{السيول} تحتضن العراق
آراء
2018/11/24
+A
-A
حمزة مصطفى
يحتضنها.
عموما لست هنا في صدد كتابة مقال نقدي عن السياب والقصيدة بقدر ما أريد تبرير ما أقدمت عليه حين جعلت "السيول" بدل الظلام حيث الدلالات المأساوية تتشابه. فالظلام الجميل بحسب السياب يكون أجمل حين يحتضن العراق في وقت لم تكن فيه على زمن السياب وزمن الكثير ممن بقي من مجايليه سيول تجتاح العراق أو بلغته تحتضنه. كانت الأمطار غزيرة بالفعل قبل خمسة وأربعة وثلاثة عقود
وربما قبلها.
كان مناخ العراق الموصوف بكتاب الجغرافية الذي درسناه جميعا في المدارس آنذاك يقوم على ثنائية الحر والجفاف صيفا والبرد والمطر شتاء وتختزله العبارة التي مازلنا نحفظها عن ظهر قلب "مناخ العراق حار جاف صيفا، بارد ممطر شتاء". لكن ومنذ مايزيد على عقدين من الزمن تغيرت قواعد المناخ ليس في العراق وحسب بل في العالم أجمع. ولعل علماء المناخ باتوا يحذرون من تغييرات قد تكون كارثية في المستقبل لأسباب طبيعية وبشرية تتعلق بسوء التعامل
مع الطبيعة.
وقبل نحو سنة عقدت قمة حول المناخ في باريس لم تثمر عن نتيجة برغم المخاطر. ومما زاد الطين بلة انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من اتفاقية المناخ مع انها من بين الدول الصناعية الأكثر تأثيرا سلبيا في المناخ من خلال تلوث البيئة.
في بلادنا حيث ثنائية الشمس والظلام السيابية علينا أن نتعامل مع مفردة جديدة هي "السيول" التي بدأت تجتاح مناطق مختلفة جنوب العراق وغربه. وبالرغم من حاجتنا الماسة الى الأمطار نظرا لموسم الجفاف الطويل الذي عشناه طوال مايقرب من عقدين فإن النتائج بدت متباينة.
وعبر نشرتين للأخبار تابعتهما على فضائيتين خلال ربع ساعة من زمن النشرة بدت الآراء متباينة جدا. ففي الديوانية كان المذيع يسأل عددا من مربي المواشي عن رأيهم فيقولون "رحمة" فلأول مرة تخضر الأرض وتنبت التربة وتتغذى المواشي مما تنبته الأرض التي عطشت
طويلا.
وفي صلاح الدين تجرف السيول البيوت والجسور ومخيمات النازحين معا. وحين يسأل مذيع آخر المواطنين هناك عن إنطباعهم فإنهم يرون أن مايحصل كارثة. وبصرف النظر عن جو الانطباعات البشرية حيث التقديرات نسبية فإن المطلوب من الدولة أن لاتكتفي بتشكيل خلايا أزمات طارئة بل عليها وضع خطة استراتيجية منتجة لمواجهة الخطرين معا.. الجفاف والسيول.