الروس يشكلون سفناً مزودة بصواريخ بعيدة المدى
قضايا عربية ودولية
2018/11/26
+A
-A
توم أوكونر
ترجمة: انيس الصفار
خلال السنة الماضية عمل الجيش الروسي على اعادة تنظيم قدراته الصاروخية وذلك بإنشاء وحدات جديدة اوكلت اليها مهمة الاشراف على استخدام الاسلحة الدقيقة بعيدة
المدى.
فقد نشرت صحيفة “النجم الاحمر”، وهي الصحيفة الرسمية الناطقة بلسان وزارة الدفاع الروسية، مقالة مؤخراً أجملت فيه احداث عام اعتبرته “علامة شاخصة” في تاريخ القوات المسلحة الروسية.
كشفت المقالة، التي تضمنت
تفاصيل استعرضت من خلالها المنجزات الدفاعية المختلفة، عن تشكيل منظومات للقيادة والسيطرة، بالاضافة الى وحدات خاصة مهمتها التخطيط لاستخدام الاسلحة عالية الدقة بعيدة المدى ووضع استعدادات الطيران للمهام التي تنفذها جميع انواع صواريخ
كروز.
جاء في المقالة التي بثت عبر المجلة الرسمية المذكورة ما يلي: “نتيجة لذلك انشئت مجموعات متكاملة من حاملات الاسلحة الدقيقة تمتلك القدرة على استخدام الصواريخ ضد الاهداف التي تقع على مسافات تصل الى 4000 كيلومتر.”
درع مقابل
قواعد هذه المجموعات، كما يشير تقرير وكالة انباء تاس الروسية التابعة للدولة، هي سفن حربية مسلحة بصواريخ كروز “كاليبر” تتواجد في بحر البلطيق وبحر بارنتس والبحر الاسود والبحر المتوسط ، وهي مواقع كانت للروس فيها جميعاً احتكاكات مع المنافس الرئيس، وهو قوات حلف الناتو العسكري الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة. فعلى مدى السنوات الاخيرة كانت العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة وحلفائها الغربيين في اوروبا مستمرة نحو التدهور، الى ان تداعت بشكل خاص عقب ضم موسكو شبه جزيرة القرم المجاورة اليها سنة 2014 اثر تطور احداث الفوضى السياسية في اوكرانيا. باشر حلف الناتو بتعزيز حدوده، لا سيما منطقة البلطيق وبولندا حيث بدأ العمل بإنشاء موقع دفاع صاروخي ثان من فئة “أيجيس” المضاد للصواريخ ليضاف الى الموقع المقام في رومانيا عبر البحر الاسود قبالة روسيا.
عبّر عدد من الدول المؤيدة للغرب المحاددة لروسيا عن القلق من النشاطات العسكرية التي تقوم بها القوة الاوراسية، ولكن موسكو بررت دفاعها عن حدودها بطرح حجة مفادها انها مضطرة للدفاع ازاء توسع حلف الناتو شرقاً. حذرت روسيا كذلك من الدرع الصاروخي الذي اقامته الولايات المتحدة ثم احاطتها به ورفضت كل الاتهامات لها بأن ما تفعله يعتبر تدخلاً في شؤون الدول الاخرى.
جاء في مقالة “النجم الاحمر” مؤخرا ما يلي: “لا مفر من الاشارة الى ردود الفعل المؤلمة التي ابدتها الدوائر السياسية في عدد من الدول الغربية ازاء الاجراءات المبررة التي يتخذها بلدنا لرفع قدراته الدفاعية المستقبلية بوجه تصعيد حلف شمال الاطلسي نشاطاته ذات الطابع الهجومي وتطويره بنى تحتية عسكرية غير بعيدة عن الحدود الغربية للاتحاد الروسي.”
تصاعد التوترات على هذا النحو جعل الجانبين ينغمسان في اجراء تمارين عسكرية تكاد لا تنقطع، الامر الذي ادى في بعض الاحيان الى مواجهات وشيكة وتراشق بالاتهامات حول انتهاكات للمجال الجوي. رغم ان القوات العسكرية الروسية تتمتع بأفضلية الموقع في المناطق الحدودية المباشرة مع اوروبا فإن قوتها لا يمكن مقارنتها بقوة الولايات المتحدة، لذلك بادر الرئيس فلاديمير بوتين خلال شهر آذار الماضي بمحاولة لإعادة التوازن في الميدان بالكشف عن ترسانة جديدة مما تصفه صحيفة “النجم الاحمر” بأنه اسلحة “فريدة ليس لها ما يناظرها”.
صاروخ كروز
كان الرئيس بوتين منكباً منذ سنوات على تحديث وتوسيع قدرات بلده عسكرياً لجعلها تواكب العصر، بيد ان الاضواء سلطت على صواريخ موسكو حين كشف بوتين في خطاب الحكومة السنوي ان ثمة مجموعة من الاسلحة المتقدمة ذات القدرات النووية تخضع حاليا للتطوير. شملت هذه الاسلحة الصاروخ البالستي “سارمات آر أس 28” العابر للقارات وصاروخ “كنزال” الذي يطلق من الجو وتفوق سرعته سرعة الصوت وصاروخ “افانغارد” الشراعي الطيران الذي تفوق سرعته ايضاً سرعة الصوت ومنظومة “بيريسفيت” القتالية التي تعمل بالليز ومركبة “بوسيدون” المسيرة التي تعمل تحت الماء وصاروخ “بوريفيستنيك” من فئة كروز العامل بالطاقة النووية.
في الميدان اثبت صاروخ كروز “كاليبر” منذ الان انه سند له وزنه في معارك القوات الروسية مع تنظيم “داعش” في سوريا، حيث اطلقت السفن والغواصات الحربية الروسية هذه الصواريخ على معاقل الجماعة من مواقعها في البحر المتوسط، حيث ترابط ايضاً سفن اميركية تقدم الدعم لعمليات مقابلة ضد “داعش”. اجرت روسيا تمارين حربية في اواخر شهر آب ومطلع ايلول ايضاً عندما كانت الولايات المتحدة تدرس امكانيات شن هجوم على الحكومة السورية حليفة موسكو.
اما في مياه بحر بارنتس المتجمدة الى الشمال فقد اطلق حلف الناتو خلال الشهر الماضي اكبر تمرين حربي له خلال عقود. وصاحبت تمارين “منعطف ترايدنت 2018” المستمرة حتى الان سلسلة من الاختبارات الصاروخية التي اجراها الروس في مكان غير بعيد حيث اتهمت موسكو التحالف الغربي بتصعيد اجواء
الخلاف من خلال مناوراتها المتعددة الجنسيات.