الأنظار تترقب قرار المحكمة الاتحادية بشأن «الكتلة الأكبر»

الثانية والثالثة 2019/12/21
...

بغداد / الصباح / مهند عبد الوهاب
 
بينما انتهت اليوم الأحد المدةُ الدستورية الممنوحة لرئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح لتسمية رئيس الوزراء الجديد بديلاً عن المستقيل عادل عبد المهدي؛ ووسط ترجيحات بعدم حسم الأمر بسبب الخلافات السياسية، تترقب الساحة العراقية – وبالخصوص رئاسة الجمهورية- قرار المحكمة الاتحادية المتوقع صدوره خلال ساعات بشأن تحديد الكتلة الأكبر في البرلمان والمكلفة باختيار وتقديم رئيس الوزراء، في وقت كشف مستشار رئيس الجمهورية عن مصدر الضغوط التي تمارس على الرئيس صالح بشأن تكليف رئيس للوزراء. 
وقال عضو مجلس النواب محمد عثمان الخالدي: إن «رئيس الجمهورية برهم صالح سيتحاشى تسمية رئيس الوزراء المقبل، لينتظر قرار المحكمة الاتحادية»، وأضاف ان «المحكمة الاتحادية ستجتمع (اليوم الأحد) باعتباره يوم دوام رسمي لإصدار قرار بشأن تحديد الكتلة الاكبر بناءً على طلب صالح للمحكمة».
وأوضح الخالدي، ان «المفاوضات ما زالت مستمرة بين الكتل، وقد تسلم رئيس الجمهورية مجموعة من المرشحين لتولي رئاسة الحكومة المقبلة بضمنهم حزبيون ومستقلون وعسكريون».
 
حديث المستشار
إلى ذلك، أوضح فرهاد علاء الدين مستشار رئيس الجمهورية برهم صالح، ان «مصدر الضغوطات المباشرة وغير المباشرة على رئاسة الجمهورية بشأن اختيار رئيس للوزراء هو عدم الانصياع لتكليف المرشح التابع لجهة من المعادلة البرلمانية تقابلها معارضة قوية من الجهة الأخرى»، وأضاف، ان «الجهات السياسية أغفلت الكثير من المسائل المهمة التي لابد أن ينتبهوا اليها بدل الهجمة على رئاسة الجمهورية منها:
- لم تحسم الكتل السياسية موضوع الكتلة الأكبر منذ اليوم الأول، وتم تكليف السيد عادل عبد المهدي خلال التوافق، نسوا أنهم قد يواجهون هذه المعضلة مرة اخرى في المستقبل، والآن عندما حان الوقت وأصبحوا بحاجة للكتلة الأكبر، يطلبون من رئيس الجمهورية أن يسمي لهم الكتلة الأكبر بدلا من مجلس النواب أو المحكمة الاتحادية وهذا خطأ كبير.
- اتساع رقعة الانقسامات داخل الكتل، وإحدى نتائج هذه الانقسامات هو عدم نجاحهم في اختيار مرشح مقبول من كل الأطراف، فتوجهت كل جهة بترشيح شخص وبالوقت نفسه تريد فرضه على الآخرين من دون امتلاكه الصفة القانونية كما سماها الدستور وهو أن يكون المرشح من الكتلة الأكبر أو متفق عليه من قبل الكتل كما حصل مع السيد عادل عبد المهدي.
- تعودت الكتل السياسية أن تحصل على ما تريد من خلال الضغط على الجهات المعنية وتناسوا بأن الضغوطات ليست أداة تعمل في كل الأحيان، وها هي ضغوطاتهم لم تجد نفعاً مع رئاسة الجمهورية، فتحول الضغط الى تهديد بالعزل متناسين بأن عزل رئيس الجمهورية لا يعدو كونه شعارا غير قابل للتطبيق بالصيغة القانونية.
- الكتل السياسية الضاغطة تريد تكليف مرشحها بغض النظر عما يريده الشارع والمرجعية والكتل البرلمانية الرافضة، وهذه المعادلة لا يمكن تجاهلها من قبل رئيس الجمهورية عند التكليف، لهذا السبب فإنه من الأفضل الاتفاق على شخصية مقبولة من قبل الأكثرية (وليس الكل) لكي يتم تمريره في البرلمان وبدون حرق الشارع، حيث نرى ساحات التظاهرات لهم بالمرصاد.
وتابع علاء الدين: «من الأجدر أن تفكر الكتل السياسية بشكل أوسع وتقدر الوضع السياسي العراقي والإقليمي والدولي، فالمعادلة القديمة أصبحت غير مجدية ولا بد من احتساب ما تريده المرجعية والمتظاهرين والكتل المعارضة قبل المضي بالضغط على الرئيس لاختيار مرشحهم، فهو لن يقبل به»، على حد تعبير مستشار رئيس الجمهورية.
 
الكتلة الأكبر
وكان رئيس الجمهورية برهم صالح، طالب المحكمة الاتحادية بالبت بشأن الكتلة الأكبر من خلال إرساله لجميع المخاطبات والطلبات بينه وبين مجلس النواب والكتل السياسية التي تتعلق بتحديد تلك الكتلة.
من جانبه، قال النائب عن كتلة صادقون النيابية، عبد الامير الدبي: إن “على القوى السياسية بمختلف مشاربها أن تدعم مرشح الكتلة الاكثر عدداً، من أجل إعادة تنظيم أوضاع البلاد وفرض سلطة القانون، وإعادة هيبة الدولة والنظام العام”، وأضاف، “هذا الطلب من أجل خلق جو مناسب لإقامة انتخابات مبكرة كفيلة بمشاركة جميع أبناء الشعب العراقي الجريح وبإشراف مباشر من هيئة الأمم المتحدة”.
النائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني بشار الكيكي، استبعد في حديث لـ “الصباح”، أن “تتم تسمية رئيس وزراء (اليوم الاحد) بعد انتهاء المهلة الدستورية”، مؤكدا إن “المرجعية الرشيدة اشارت الى أهمية تسمية رئيس وزراء خلال المدة الدستورية وعدم تأخير تشكيل الحكومة”.
وأضاف، ان “تأخير تسمية رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة، سيدخلان العملية السياسية في حرج كبير لأن المخرجات تشير الى ضرورة مراعاة بعض التوازنات”.
وأكد الكيكي، ان “التواقيع التي أيد بها النواب شخصيات معينة لمنصب رئيس وزراء غير ملزمة لرئيس الجمهورية الذي طالب مجلس النواب بتسمية الكتلة الأكبر، لذلك لا يحتاج الأمر إلى جمع تواقيع فردية لأنها لا تؤثر، ويجب أن يتم الترشيح من خلال الكتلة الاكبر”.
من جانبه، بين النائب عن كتلة سائرون أمجد العقابي، ان “رئيس الجمهورية لن يعلن شخصية رئيس الوزراء لأن بعض الكتل السياسية تطرح أسماء مفصلة على مقاساتها وغير مرغوب بها من قبل الشارع العراقي”، بحسب تعبيره.
وأكد العقابي لـ “الصباح”، ان “المرجعية الرشيدة طالبت من خلال منبرها بإجراء انتخابات عاجلة ومبكرة بعد أن شرع قانون الانتخابات المنصف الجديد، وستتكون بعدها كتلة أكبر متماسكة لتمضي بحكومة قوية تخدم مصالح الشعب”.
ودعا العقابي، رئيس الجمهورية برهم صالح الى الخروج للجماهير وطرح الاسماء المرشحة لديه على الشعب، وقال: إن “الشعب هو مصدر السلطات ورئيس الوزراء هو لكل العراقيين وليس حكرا لجهة سياسية أو حزب معين، بالتالي فإن الاسم ينبغي أن يطرح على الجماهير أولاً قبل تقديمه لرئيس الجمهورية أو الحديث به بالغرف المغلقة والكواليس”، مبينا إن “التذرع باحتراق الاسم هو كذبة يسعى من خلالها دعاة التحزب والمحاصصة لإبقاء مرشحهم بالخفاء لأنهم يعلمون جيداً انه مرشح متحزب وسيعمل لتوفير الأرضية لهم لتزوير الانتخابات واستغلال المال السياسي مستقبلا لسرقة تضحيات الجماهير”، على حد قوله.
 
حوارات سياسية
بينما لفت رئيس كتلة بدر النيابية حسن شاكر الكعبي، “، ان “الحوارات والنقاشات مستمرة للخروج باتفاق بشأن شخصية رئيس الوزراء”.
وأكد الكعبي، لـ “الصباح”، انه “في حال لم نتفق على شخصية رئيس الوزراء، فإن رئيس الجمهورية لديه العديد من الخطوات التي يمكن أن يتصرف خلالها وفق فقرات الدستور والقانون”، مبيناً ان “الاجتماعات المكثفة ستفرز شخصية محددة على اعتبار مشاركة الجميع في القرار، والاجماع على شخصية واحدة يجب أن يحظى بمقبولية الجميع سواء الكتل السياسية أو الشارع العراقي”.
في غضون ذلك، قرر تحالف البناء، تشكيل وفد للقاء رئيسي الجمهورية برهم صالح والمحكمة الاتحادية القاضي مدحت المحمود لحسم موضوع رئاسة الوزراء.
وقال مصدر مطلع: إن “تحالف البناء قرر خلال اجتماعه الذي عقد برئاسة النائب محمد سالم الغبان مساء أمس السبت، تشكيل وفد للقاء رئيسي الجمهورية برهم صالح والمحكمة الاتحادية القاضي مدحت المحمود لحسم موضوع رئاسة الوزراء”.
وأوضح المصدر، ان “وفداً من قياديي تحالف البناء، توجهوا عقب اجتماعهم إلى إقليم كردستان لإقناع القادة الكرد بشأن الكتلة الأكبر، فضلا عن وفد آخر لبحث الموضوع مع القوى السنية خارج تحالف البناء”.
القانون ينأى بنفسه عن السهيل
في السياق نفسه، أعلن ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي، أمس السبت، أنه لم يتبن ترشيح وزير التعليم قصي السهيل لرئاسة الوزراء، مؤكداً أنه يدعم خيارات المرجعية الدينية والشارع بشأن مواصفات المرشح.
وقال المتحدث الرسمي باسم دولة القانون النائب بهاء الدين النوري: إن “ائتلاف دولة القانون لم يطرح بشكل مباشر قصي السهيل كمرشح بديل عن رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي ولم يتبن ذلك”.
وأضاف النوري، أن “السهيل طرح من قبل تحالف البناء وليس دولة القانون كما أثير في وسائل الإعلام”، مشيرا إلى أن “دولة القانون مع توجهات المرجعية والشارع العراقي في طرح شخصية مستقلة تحظى بمقبولية الجميع”.
 
المرشح علاوي
النائب عن الجماعة الإسلامية الكردستانية سليم همزة، كشف عن تقديم وزير الاتصالات الاسبق محمد توفيق علاوي طلباً للقوى الكردستانية لغرض دعمه بالترشح لمنصب رئيس الحكومة المقبل.
وقال همزة: إن “محمد توفيق علاوي تقدم بطلب خطي لنواب التحالف الكردستاني وعددهم 50 نائبا لغرض دعمه في الترشح لمنصب رئيس الحكومة المقبلة”، مشيرا إلى إن “طلبه قيد المناقشة سواء بالحوار معه أو الحوار الداخلي بين القوى الكردستانية”.
أما النائب عن تحالف الفتح فاضل جابر، فأكد إن “النصيحة التي وجهتها مرجعية النجف بشأن الإسراع بتشكيل حكومة غير خاضعة للجدل والخلاف بين الكتل قد أحرجت الكتل السياسية التي كانت سبباً في تأخير اختيار شخصية جديدة لرئاسة الوزراء”.
وأضاف، أن “دعوة المرجعية منحت رئيس الجمهورية دفعاً معنوياً لعدم الالتفات الى ضغوط الكتل السياسية واختيار شخصية مقبولة من قبل الجميع وعلى رأسهم الشعب العراقي عامة والمحتجون خاصة”.
 
القوى والحكمة
في سياق متصل، أكد تحالف القوى العراقية، استعداده التنازل عن استحقاقه في الكابينة الوزارية الجديدة شريطة تحقيق التوازن الوطني.
وقال النائب عن التحالف فلاح الزيدان: إن “تحالف القوى عقد اجتماعاً قرر فيه استعداده للتنازل عن الكابينة الوزارية في الحكومة الجديدة في حال وجود رغبة من رئيس الوزراء الجديد بتشكيل الكابينة الوزارية بعيداً عن الكتل السياسية، بشرط تحقيق حفظ التوازن 
الوطني”.
بدوره، شدد النائب عن تيار الحكمة الوطني علي العبودي، على ضرورة أن يكون رئيس الوزراء المقبل فدائياً وشجاعاً، بينما أكد أن المرجعية والجمهور هما الظهيران الأقوى لرئيس الحكومة.
وقال العبودي في تصريح صحفي: إن “رئيس الوزراء يجب أن يكون فدائياً وشجاعاً وحازماً لقيادة الحكومة، ويجب أن يأخذ الملفات بشكل جدي ويعطي رسائل ايجابية الى المواطنين”.
وأضاف، ان “المرجعية والجمهور هما الظهيران الأقوى لرئيس مجلس الوزراء وهذا الشرف الرفيع لم يستفد منه العبادي وعبد المهدي، حيث التراجع والتراخي والفوضى هما سيدا الموقف”، بحسب تعبيره.
من جانبه، أعرب النائب عن كتلة صادقون، نعيم العبودي، عن موقف الكتلة من المناصب في الحكومة المؤقتة المقبلة.
وقال العبودي في تغريدة على حسابه في موقع “تويتر”: “موقفنا في كتلة صادقون لا نتبنى أي مرشح بعينه، بل إننا لسنا في وارد تقديم مرشحين لوزارات في الحكومة القادمة والتي ستكون مهمتها تهيئة الظروف لانتخابات مبكرة”.