إياد مهدي عباس
يأتي اهتمام الدول والأمم بشريحة الشباب بوصفها قوة اجتماعية هائلة لما تمتلكه من حماس فكري وطاقة كبيرة، فالشباب هم العصب والقوة الفاعلة في تطوير المجتمعات ولهذا نجد ان الدول المتقدمة نجحت في تسخير هذه الشريحة وإعطائها دوراً فاعلاً في بناء حاضرها ومستقبلها .
اما في العراق فقد اسهم الكثير من العوامل في إبعاد الشباب عن دورهم في التصدي لدورهم الحقيقي في بناء المجتمع والدولة فيمكن ان يلاحظ المتابع للشأن العراقي غياب نسبة مهمة منهم عن الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي ومن أهم اسباب ابتعاد الشباب عن دورهم الحقيقي الآليات الخاطئة في تسلم المسؤوليات في مؤسسات الدولة، فضلاً عن غياب الستراتيجيات الاقتصادية التي تسهم في إنجاح التنمية الاقتصادية الشاملة والبقاء على الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على النفط كمورد وحيد لرفد الموازنة العراقية وتهميش دور الصناعة والزراعة والسياحة وقطاعات أخرى مهمة بما يضر بمصير الشباب وضياع فرص العمل، فأصبحوا يبحثون عنها في دول أخرى بعيداً عن وطنهم .ولهذا أصبحنا أمام ظاهرة سلبية أخذت بالتزايد لتصبح خطراً يهدد مستقبل الشباب العراقي، حيث لم تكن ظاهرة هجرة الشباب الى الخارج بمعزل عن تداعيات الفساد المالي والإداري وفشل النظام السياسي في بناء دولة المؤسسات التي كان من المفترض ان تضمن العيش الكريم لهؤلاء الشباب ومنحهم الفرصة الحقيقية لممارسة دورهم في بناء الدولة الحديثة وتوفر لهم فرص عمل لاستيعاب طاقاتهم العلمية .ولا بد من الإشارة هنا الى ان شريحة الشباب هي الشريحة الأكثر فاعلية في المجتمعات بوصفها قوة مجتمعية قادرة على التفاعل مع الممارسات والمفاهيم الديمقراطية والإنسانية الحديثة.ولم يكن الشباب بعيدين عن الهجمة الإرهابية التي تعرض لها العراق بل كانوا المستهدف الأول من خلال محاولة الأجندات الطائفية تجنيد الشباب ليكونوا في
صف الإرهاب التكفيري ضد مشروع بناء الإنسان وبناء الدولة الحديثة في العراق .ومن اجل تضييق الهوة بين الشباب والدولة، لابد ان نكون أمام مبادرات وإجراءات حكومية سريعة لدعم الشباب من اجل تحسين واقعهم الحالي ومنحهم الدور الحقيقي الذي يستحقونه في صناعة القرار والمشاركة في الأحداث المهمة والمصيرية التي يمر بها العراق ومن اجل تعزيز ثقافة حب الوطن والتمسك به والدفاع
عنه .ولقد كان تطوع الشباب واستجابتهم لفتوى المرجعية والانخراط في صفوف القوات الأمنية للدفاع عن العراق مثالاً حياً على تحمل الشباب للمسؤولية التاريخية التي كانت اختباراً صعباً لهذه الشريحة المهمة من شرائح المجتمع .
ومن هنا فان الشباب يستحقون من الحكومة الاهتمام والرعاية وان يكون لهم نصيب في الإصلاحات الجديدة والنظر في احتياجاتهم والبحث عن مخرجات ناجحة لتوظيف الشباب المبدعين والخلاقين في بناء العراق ومنحهم الفرصة الحقيقية للتصدي للمهام الوطنية واستثمار الكفاءات والعقول النيرة في إنجاح مشروع بناء الدولة الحديثة والحفاظ على الطاقات العلمية التي لابد ان يستثمرها العراق ويحول دون هجرتها الى دول اخرى.