واشنطن / نافع الفرطوسي
شهدت أسواق الأسهم الأميركيَّة انتعاشاً وتعافياً ملحوظين، إذ ساد اللون الأخضر في شارع "وول ستريت"، بعد أنْ أظهرت بيانات رسميَّة أنَّ نمو الوظائف في الولايات المتحدة خلال شهر تشرين الثاني سجل أسرع وتيرة في عشرة أشهر، كما أسهم في نشوة الأسهم بيان من وزارة المالية الصينية يشير الى أنَّ بكين ستتنازل عن الرسوم الجمركية على بعض مشتريات فول الصويا ولحوم الخنزير الواردة من أميركا، وتعززت المعنويات الإيجابية في أعقاب قول الرئيس دونالد ترامب إنَّ محادثات التجارة مع الصين "تمضي دون توقف".
تحسن اقتصادي
وتجاوز مؤشر داو جونز الصناعي أكثر من 337 نقطة أو 1.2 بالمئة، في حين ارتفع مؤشر ناسداك بنسبة 1 بالمئة ومؤشر ستاندرد آند بورز 500 دون ذلك المستوى بقليل.وأظهر تقرير نشرته "فوكس بيزنسز"، أنَّ الاقتصاد الأميركي أضاف 266 ألف وظيفة غير زراعية، إذ انخفض معدل البطالة إلى 3.5 بالمئة. وكان الاقتصاديون الذين شملهم الاستطلاع من قبل Refinitiv يتوقعون إضافة 180000 وظيفة جديدة ومعدل البطالة إلى 3.6 بالمئة.
وقال توني بيديكيان، رئيس الأسواق العالمية في ستيزنس بنك: "هذا رقم انفجاري ولا يزال الاقتصاد الأميركي يدور حول الوظائف". فيما أشاد المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض لاري كودلو بالتقرير وبالتحسن الذي يصنعه الاقتصاد الأميركي.ومما زاد في تحسن مؤشرات سوق الأسهم، بيان من وزارة المالية الصينية ذكر أنَّ بكين ستتنازل عن الرسوم الجمركية على بعض مشتريات فول الصويا ولحم الخنزير. ويأتي تعافي الأسهم بعد بداية صعبة لشهر كانون الأول الحالي الذي يعد شهرًا قويًا للأسهم.
اقتصاد مرن
وكانت ملامح تقرير وزارة العمل أقوى بكثير من الشهر الماضي، إذ أسهمت عودة عشرات الآلاف من عمال شركة جنرال موتورز المضربين إلى زيادة حركة التصنيع والناتج المحلي. وتحدى محرك التوظيف الأميركي مرة أخرى تجار الأسهم المتذبذبين والمتنبئين بالهبوط وخبراء الاقتصاد في الشريط الأزرق لتحقيق مكاسب ملفتة للنظر، مثبتاً قوة الاقتصاد المرن بشكل
استثنائي.
وأظهر تقرير التوظيف المطمئن الصادر عن وزارة العمل، زيادة في الرواتب مقدماً نقطة عكسيَّة للقلق الأخير بشأن الحرب التجارية المتصاعدة وضعف الاقتصاد العالمي.
وقال دانييل تشاو، كبير الاقتصاديين في موقع Glassdoor الوظيفي: "أعتقد أنَّ هذا التقرير يعد إقبالًا حقيقيًا، فقد حطمت الوظائف الجديدة وزيادات الرواتب كل التوقعات".
وعند 3.5 بالمئة، كان شهر تشرين الثاني هو الشهر الحادي والعشرون على التوالي بمعدل بطالة بلغ أقل من 4 بالمئة. ورفعت تنقيحات التقديرات السابقة متوسط فرص العمل والوظائف الجديدة الشهري للأشهر الثلاثة الماضية إلى 205،000 وهو إنجازٌ كبيرٌ للعام الحادي عشر للتوسع الاقتصادي.
ويكاد يكون معدل البطالة في أدنى مستوى طيلة نصف قرن، في حين ارتفعت الأجور 3.1 بالمئة عن العام السابق. وبالرغم من الزيادة الطفيفة في الأجور، فقد منحت الأميركيين الثقة لمواصلة الشراء، وهو أمرٌ مهمٌ في اقتصاد يمثل فيه إنفاق المستهلكين 70 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي.
أرباح ومكاسب
في مكان آخر، ارتفع سهم صانعة السيارات الكهربائية "تيسلا" بعد أنْ أعلنت بكين أنَّ سيارات السيدان 3 النموذجية المصنوعة في الصين ستكون مؤهلة للحصول على إعانات حكوميَّة. وعلى جبهة الأرباح، اكتسبت أولتا بيوتي أرباحًا مميزة بعد الإعلان عن معدل أرباحها في الربع الثالث والتي كانت متوافقة لتوقعات وول ستريت.
بينما حققت American Outdoor Brands نتائج أعلى من تلك المسجلة في الربع الثاني وتصدرت توقعات السنة كاملة قبل التقديرات، في حين ارتفعت Big Lots بعد تحقيق ربح غير متوقع، وكانت النسبة المئويَّة للمكاسب في الأسهم هي الأفضل منذ 32 عاماً.
التوتر التجاري
لكنْ وبالرغم من هذه الأرقام المشجعة، تستمر السياسة التجارية غير المتوقعة للبيت الأبيض في زعزعة بعض الشركات وتراجع الاستثمار، خاصة في مجال التصنيع.
ويقول مايكل جابين، كبير الاقتصاديين لباركليز في الولايات المتحدة: "عندما تنظر إلى العالم، هناك بعض الإشارات المبدئيَّة على أنَّ تباطؤ التصنيع العالمي بدأ في التراجع". مستدركاً "لكنْ قد يستغرق الأمر قطاع التصنيع الأميركي لفترة أطول قليلاً من بقية العالم لتحقيق الاستقرار."
وبالرغم من أنَّ الاتفاق التجاري المحتمل مع الصين سيكون موضع ترحيب، لكنَّ جابين قال إنه في هذه المرحلة لم يتوقع أنْ يفعل الكثير لرفع
النمو.
وأضاف "إنها أكثر من عودة إلى البداية"، مشيرًا إلى أنه من المحتمل أنْ تلتزم الصين في النهاية بالمشتريات الزراعيَّة التي ربما تكون قد أجرتها في وقت سابق من دون فرض رسوم جمركية. لكنْ يظل قطاع التصنيع الأميركي هو حجر الزاوية في اقتصاد هذا البلد، حسب
وصفه.
وبالضد منه قالت روبيلا فاروكي: إنَّ "ارتفاع متوسط الرواتب وانخفاض معدل البطالة وتزايد نسبة البالغين الذين ينضمون إلى قوة العمل يشير إلى أساس قوي". وأضافت "أعتقد أنَّ سوق العمل في كل مكان تبدو بصحة جيدة ونتوقع لها مزيداً من النمو".