أوروبا وروسيا يدينان عقوبات أميركيَّة بسبب {نورد ستريم 2}

اقتصادية 2019/12/24
...

واشنطن/ نافع الفرطوسي
 
عبر الاتحاد الأوروبي وروسيا عن إدانتهما للعقوبات الأميركيَّة التي تطال الشركات المشاركة في بناء خط أنبوب "نورد ستريم 2"، الذي يتكفل بنقل الغاز الروسي إلى أوروبا التفافاً عن أوكرانيا، ووصفوا أنَّ الشركات تؤدي أعمالاً مشروعة، بينما ذكروا أنَّ العقوبات الأميركيَّة تمثل تدخلاً غير مقبول في الشؤون الداخليَّة.

بينما وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على قانون إنفاق بقيمة نحو 1.4 تريليون دولار، من شأنه أنْ يوفر التمويل للحكومة حتى 30 أيلول، تفادياً لاحتمال حدوث إغلاق لمكاتب الحكومة ووكالاتها الفيدرالية، كما أعفى البرازيل من فرض رسوم إضافيَّة على واردات الصلب.
 
إدانات ورفض
المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، ذكر أنَّ "الاتحاد يعارض من حيث المبدأ، فرض عقوبات على شركات أوروبية تمارس أعمالاً مشروعة". كما دانت الحكومة الألمانية العقوبات، معتبرة أنها بمثابة "تدخل في شؤوننا الداخلية". وقالت أولريكي ديمير الناطقة باسم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في بيان: إنَّ "الحكومة ترفض هذه العقوبات خارج الحدود"، وأضافت، أنها "تؤثر في شركات ألمانية وأوروبية تؤدي أعمالاً مشروعة وقانونية، فضلاً عن أنَّ العقوبات تشكل تدخلاً في شؤوننا الداخلية وهو أمر نرفضه بالمطلق".
من جهتها، صرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أنَّ العقوبات تمنع دولاً أخرى من "تنمية اقتصاداتها"، وسخرت زاخاروفا من الولايات المتحدة بقولها: "من الغريب إنَّ دولة يبلغ دينها 22 ألف مليار دولار تمنع بلداناً تتمتع بالملاءة من تدوير اقتصاداتها الفعليَّة".
وكان الرئيس الأميركي قد وقع قانوناً تضمن تشريعاً يفرض عقوبات على الشركات التي تشارك في عمليات مد خط الأنابيب الروسي "نورد ستريم 2" الذي يهدف إلى مضاعفة الطاقة الاستيعابيَّة لنقل الغاز مع "نورد ستريم 1 الشمالي" عبر ألمانيا. وسيمكن الخط الجديد الذي سيمر في قاع بحر البلطيق روسيا من تخطي أوكرانيا وبولندا لتوصيل الغاز. إذ تعده واشنطن تعزيزاً لنفوذ موسكو وسيزيد اعتماد الأوروبيين على الغاز الروسي.
 
مشروع ومضاعفات
يمر أنبوب الغاز المنجز بشكل شبه كامل تحت بحر البلطيق ويلتف خصوصاً على أوكرانيا. ويفترض أنْ يسمح بمضاعفة الشحنات المباشرة من الغاز الطبيعي الروسي باتجاه أوروبا الغربيَّة، عن طريق ألمانيا، أكبر مستفيد من المشروع.
وخلال اتصال هاتفي مع نظيره الألماني هايكو ماس، كرر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو "معارضة بلاده الشديدة" لمواصلة بناء الأنبوب، ويفترض أنْ تقدم وزارة الخارجيَّة الأميركيَّة خلال ستين يوماً لائحة بأسماء الشركات والأفراد المعنيين بهذا القانون.
وتبلغ كلفة أنبوب الغاز هذا نحو عشرة مليارات يورو، تتولى شركة البترول الروسية العملاقة "غازبروم" تمويل نصفها بينما يأتي النصف الآخر من خمس شركات أوروبية.
 
استكمال المشروع
من جهتها قالت المجموعة المسؤولة عن خط أنابيب الغاز السيل الشمالي "نورد ستريم 2 ": إنها تسعى لاستكمال الخط الذي سيعزز إمدادات الغاز الروسي لأوروبا في أسرع وقت ممكن بعد أنْ أوقفت شركة مقاولات كبرى أعمال مد الخط بسبب عقوبات أميركيَّة.
وذكرت المجموعة أنَّ "استكمال المشروع ضروري جداً لتأمين الإمدادات لأوروبا". وأضافت "نحن وشركات تدعم المشروع سنعمل على إنجاز خط الأنابيب في أسرع وقت ممكن". وأكد مشروع نورد ستريم 2 أنَّ شركة (أولسيز) السويسرية الهولندية أوقفت أعمال مد الخط تأثراً بعقوبات أميركيَّة محتملة.
 
تفادي الإغلاق الحكومي
الى ذلك وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على قانون إنفاق بقيمة نحو 1.4 تريليون دولار، من شأنه أنْ يوفر التمويل للحكومة حتى 30 أيلول، لتفادى احتمال حدوث إغلاق للحكومة، وذلك قبل ما يتوقع أنْ يكون موسم انتخابات مثيراً للجدل.
وأوضح نائب السكرتير الصحفي للبيت الأبيض، جود ديري، أنَّ ترامب وقّع التشريع على متن الطائرة الرئاسيَّة أثناء سفره إلى منتجع مار ايه لاغو، حيث سيحتفل بعيد الميلاد ورأس السنة الجديدة. وتشمل إجراءات الإنفاق، التي ستضيف 400 مليار دولار تقريبًا إلى العجز على مدى 10 سنوات، أموالاً للجدار الحدودي الذي يفصل الولايات الأميركيَّة الجنوبيَّة عن المكسيك، كما تشمل كذلك رفع أجور العمال الفيدراليين المدنيين والعسكريين، وتمويلاً فيدرالياً لأمن 
الانتخابات.
وتم الإعلان عن إجراءات الإنفاق الضخمة في وقت سابق من هذا الأسبوع، وكانت في طريقها لتكرار مأزق نهاية العام الماضي، الذي أفضى إلى إغلاق حكومي جزئي لمدة 35 يومًا.
ونشأت المواجهة الأخيرة بعدما طلب ترامب من الكونغرس الموافقة على تخصيص ما يقرب من 6 مليارات دولار لتمويل الجدار الحدودي لكنَّ الأخير اكتفى بتخصيص أقل من مليار ونصف المليار فقط، الأمر الذي تسبب بخروج مئات الآلاف من موظفي الحكومة في إجازة غير مدفوعة أو أجبروا على العمل من دون أجر أثناء الإغلاق المذكور.
 
إعفاء البرازيل
من جهته، أعلن الرئيس البرازيلي، أنَّ نظيره الأميركي تخلى عن فرض رسوم جمركية على واردات الصلب والالمنيوم البرازيليَّة، وذلك إثر محادثة هاتفية 
بينهما.
وقال جاير بولسونارو: إن الرئيس ترامب "اقتنع بحججي وقرر عدم فرض رسوم على الصلب والالمنيوم البرازيلي المصدر إلى الولايات المتحدة".
وكان ترامب قد هدد في بداية كانون الأول بهذه العقوبات بسبب "تخفيض كبير" للعملة البرازيلية، لكنه عاد وأشار الى أنَّ "العلاقات بين الولايات المتحدة والبرازيل لم تكن يوما أقوى مما هي الآن".
ونفى بولسونارو، تلاعب بلاده بعملتها، مشدداً على أنَّ "الولايات المتحدة هي شريكتنا الكبيرة ولدينا الكثير من القواسم المشتركة. والصداقة الشخصية والود الذي بيننا ازداد 
قوة".
وكان ترامب أعلن في آذار 2018 فرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على واردات الصلب والالمنيوم من عدة دول قبل أنْ يلغيها بعد بضعة أشهر بالنسبة للارجنتين والبرازيل ودول أخرى. لكنْ في مقابل هذا الإعفاء قبلت البرازيل تحديد حصص تصدير.
واستوردت الولايات المتحدة في 2018 أكثر من 3,98 ملايين طن من الصلب من البرازيل تبلغ قيمتها نحو 2,5 مليار دولار، بحسب وزارة التجارة الأميركيَّة.
 
ارتفاع الصادرات
وفي المؤشرات الإيجابيَّة، أبقت الحكومة الأميركيَّة على تقديراتها لقراءة الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثالث عند 2.1 بالمئة، وذلك على الرغم من تعديل بيانات الإنفاق الاستهلاكي بالرفع.
وأظهرت بيانات صادرة بداية الاسبوع الحالي، أنَّ الإنفاق الاستهلاكي الذي يمثل نحو 70 بالمئة من إجمالي النشاط الاقتصادي الأميركي، ارتفع 3.2 بالمئة في فترة الأشهر الثلاثة المنتهية في أيلول، مقابل التقديرات الأولية عند 2.9 بالمئة ومقابل 4.6 بالمئة في الربع 
الثاني.
أما مؤشر الاستثمارات الثابتة، فقد تراجع بنحو 0.8 بالمئة، وهي وتيرة أقل من المسجلة في الأشهر الثلاثة المنتهية في حزيران حينما انخفضت بنسبة 1.4 بالمئة. وارتفعت الصادرات الأميركيَّة في الربع الثالث بنحو 1 بالمئة، مقابل انخفاض 5.7 بالمئة خلال الربع الثاني.
 
تدفقات نقديَّة
من جهته قال بنك "أوف أمريكا": إنَّ صناديق الأسهم العالميَّة استقطبت 14.8 مليار دولار خلال أسبوع في الوقت الذي أقبل فيه المستثمرون على شراء الأصول المرتفعة المخاطر بعد اتفاق الولايات المتحدة والصين على هدنة تجارية، وجذبت صناديق الأسهم البريطانية 1.1 مليار دولار في أسبوع حتى الأربعاء. وقال البنك إنَّ المستثمرين تخارجوا بما قيمته 29.8 مليار دولار منذ التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حتى أيلول 2019 ومنذ ذلك الحين تدفق 5.7 مليارات دولار إلى البلاد 
مجدداً.
في غضون ذلك جذبت هدنة تجارية مع الصين ووقف مجلس الاحتياطي الأميركي لزيادات أسعار الفائدة المستثمرين مجدداً إلى أسهم القيمة مع استقطاب صناديق أسهم القيمة الأميركيَّة لتدفقات بـ 10.2 مليارات 
دولار.