سالم مشكور
عندما يذكر اسم "الاعلام الحكومي"، فإن الذهن العراقي يتجه صوب شبكة الاعلام العراقي بوسائل اعلامها المختلفة، وهذا خطأ كبير منشأه رواسب الحكم الشمولي الذي خضع له العراق على مدى عقود طويلة، فمثل ذلك النظام ونظراؤه، يملك الحزب الحاكم أو الرئيس المتفرد، البلاد والعباد، والمواطنون عنده مجرد رعية، وحقوقهم الطبيعية تصبح مكرمات يمنّ بها عليهم. الاعلام عنده مجرد بوق لسياساته و"مكرماته"، لا سلبية أو نقصاً يُذكر فيه، ولا رأي ينتقد سياسة أو إجراءً يمكن أن يظهر فيه. في الأنظمة الديمقراطية، لا وجود لوسيلة إعلام مملوكة للحكومة، بل وسائل اعلام تمثل الدولة بما تعنيه من حكومة وشعب ومؤسسات دستورية، والشعب يتمثل بكافة فئاته وانتماءاته وتوجهاته السياسية بما فيها المعارضة تحت سقف الدستور والقانون. الاعلام الحكومي في الدول الديمقراطية، وتلك المتحوّلة نحو الديمقراطية - ومنها العراق - هو دوائر العلاقات والاعلام في المؤسسات الحكومية بدءاً من رئاسة الجمهورية والوزراء والبرلمان نزولا الى الوزارات والمؤسسات الأدنى، وذات الشيء ينطبق على الحكومات المحلية ومؤسساتها. وظيفة هذه الأقسام أو الدوائر الإعلامية، إيصال ما تقوم به من أداء لواجباتها الى جمهور المتلقين، لكن ليس مباشرة إنما من خلال وسائل الاعلام المتوفرة وهي مؤسسات خاصة الى جانب خدمة البث العام أو اعلام الدولة إن توفرت، وهي شبكة الاعلام العراقي كما في حالتنا العراقية، فالشبكة ملك عام لكل العراقيين، ومن حقهم أن يطلعوا من خلالها على سير العمل في الدوائر التنفيذية، بما فيها الثغرات والنواقص وحاجات الناس ومعاناتهم. اعلام الدولة ليس لعرض الواقع ورديّاً والتعتيم على نقاط الخلل، بل لعرض الواقع كما هو، ليكون- ومعه الإعلام الخاص، رقيباً ومعينا للأجهزة التنفيذية على تحديد الحاجات بغية معالجتها.
دوائر الإعلام في مؤسساتنا الحكومية (الاعلام الحكومي) تشكو ضعفاً مزمناً. أعداد كبيرة من الموظفين جلّهم بطالة مقنعة، والأداء ضعيف يترواح بين التطبيل للوزير أو المسؤول، والخمول والكسل والعجز عن إيصال حقيقة منجزات عديدة الى الجمهور عبر وسائل الاعلام التي تكون العلاقة معها – في الغالب- خاضعة للمزاجية والمواقف الشخصية. هذا الضعف يعني عدم تحقيق مبدأ الشفافية، وبقاء المواطن في جهل عما يدور إن كان انجازاً فيثق بالمسؤول، أو عجزا وقصوراً فيعذره.
استعادة ثقة الناس بالحكم تحتاج الى تنشيط إعلام المؤسسات الدستورية والتنفيذية .