البلاستيك يفتك بصحة الإنسان

ريبورتاج 2018/11/26
...

بغداد / رلى واثق
يكاد يكون خطر المواد البلاستيكية  احد سمات القرن الحالي، فقد تم استخدام تلك المواد في جميع نواحي حياتنا اليومية، حتى رضاعات الاطفال لم تسلم من هذا الخطر، وكذلك علب حفظ المواد الغذائية والادوية تم صنعها من مواد بلاستيكية، وهذا ما دفع الجهات العلمية المختصة في العالم للمطالبة بالتوقف عن الاستهتار بحياة الانسان، وضرورة وجود تشريعات قانونية صارمة تحدد وبشكل قاطع كيفية التعامل مع تلك العبوات والمواد البلاستيكية الخطيرة التي تتسبب بأضرار فادحة على البيئة وعلى صحة الانسان وسلامته.
أكياس صديقة للبيئة
المتحدث الرسمي باسم دائرة البيئة امير الحسون يعلن أن:
«هناك اجراءات للقضاء على استخدام البلاستيك المضر بصحة الانسان والبيئة، اذ سنبدأ مطلع العام ووفق قرار رسمي بالتقليل تدريجيا من استخدام الحافظات البلاستيكية في المولات ومطاعم وفنادق الدرجة الاولى، واستبدالها بالاكياس الصديقة للبيئة، وستسبق التنفيذ واثناءه حملة توعوية تثقيفية للقضاء على هذه الظاهرة بشكل تدريجي».
ويوضح الحسون بأنهم:
«جهة رقابية ليست تنفيذية، اذ سنفرض وفق القانون على الجهات التنفيذية سواء كانت ضمن القطاع العام او الخاص هذه الاجراءات، اذ يخولنا القانون منع اي ظاهرة لها اثار سلبية على المواطن وفرض ماهو مناسب له، وبخلافه تتم محاسبة المقصر بفرض الغرامة او الاحالة الى القضاء».
 ويضيف: «ان لمادة البلاستيك تأثيرا على البيئة وعلى صحة الانسان فاعادة تسخين المواد الغذائية في اوانٍ بلاستيكية تتحول الى مادة مسرطنة، هذا وان الموضوع تم تشخيصه من قبل المعنيين، ناهيك عن البحوث والدراسات التي اثبتت صحة المعلومات، وعليه سيتم اتخاذ الاجراءات اللازمة». 
وتطرق الحسون الى القناني المعبأة بالماء ومدى صحتها للانسان:
«الماء المنتج من قبل وزارة البلديات وامانة بغداد جيد جدا، ومع هذا سيتم اختيار مناطق معينة في بغداد والمحافظات لاجراء فحوصات امام المواطنين وبحضور منظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام، مع علمنا ان الماء المنتج من قبل الدولة هو افضل من الماء المعبأ، ففيه مواد تعقيم، اضافة الى مواد مفيدة صحيا للانسان، اذ اتضح ان من يعتمد على المياه المعبأة لديه نقص في مادة املاح الكالسيوم» .
 
استعمال مرة واحدة
مدير عام دائرة الصحة العامة في وزارة الصحة الدكتور حسن مسلم يبين أنه:
«حتى الان لم ندخل في هذا الموضوع، ففيه مواد كيميائية وصناعية، لكن لدينا تعليمات حول المياه المعبأة البلاستيكية، فممنوع ان تكون معرضة للشمس قبل استهلاكها، اما باقي الاستخدامات فتحتاج الى تفصيل، ولايمكن القول ان مادة البلاستيك تسبب السرطان، ولكن لابد من الالتزام بتطبيق التعليمات المثبتة على تلك الاواني والتي تؤكد ضرورة عدم اعادة استخدامها مرة اخرى».
 ويتابع أن: «هذا الامر يشمل العبوات البلاستيكية ذات فئة 2ـ 3 لترات والمخصصة لبرادات الماء، اذ يعمد الغالبية الى اعادة تعبئتها بصورة شخصية دون اللجوء الى المعامل المتخصصة، وهذا الاسلوب خاطئ، فالمعامل لديها اجهزة ومعدات واساليب خاصة في تنظيفها وازالة الترسبات وتعقيمها».
 
شهادة مطابقة
الناطق الرسمي باسم الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية عامر محمد أوضح أنه:
«يتم فحص المواد البلاستيكية، اذ هي جزء من قسم الصناعات الكيميائية الموجودة بدائرة السيطرة النوعية شرط ان يستوردها التاجر، لكن المشكلة التي تواجه عملنا الحدود المفتوحة على مصراعيها لادخال مختلف البضائع».
ويفسر محمد طبيعة عمل الجهاز بقوله: «عندما يعتزم التاجر الاستيراد يحتاج الى شهادة مطابقة من قبل الجهاز المركزي وان كانت مطابقة للمواصفات يتم منحه الشهادة وعلى اثرها يمكنه الاستيراد او يحصل عليها عن طريق الشركات الفاحصة، هذا وان للجهاز تعاونا مع دوائر الدولة، ففي حال تستخدم الدائرة في احد مشاريعها مادة بلاستيكية ترسل كتابا للاستفسار، ان كانت المادة صالحة للاستخدام او لا ويتم فحصها قبل الموافقة» .
 
أمراض سرطانية
الخبير البيئي حازم الربيعي يرى أن:
«التطور الصناعي قدم للبشرية الكثير ومنها المنتجات البلاستيكية بأنواعها سواء كانت منزلية او صناعية كالأواني البلاستيكية، الحاويات، الاكياس، وغيرها وتستعمل لأغراض متعددة كخزن المياه او الادوية وللاطعمة وفي كل مجال تقريبا، ونظرا للاستعمال المكثف لها من قبل الانسان ظهرت المشاكل الصحية التي انعكست على الانسان نفسه وكذلك على البيئة نتيجة تحلل المواد الداخلة في صناعة البلاستيك او الاستعمال المتكرر والخاطئ او تنظيف العبوات بمواد قاعدية او قلوية لازالة بعض الشوائب ومايزيد الامر خطورة هو استخدام البلاستيك الناتج عن عمليات التدوير وهذا مستخدم بشكل كبير في بلدنا العراق».
ويضيف بأننا:
«كبيئيين ننصح باستخدام المواد البلاستيكية لمرة واحدة، ونظرا لخطورة المواد البلاستيكية بشكل عام، فتم الاحتفال في الخامس من حزيران بيوم البيئة العالمي وتحت شعار مكافحة و مواجهة تلوث البلاستيك كونه بات يمثل الخطر الاكبر في جميع الدول، فالمواد البلاستيكية تصل الانسان عن طريق الغذاء او الهواء والتربة او المياه ومن اكثر الممارسات الخاطئة والمخالفة للمعايير البيئية مانجده في العراق، اذ انتشرت ظاهرة حرق النفايات بشكل واسع سواء كان على شكل رسمي من قبل المطامر المحددة في دوائر البيئة او من قبل اصحاب المحال والمنازل، لذلك نرى ان الحرق العشوائي يضم الكثير من المواد البلاستيكية التي تتحلل وتتفاعل مع مواد اخرى لتتحول الى (دايوكسينات) وهي من اشد المواد الكيميائية الخطرة على صحة الانسان وعلى البيئة، تعمل على اعاقة تكوين او تخليق البروتين في جسم الانسان، الامر الذي يسبب اعاقة او تثبيط الجهاز المناعي  في الانسان وينتج عنه عدة امراض». 
ويوضح حازم الربيعي أنه:
«مؤخرا ومن خلال البحوث المكثفة اكتشف العلماء ان (الدايوكسين) له علاقة وثيقة بمرض السرطان الذي يحدث للانسان، لاسيما الذين يتواجدون في الاماكن القريبة من حرق النفايات والتي تحتوي كميات كبيرة من العبوات او الحاويات والاكياس البلاستيكية». 
 
مخاطر وحلول
الاستاذ المساعد الدكتور في مركز بحوث السوق وحماية المستهلك بجامعة بغداد حمدية محمد الحمداني تبين أن صناعة البلاستيك تعتمد حاليا وبشكل كبير على المواد الاولية المستخرجة من النفط الخام والغاز الطبيعي والفحم، وتدعى الوحدات الاولية المشكلة للبلاستيك بـ(البوليمرات) وهي عبارة عن سلاسل كيميائية عملاقة تتكون من الهيدروجين والكربون والاكسجين والنيتروجين والكلور».
وتتابع بأننا «نستدل على مخاطر المواد البلاستيكية  لمكوناتها السابقة الذكر وللمواد المضافة اليها اثناء عملية التصنيع والتشكيل والتي تكسبها الصلابة او المرونة واللون، هذا مع اعتماد الطرق التقليدية في التخلص من المواد البلاستيكية، كالحرق والطمر الذي ينجم عنه انبعاث عدد كبير من الغازات والمواد السامة، وفي مقدمتها (الديوكسينات)، ومعادن ثقيلة ضارة تلوث مصادر الماء والتربة والهواء، كما ان دفنها في اعماق الارض يلوث مصادر مياه الشرب الجوفية، والقاءها في البحار والمحيطات يدمر كامل الحياة البحرية».
وتردف الحمداني أن الدراسات تدل على أنه يتم انتاج ما يقارب من بليون كيس بلاستيكي في العالم سنويا، وهذه الاكياس ينتهي بها المطاف في مكب النفايات، ولم يكن باستطاعة الباحثين اتلاف هذه المادة عالية الثبات قليلة التفكك بطريقة آمنة، فتراكمت هذه المخلفات الصناعية واخذت تهدد صحة الانسان وجميع عناصر البيئة».
وتوضح الحمداني تحذير الاطباء من استعمال الاواني البلاستيكية في حفظ الاطعمة والمشروبات بقولها:
«دلت التجارب المختبرية ان مادة (فورمالدهايد اليوريا) تتحلل عند تعرضها لاشعة الشمس او الحرارة، وهذا التحلل يحدث في الغالب جراء ملامسة الاطعمة والمشروبات الساخنة لتلك المواد مما ينتج عنه تسمم للاطعمة والتسبب في حدوث مشاكل صحية معقدة، اهمها زيادة فرصة الاصابة بالعقم ومرض السرطان وخلل التوازن الهرموني في الجسم واضطرابات في الجهاز العصبي وخلل في القدرات العقلية وضعف المناعة، ومن هنا حذر المختصون من استخدام الاكياس والاكواب البلاستيكية لنقل وحفظ وتناول الاطعمة
 والمشروبات».
وتفيد الحمداني أن الدراسات الطبية خلصت الى بعض الحقائق العلمية، من اهمها ضرورة تجنب ملامسة المواد الغذائية للبلاستيك، ومنع استخدم الاواني البلاستيكية في افران الميكروويف، لاسيما تلك المحتوية على دهون، ووضع الماء في قنان بلاستيكية وتبريدها او تجميدها في الثلاجة، واستبدالها بأواني البايركس او السيراميك، هذا وان لجوء بعض محال الوجبات السريعة الى تحضير وتقديم الاغذية في اوعية رغوية مصنوعة من البوليفينايل والتي ينطوي منها خطر صحي حقيقي، اذ تبين ان تلك الاوعية تتسرب منها بعض انواع الدايوكسين الخطير، والتأكيد  على ضرورة استبدال تلك الاوعية بأخرى مصنوعة من
 الورق».