احتجاز روسيا لسفن أوكرانية يثير أزمة خطيرة ببحر آزوف

قضايا عربية ودولية 2018/11/27
...

موسكو/ كييف/ وكالات 
 

 حالة مواجهة جديدة ظهرت على الساحة الدولية لتنذر بتوتر  ليس بجديد لكن كان مضمورا تحت الرماد اذ اندلعت في وقت متأخر من ليلة الأحد/ الاثنين، أزمة خطيرة بين روسيا وأوكرانيا، على خلفية احتجاز البحرية الروسية 3 سفن حربية أوكرانية في بحر آزوف، وتضاربت رواية الطرفين للحدث، ففيما أكدت موسكو أن السفن المحتجزة اخترقت المياه الإقليمية وقامت بمناورات استفزازية، أنكرت كييف الأمر وقالت ان البحرية الروسية أطلقت النار على سفنها وأقدمت على احتجازها في عمل عدواني.
وطلبت روسيا عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لمناقشة الوضع في بحر آزوف، عادّة ما قامت به سفن جارتها المتحالفة مع الغرب من أعمال "البلطجة وقطاع الطرق"، في وقت أعلنت فيه كييف حالة التأهب القصوى وتطبيق الأحكام العرفية وأطلقت نداء عاجلاً لحلفائها لمساندتها، فيما قامت قواتها بقصف مدفعي ثقيل لمناطق جمهورية دونيتسك الشعبية المعلنة من طرف واحد في إقليم دونباس والتي تدعمها موسكو.
جلسة طارئة
بدوره قال نائب المندوب الروسي الدائم في الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي: "على ضوء المستجدات الخطيرة للوضع في بحر آزوف وما تبعها من تطورات، طلبت روسيا عقد جلسة طارئة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي بموجب بند جدول الأعمال الخاص بـ(الحفاظ على الأمن والسلام الدوليين)"، وأضاف الدبلوماسي الروسي، أن عقد الجلسة تقرر بشكل أولي في الساعة الثانية بتوقيت نيويورك ( قبل منتصف ليل الاثنين بتوقيت بغداد).
وأعلنت السلطات الروسية أن ثلاث سفن حربية أوكرانية دخلت بصورة غير شرعية إلى المياه الإقليمية الروسية قاصدة مضيق كيرتش، ونفذت مناورات خطرة واستفزازية قرب جسر القرم، ما دفع البحرية الروسية إلى إطلاق النار واحتجاز السفن الأوكرانية.
واعتبر نائب وزير الخارجية الروسي غريغوري كاراسين، أن كييف والغرب قررا اللجوء إلى تدبير الاستفزازات في بحر آزوف، بهدف تهيئة الأجواء لتشديد العقوبات ضد روسيا.
وقال كاراسين في تصريحات لوكالة "نوفوستي" أمس الاثنين: "للأسف تحققت أسوأ مخاوفنا من أن الغرب وكييف اختارا بحر آزوف حلبة لنشاط استفزازي أوكراني يتسبب بسرعة في فضيحة دولية يريدانها".
وتابع: "أهداف هذا الاستفزاز واضحة، وتتمثل في دفع أوكرانيا عبر إعلان حالة التأهب، وحشد المشاعر المعادية لروسيا في الغرب، وتشديد العقوبات ضد روسيا"، وأشار كاراسين إلى أن "مثل هذه الأجواء ربما تسهل على (الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو) خوض حملته الانتخابية"، استعدادا للانتخابات الرئاسية المقررة في الربيع المقبل.
 
قطّاع طرق
وبخصوص قطاع الطرق علقت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على الوضع في مضيق كيرتش ببحر آزوف، معتبرة أن كييف تدبر الاستفزازات باستخدام "أساليب قطاع الطرق".
وكتبت زاخاروفا على الفيسبوك: "بعد أن مزقوا أوكرانيا إربا إربا، سيتجول (الرئيس الأوكراني بيترو) بوروشينكو عبر العالم مع جميع بلطجية انقلاب الميدان في كييف على خطى (الرئيس الجورجي السابق ميخائيل) ساكاشفيلي لإلقاء محاضرات حول فائدة الديموقراطية".
وأضافت ساخرة: "إنهم أكملوا إحلال السلام في دونباس، وانتقلوا الآن إلى مضيق كيرتش،  هؤلاء قطاع طرق، ويلجؤون لأساليب البلطجة، إذ يدبرون الاستفزاز في البداية، ثم يلجؤون للقوة، ليتهموا روسيا بعد ذلك بالعدوان".
 
حالة تأهب قصوى
في المقابل، صوت مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني في الساعات الأولى من فجر أمس الاثنين، لصالح إعلان حالة التأهب في البلاد لمدة 60 يوما وتطبيق الأحكام العرفية، وذلك على خلفية أحداث بحر آزوف، وأعرب الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو تأييده لقانون حالة التأهب، وقال بوروشينكو إن فرض حالة التأهب لا يعني بالضرورة أن كييف "ستقوم بعمليات هجومية، وإنما ستتخذ إجراءات محددة للدفاع عن أراضيها وحماية مواطنيها وتأمينهم".
وأكد أن القانون "لن يحد من حقوق وحريات المواطن وأن تطبيقه لا يعني التعبئة الفورية، ولكن سيكون هناك تدريب للخدمة العسكرية الإلزامية في المقام الأول"، ولفت إلى أن تنفيذ قانون التأهب، لن يؤثر في الوضع في دونباس، وقال: "هذا القانون، لا يعني تغيير الموقف على خط التماس في مناطق معينة من دونيتسك ولوغانسك ومناطق أخرى".
وأضاف بوروشينكو، "نوجه نداء إلى الائتلاف العالمي المؤيد لأوكرانيا، بضرورة توحيد جهودنا، طلبت عقد محادثات مع الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبيرغ، وتأكد أنها ستعقد فعلا، كما ستجرى مشاورات مع زعماء عدد من الدول".
كما دعت الخارجية الأوكرانية في بيان لها من أسمتهم بحلفاء وشركاء كييف لردع روسيا عبر "فرض عقوبات جديدة وتشديد العقوبات القائمة"، إضافة إلى منح أوكرانيا مساعدات عسكرية، مطالبة روسيا بإعادة "الممتلكات العسكرية المحتجزة إلى الطرف الأوكراني وتعويض ما لحق بها من خسائر".
وأعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية أنها وضعت قواتها المسلحة في "حالة التأهب"، وقالت الوزارة في بيان: "بناء على قرار مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني بشأن إدخال النظام القانوني للأحكام العرفية، أمر رئيس الأركان العامة — القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية بوضع تشكيلات ووحدات القوات المسلحة الأوكرانية في حالة تأهب قصوى"، وأضاف البيان، "تم تعزيز إجراءات مكافحة التجسس لمنع حدوث المزيد من الاستفزازات على أراضي أوكرانيا من قبل القوات الروسية الخاصة وزعزعة استقرار الوضع في البلاد".
 
مهاجمة السفارة وقصف دونيتسل
في الوقت نفسه أفادت قناة "112 أوكرانيا" التلفزيونية بأن مجموعة من المحتجين، رشقت مبنى السفارة الروسية في كييف بالقنابل الدخانية على خلفية الأحداث في بحر آزوف، وأضافت القناة أن رئيس شرطة كييف أندريه كريشينكو وصل في الحال إلى منطقة السفارة، بدورها، استدعت الخارجية الروسية السفير الأوكراني في موسكو، وسلمته مذكرة احتجاج، مطالبة بحماية بعثتها الدبلوماسية في كييف.
إلى ذلك، أفادت وكالة "نوفوستي" الروسية، بأن القوات الأوكرانية بدأت قصفا مكثفا بمختلف أنواع الأسلحة على جمهورية دونيتسك الشعبية المعلنة من طرف واحد جنوب شرق أوكرانيا والتي تدعمها موسكو، وأضافت الوكالة نقلا عن مراسلها أن "المدفعية الثقيلة كانت بين الأسلحة التي استخدمتها القوات الأوكرانية في القصف على أحياء دونيتسك".
 
الناتو يراقب التطورات
الى ذلك وفي تصريح لشبكة "CNN" الأميركية، قالت المتحدثة باسم منظمة حلف شمال الأطلسي أونا لونغيسكو، إن حلف شمال الأطلسي "يدعم بشكل كامل سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها"، ويدعو روسيا إلى "ضمان الوصول دون عوائق إلى الموانئ الأوكرانية في بحر آزوف"، وأضافت، أن "الناتو يراقب عن كثب التطورات في بحر آزوف ومضيق كيرتش ونحن على اتصال بالسلطات الأوكرانية، ندعو الى ضبط النفس وتهدئة التصعيد".
 
احتجاز السفن
وكان مركز العلاقات العامة في جهاز الأمن الفدرالي الروسي، أعلن في بيان فجر أمس الاثنين، احتجاز سفن البحرية الأوكرانية "بيرديانسك" و"نيكوبول" و"ياني كابو"، التي انتهكت الحدود مع روسيا الاتحادية، وأوضح المركز الروسي أنه تم احتجاز السفن الأوكرانية لانتهاكها الحدود البحرية قبالة جمهورية القرم الروسية، وتم اقتيادها إلى ميناء مدينة كيرتش شرقي القرم، وأشار مسؤول في فرع الأمن الفدرالي الروسي في القرم، إلى أنه تم رفع دعوى جنائية وفقا لأحكام القانون الجنائي
 الروسي الذي يعاقب على اجتياز الحدود الروسية بصورة لا شرعية، وأضاف المسؤول أن ثلاثة عسكريين أوكرانيين أصيبوا بجروح طفيفة أثناء احتجاز السفن، وأن الجانب الروسي قدم لهم الإسعافات اللازمة وهم بحالة صحية جيدة.
من جانبه، أكد مدير شركة "موانئ القرم البحرية " إعادة فتح مضيق كيرتش أمام حركة السفن التجارية، وذلك غداة إغلاقه على خلفية انتهاك سفن حربية أوكرانية المياه الروسية وتداعيات الحادث، وأفادت صحيفة "إزفيستيا" نقلا عن مصدر في وزارة الدفاع الروسية، بأن أسطول البحر الأسود والقوات الجوية الفضائية الروسية سيشغلان طائرات بلا طيار من طراز "أورلان- 10" و"فوربوست" للقيام بدوريات في منطقة مضيق كيرتش لحماية الحدود البحرية ومنع وقوع استفزازات جديدة 
هناك.
 
الرواية الأوكرانية
في المقابل سردت كييف حدث احتجاز سفنها بشكل مغاير للرواية الروسية، إذ قالت وزارة الدفاع الأوكرانية في بيان ان الزوارق الحربية الصغيرة "بيرديانسك" و"نيكوبول" وزورق السحب "يانا كابو" تعرضت للهجوم من قبل البحرية الروسية خلال مرورها من بحر أوديسا إلى البحر الأسود ثم بحر آزوف، وقالت البحرية الأوكرانية ان 6 من البحارة أصيبوا في الحادث.
ويعد مضيق كيرتش في بحر آزوف، شريان حياة اقتصاديا هاما بالنسبة لأوكرانيا وروسيا على حد سواء، وبحر آزوف الذي تجري فيه الأزمة الحالية، بحر متفرع من البحر الأسود في جزئه الشمالي ويتصل به عن طريق مضيق كيرتش، ويطل على الشواطئ الأوكرانية من شماله وعلى روسيا من جهة الشرق وشبه جزيرة القرم من الغرب، وتذكر المصادر أن التسمية جاءت من الحاكم الكيوماني (أو الكبشكي) (إحدى القبائل التركية) للمنطقة والذي مات دفاعا عن قرية قرب مياه البحر وكان يسمى بآزوف، بينما يرجع آخرون التسمية لكلمة "آزاك" التي تعني في التركية الأرض
 المنخفضة.