ماذا يهم المستثمر أكثر.. تحقيق الأرباح أم تفادي الخسارة؟

اقتصادية 2019/12/15
...

عواصم/ متابعة 
 
 
ربما تسهم إعادة تعريف منظور المخاطر في المساعدة على تحقيق المزيد من المكاسب عبر تقليل الخسائر. تأتي هذه الرؤية في سياق تحليل نشرته مدونة أكبر شركة لإدارة الأصول حول العالم «بلاك روك» لرئيسة صندوق الاستثمار المتداول الأميركي فاكتور «هولي فرامستيد».
 
ماذا تعني «مخاطر»؟
في إدارة الأصول، من الشائع تعريف المخاطر بأنها الانحراف المعياري أو مقدار اختلاف العائدات الاستثمارية عن متوسط عائداتها، مع ذلك، في الغالب نجد أنَّ العملاء لا يفكرون في المخاطر بهذه الطريقة، ما يجعل بعض النقاشات صعبة. وبدلاً من ذلك، فإنَّ المخاطر بالنسبة للعديد من المستثمرين تعني بكل بساطة خسارة الأموال. ثم يصبح السؤال بعد ذلك: “هل هناك إجراءٌ بديلٌ يمكن أنْ يساعد العملاء في فهم المخاطر وبالتبعيَّة إدارتها بشكل أفضل؟”، يكمن أحد تلك التدابير في التقاط فترات الصعود/ الهبوط.
 
الاتجاه الصعودي والهبوطي
مفهوم الاتجاه الصعودي/ الهبوطي أو upside/downside capture بسيط للغاية، إذ إنَّ الاتجاه الصاعد أو upside يُعرف بأنه الفترات التي تحقق فيها الأسواق عائدات إيجابيَّة، في حين إنَّ الاتجاه الهبوطي أو downside  يشير إلى الفترات التي تشهد تسجيل عائدات سالبة. أما كلمة «Capture» فتشير إلى مدى مساهمة الاستثمار في عائد السوق.
وتتمثل إحدى الستراتيجيات التي تتمتع بالجاذبية عندما يتعلق الأمر بالتعرض الأقل للاتجاه الهبوطي للسوق في الحد الأدنى من التقلبات.
وتم تصميم “الحد الأدنى للتقلبات” من أجل تقليل المخاطر، مع الحفاظ على الاستثمار بنسبة 100 بالمئة في الأسهم، وما سبب أهمية ذلك؟
يميل البشر إلى الشعور بألم الخسائر أكثر من التمتع بالمكاسب المماثلة، ما يُعرف باسم “تفادي الخسارة”. ويعدُّ تفادي الخسارة أحد الأسباب التي تجعل العديد من المستثمرين يعرفون المخاطر بخسارة الأموال بدلاً من تعريفها الحقيقي المتمثل في الانحراف المعياري. ويمكن أنْ ينجم عن هذا التحيز قرارات متهورة (وربما سيئة) عندما تنخفض قيمة محفظتهم الاستثماريَّة. وعلى سبيل المثال، بسبب الخوف من الخسارة، سحب العديد من المستثمرين أموالهم من الأسواق خلال اضطرابات الربع الرابع من العام 2018 وحينئذ، فقط فقدوا مكاسب السوق في أوائل العام 2019. ومن المحتمل أن تساعد ستراتيجيات الحد الأدنى من التقلب في منع هذه القرارات المندفعة السلبيَّة للمستثمرين عبر تقليل المخاطر بطريقة تتماشى مع المستثمرين، بمعنى تشجيعهم على الاستمرار في الاستثمار خلال فترات الضغوط على السوق والمساعدة في إبقائهم على المسار الصحيح تجاه تحقيق أهدافهم المالية على المدى الطويل
 
الفوز بخسائر أقل
وعند القول بأنَّ ستراتيجية «الحد الأدنى للتقلب» في الولايات المتحدة حصدت 80 بالمئة من الاتجاه الصعودي لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مقابل 59 بالمئة فقط من الاتجاه الهبوطي، فإنَّ العديد من المستثمرين يفترض أنَّ ذلك يعني أنَّ الستراتيجية تخلفت عن تحقيق المكاسب المرجوة لكنْ مع مخاطر أقل.
 ولكن منذ نشأتها في العام 2008، فإنَّ ستراتيجية «الحد الأدنى للتقلب» قد تفوقت على مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنحو 2 بالمئة سنوياً. كيف يمكن لستراتيجيَّة تحققُ أداءً صعودياً أقل من متوسط السوق في أوقات الصعود أنْ تتفوق على المدى الطويل؟، الإجابة بسيطة وتكمن في أنَّ الحد الأدنى للتقلب قد كان قادراً على تحقيق عائدات تنافسيَّة تاريخياً من خلال هبوط أقل خلال عمليات التخارج من السوق. وبعبارة أخرى، فإن الاستراتيجية قد فازت عبر تسجيل خسائر أقل.
 وتترجم فكرة الفوز عبر خسائر أقل إلى نتائج طويلة الأجل للحد الأدنى من التقلبات كذلك. وفي حقيقة الأمر، من خلال الحصول على نصيب الأسد من الاتجاه الصعودي مقابل التقليل بشكل كبير من الاتجاه الهبوطي، فإن استراتيجية “الحد الأدنى من التقلبات” كانت من الناحية التاريخية قادرة على هزيمة عوائد الأسواق منذ نشأته، مع الحد من
المخاطر كذلك.