراق ورقة الوزير السابق محمد الصفدي.
 
غياب التوافق
ولم تتمكن القوى السياسية في لبنان من التوافق على تسمية رئيس وزراء جديد، منذ أن أضطر سعد الحريري التنحي وتقديم استقالته في 29 من الشهر الماضي تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية الصاخبة التي اجتاحت معظم المناطق اللبنانية  منذ 17 تشرين الأول الماضي، لتتحول إلى حكومة تصريف أعمال. ولتضع خطوة التأجيل مختلف الفرقاء السياسيين إزاء دوار جديد في محاولة الوصول لمخرج من إزمة مربكة.  وقالت الرئاسة، في بيان لها، إنها أقدمت على خطوة التأجيل بناء على طلب معظم الكتل النيابية الكبرى من مختلف الاتجاهات، وإفساحاً في المجال أمام المزيد من المشاورات والاتصالات بين الكتل النيابية المختلفة ومع الشخصيات المحتملة.
وجاء التأجيل بعد ساعات من إعلان رجل الأعمال، سمير الخطيب، اعتذاره عن الترشح لرئاسة الحكومة المقبلة، وأن الطائفة السُنية توافقت على تسمية الحريري لتشكيل تلك الحكومة.
 
جرس الإنذار
الى ذلك تساءل عضو كتلة "التنمية والتحرير" في البرلمان اللبناني فادي علامة أنه "في خضم أزمة التكليف وتأليف الحكومة العتيدة، هل يدرك المعرقلون لولادة الحكومة مدى خطورة الوضع المالي والاقتصادي والمعيشي؟، هل يملكون الإجابات المطمئنة لاستفسارات المواطنين القلقين على مستقبلهم ووظائفهم ومؤسساتهم التي تعاني تدهورا وصل إلى حدود الإنهيار؟".
أما وزير العمل  في حكومة تصريف الأعمال كميل أبو سليمان فقرع هو الآخر جرس الإنذار محذراً بقوله:"ان لبنان في الهاوية ومن يقول العكس يضلل الناس"، مؤكداً "الحاجة الى حكومة ذات مصداقية".
ولفت ابو سليمان الى ان "الوضع حرج، ولا بد اختيار الأفضل للبلد ولا يمكننا تشبيه لبنان بأي بلد إذ لكلّ بلد ظروفه"، موضحاً "حاجة لبنان لدعم خارجيّ وصندوق النقد الدولي هو الجهة الصالحة"، مشيراً الى انّ "أموال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي موجودة بالليرة اللبنانية ولكنه متخوّف من أن تنخفض قيمة الليرة".