فعاليات تعزز سلمية التظاهرات في كربلاء المقدسة

ريبورتاج 2019/12/15
...

كربلاء/ زهراء جبار الكناني
 
ما زالت حناجر الاحرار في مدينة كربلاء المقدسة تصدح بمطالبهم المشروعة في تظاهرتهم السلمية، وعلى الرغم مما لحق بحركتهم من تشويه، ما زال الناشطون يرفعون راية السلام بين ازقتها وطرقاتها في ما عززت المرأة الكربلائية توجهاتهم بالمزيد من السلمية.
ومثلما صمد الرجال في اقسى الظروف التي واكبوها، كانت للنساء وقفة لامثيل لها ليضعن بصمتهن في مؤازرتهم بين تحضير الطعام، وغسل الثياب، وبينهن ناشطات سخرن جهودهن في الجانب الثقافي والتنموي في سرادق خاصة لكل نشاط، كما كان للألوان نصيب، اذ عزفت انامل الفنانين على جداريات شوارع المدينة ليرسموا لوحات تحمل اسمى المعاني برمزيتها التاريخية والوطنية.
مشاركة نسويَّة
الناشطة المدنية والكاتبة منار قاسم استهلت حديثها قائلة: لا اعلم عن ماذا أتحدث وعن اي دور أتكلم، فمنذ اليوم الأول للتظاهرات ولهذه اللحظة انا موجودة مع أبنائي في ساحة الاحرار كما اطلق عليها مؤخرا
ً، مع المتظاهرين والقوات الأمنية، وقد شاهدت الكثير من الاعتداءات على المتظاهرين المطالبين بحقوقهم التي سلبت منهم لأعوام، وشاهدت الشباب الذين وقعوا من الغاز المسيل للدموع واطلاق الرصاص الحي والمطاطي، وتنشقت الغاز المسيل بجانب اولادي، هرولت معهم حينما تكاثر صوت الاطلاقات 
النارية.وتضيف قاسم: لكني لم أكن أعلم بأني قوية لهذه الدرجة، اذ تيقنت بأن قوتي جاءت من أبنائي المرابطين في ساحة التظاهر، فقد استمديت منهم  تلك القوة، ولا ادري كيف اصفهم.. انهم ابطال وانتهى، كنت معهم ليلاً ونهاراً استمتع بكلامهم عن الثورة وكيفية التعامل بسلمية للتخلص من المندسين الذين لا يريدون بهذا البلد 
خيراً.
وتقول قاسم: بعد أيام من الثورة قمنا وبمساعدة الموجودين في الساحة بتنظيم مخيم لاعتصام النساء، وللخصوصية في اوقات الصلاة وجلسات لهن من أجل تثقيفهن ودعمهن لتصحيح المسار، وتعزيز مشاركتهن في الثورة وتسجيلها وبثها عبر التطبيقات الالكترونية في مجاميع خاصة بالنساء لتستمع اليها من لم تتمكن من الحضور الى ساحة التظاهرات، وذلك باعتبار ان المرأة العراقية مستمرة بدعمها للتظاهرات السلمية من اول يوم للثورة، سواء في بيتها او في ساحة الاعتصام، وكان لام صلاح وغيرها من النسوة دور فعال في ساحة الاحرار في تحضير وجبات الطعام والخبز وغسل الثياب وما الى ذلك من اعمال تحملتها رغم كبر سنها، اذ تركت دفء بيتها لتكون قرب ابنائها.
 
أمل مرتقب
"خرجت مع كاميرتي لأوثق احداث ثورة تشرين" بهذه الجملة استهلت المصورة الكربلائية هبة علي حديثها وتابعت قائلة: عمدت الى التقاط الكثير من الصور لتكون ذكرى يخلدها التاريخ، ارى ان كل مشاركة هنا في ساحة الاحرار تكون بحسب اختصاص الشخص المشارك، ولكوني مصورة كانت مشاركتي بكاميرتي، امنيتي ان التقط في المرة المقبلة وجوهاً باسمة اعتلى محياها الفرح حينما ينالوا امانيهم المنشودة التي خرجوا من اجلها بدل شموعهم الذائبة على ارصفة الطرقات.
وتنوعت ثورة تشرين في سلميتها لتصل الى جدران شوارع كربلاء، فباشرت فرق من الفنانين برسم جداريات حول جسور وطرق وانفاق الشوارع الرئيسة في المدينة ليوصلوا بذلك رسالتهم الى كل العالم بانهم يريدون رسم السلام والامل والفرح بألوانهم الزاهية.
وقالت الفنانة التشكيلية زينب ابراهيم: شاركت بالثورة الحضارية للنهوض بالبلد بطريقة الشباب الواعي المطالب بالعدالة والسلام من خلال الرسم على جدران مدينتي كربلاء الحبيبة، ووضعت بصماتي على جدران نفق الاسرة في كربلاء وكانت اللوحات تحاكي رموز الوطن والتظاهر السلمي ويحتضنها الزي العسكري للجيش العراقي الحامي الاول للشعب، وكانت مشاركتي مع مجموعة من الفنانين والناشطين الذين وضعوا لمساتهم الوطنية بكل حب.
وختمت حديثها متمنية: من جمال التظاهرات في العراق هذه النهضة التي تجيب العالم بأجمعه عن مدى ثقافة الشعب العراقي وتحضره، ورسالتنا هي اننا لا نقبل بالفاسد حاكماً ولا بالسارق نائباً ولا بتاجر الدم ممثلاً.
 
أحرار تشرين
وتحدث الناشط المدني محمد الشريفي عن مشاركته في ساحة التظاهرات: منذ اليوم الثاني على التوالي ( 26 /11 ) أسست موكب أحرار تشرين بجهود ذاتية ضم شباب كربلاء الاحرار لتقديم الماء والطعام للاخوة المتظاهرين والمعتصمين السلميين، كما قمنا بنصب سرادق صغيرة داخل ساحة الاحرار( فلكة التربية سابقاً) بإمكانات بسيطة، وللأسف تعرض الموكب للخراب والحرق يوم(28 /11 ) اذ احرقت الخيام وأتلفت المواد الغذائية الموجودة داخله، ولكن الرجال الغيارى أبوا ان يبرحوا اماكنهم، فاستنفروا جهودهم من جديد لإعادة تشييد الخيام بأكبر حجم واكثر تجهيزات في المكان نفسه تحمل اسم الموكب نفسه (احرار تشرين)
واضاف: كانت مساهمات المشاركين بالدعم اللوجستي كثيرة حسب الحاجة المطلوبة، كما كانت للنساء مشاركات بذلك، حيث اسهم الجميع في رفدنا بكل شيء من تقديم وجبات طعام متنوعة صباحاً ومساءً والفضل يعود لأهل الخير، والى الان لا يزال الدعم مستمراً من قبل ابناء كربلاء لأخوتهم المعتصمين بكل ما تجود به ايديهم، وما زلنا نقدم خدماتنا لكل الاخوة المتظاهرين ونسأل الله التوفيق والسداد لخدمة الوطن وابنائه.
 
مشاركات مميزة
هذا كما شاركت العتبتان الحسينية والعباسية في الدعم اللوجستي للمتظاهرين من توفير وجبات الطعام والماء وغير ذلك من الامور الخدمية.كما كان للعتبة الحسينية المقدسة حضور مميز ولافت بتجهيز محفل قرآني على ارواح الشهداء ضم العديد من المشاركين ونخبة من القراء، حيث تم تشييد قبور رمزية للشهداء وايقاد الشموع بينها.
فضلاً عن المشاركة من قبل الشباب بحملات تنظيف واسعة لازالة آثار التخريب التي لحقت بالمدينة جراء اشعال الاطارات في الطرقات لقطعها وشل حركة السير لزرع الفتنة واغضاب الاهالي، فكانت لهم وقفة مشرفة بذلك، اذ وضعوا بعد رفع الركام لافتات مدعومة بالعلم العراقي.كما حضرت الى ساحات التظاهر نخبة من مثقفي المدينة لتشكيل مقرات مخصصة لهم في الخيام كالاعلاميين، وفرق الاسعاف الفوري، والفنانين، اذ يستأنف تواجدهم بعد الظهيرة وينضم اليهم ابناء المدينة العامة، وتكون فترة الصباح لطلبة الجامعات والمعاهد 
والثانويات.
وقال الكاتب والمحلل السياسي صالح الحمداني: التكاتف والتكافل والتعاون بين الشباب والشابات في مدينة كربلاء المقدسة لتنظيفها وتجميلها، حمل دلالات واضحة على أن الأمل ما زال موجوداً في ولادة عراق جديد بشعب حي وواع، ومتسامح ومبدع.
واضاف: محاولات الشباب الجادة للالتزام بالنظام والنظافة والتعامل الحسن، تحمل ايضاً مؤشرات واضحة على انهم يسعون لبناء مجتمع راق، ومتسامح، ومتصالح مع نفسه، ويتقبله الجميع.