السموم.. سر نجاح ومصدر إلهام أجاثا كريستي

ثقافة 2018/11/26
...

 فينيسا ثورب       ترجمة: ليندا أدور

 
 
 
كان السم حاضرا في أكثر من 30 من روايات الجريمة التي كتبتها، فالعديد منها كان القتل يتم عن طريق مادة سامة.لقد أحبت سمومها، فتارة نجدها قد وضعت السيانيد بكأس الشمبانيا، وتارةبجرعة مميتة من الستريكنين القاتل، أو ربما اخرى، وفي خضم أحداث "لغز الكاريبي"، نجدها مزجت مستحضرات تجميل بعشبة البيلادونا(ويسمى ست الحسن وهو احد أكثر النباتات سميّة في الشرق)*، انهاأجاثا كريستي، حيث يفسر لناسجل أحداثالحرب العالمية الأولى التي عاشتها كممرضة، يفسر لنا كيف استقت، المؤلفة الأكثر مبيعا، الهامها منها. 
 
الخيال القاتل
أعلن مؤخرا عن بطاقة الخدمة لكريستي عن عملها التطوعي في شهر تشرين الأول من العام 1914، كممرضة متدربة بمستشفى مؤقت، وقد عرضت الوثيقةأمام الجمهور لأول مرة بالتزامن مع ذكرى الهدنة التي انهت الحرب كجزء من أرشيف الصليب الأحمر البريطاني، فضلا عن الكشف عن صورة جماعية للكاتبة مع مجموعة المتطوعين. 
تشير بيانات بطاقة الخدمة الى ان كريستي خدمت لمدة أكثر من ثلاثة آلاف ساعة بمستشفى تاون هول، في مسقط  رأسها توركواي بمقاطعة ديفون، وانها عملت بتوزيع الادوية داخل المستشفى حتى نهاية الحرب، وهو الامر الذي ادخلها الى مجالالمواد الكيميائية التي غذت خيالها القاتل لاكثر من 50 عاما، لتمهد لها فيما بعد لتكون الروائية الاكثر مبيعا في العالم. يقول الآسدير بروكس، مدير أرشيفالصليب الأحمر، "المثير للسخرية، أنه بالأخذ في الحسبان النهايات المروعة التي آلت اليها حياة الكثير من شخوصها، الا أن كريستي كانت تصاب بالاغماء لدى رؤيتها منظر الدماء". 
كتبت كريستي عن مشفى 
توركواي، وتلك الحقبة في حياتها وهي في العشرينات من العمر،حين قدمت فيها الرعاية لجرحى الحرب وساعدت باجراء العمليات الجراحية وتنظيف موضع بتر الاعضاء،" كان علي غسل الدماء والقاءالاطراف المبتورة في محرقة النفايات 
بنفسي".
 
صيدلة وكيمياء
كان على اجاثا كريستي اجتياز العديد من الاختبارات لتصبح مساعد صيدلية فكان عليها دراسة الكيمياء النظرية والتطبيقية، وتلقت دروسا لدى احد صيدليي المدينة. كانت كل الوصفات تحضر يدوياوكان ضروريا الحفاظ على نسب الجرعات الصحيحة، فكانت الكثير من الجرعات الزائدة لأدوية تصرف دون وصفة طبية، فضلا عن الوصفات المستبدلة، هي السمة السائدة لرواياتها، وتطلب الكثير من سمومها المميتة تدريبا طبيا. يقول بروكس: "لو لم يتم ابعاد كريستي عن المشفى، للعمل في صيدلية، لما اكتسبت كل تلك المعرفة الشاملة بالسموم التي استخدمتها في صياغة الحبكة.
في روايتها الأولى، "قضية ستايلز الغامضة"، يستخدم القاتل مادة الستريكنين، والذي، كالزرنيخ، كان لا يزال يستخدم لاغراض طبية عندما بدأت مشوارها الروائي. تستذكر كريستي: "كان ذلك خلال فترة عملي في الصيدلية، قفز الى مخيلتي كتابة رواية بوليسية، وأن عملي الحالي، يوفر الظرف والفرصة المناسبة، فبدأت الاخذ بنظر الاعتبار أي نوع من القصص البوليسية سأكتب، لا سيما اني محاطة بأنواع مختلفة من السموم، فربما كان من الطبيعي ان الموت عن طريق التسمم هو الطريقة التي اخترتها".
 
الياسمين الأصفر
كان السيانيد، وهو الاداة الاكثر تفضيلا لدى الكاتبة في الموت بمادة كيمائية، متوفرا حتى منتصف الاربعينيات من القرن الماضي على شكل مبيدات منزلية وكانت قد استخدمته لقتل شخوص رواياتها "شرخ في المرآة" و"ثم لم يبق أحد" وبالتأكيد "بريق السيانيد". ضمت كتبها الكثير من النباتات السامة كالياسمين الاصفر، وكف الثعلب والشوكران، المعروفين بمفعولهما المميت. حتى انها حاولت القيام بتجارب أدبية باستخدام مواد كيميائية غير اعتيادية كالثاليوم والريسين.
عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، تطوعت كريستي ثانية، فتدربت بمشفى في لندن وعملت في صيدلية، في الوقت الذي كانت تخطط فيه لطرق جديدة في القتل. لكن الغريب في الأمر، ان كريستي ذكرت في حديث لاحق لها، بأنها كانت تفضل التمريض على الكيمياء بقولها: "لا يمكنني القول بأني استمتعت بالصيدلة قدر استمتاعي بالتمريض، لقد كانت أمرا مسليا بالفعل لبعض الوقت، لكنه أصبح مملا".
 
*صحيفة الغارديان البريطانية