تمجيداً لواقعة الطف الخالدة، أسدل الستار على مسابقة “سيد الشهداء” التي أقامتها شبكة الإعلام العراقي مؤخراً، فاز الشاعر علي تايه بالمركز الأول للشعر الشعبي، كانت القصائد المشاركة فصحى وشعبية، وهناك فائز أيضاً في الكتابة الفصيحة. وكيف لا يفوز وهو ابن الديوانية المعطاء، مدينة الإبداع والحب والجمال والفنون، وسليل الشعراء العظام شاكر السماوي وعزيز السماوي وعلي الشباني.
تابعت حلقات البرنامح واستمعتُ لكتابات الشاعر فوجدتها تمتاز بقوة الإقناع بلا انفعال، ولا حذلقة في الإلقاء، أو حيلة لكسب درجات اللجنة.
كانت الصور الشعريَّة لديه مؤثرة وواضحة الدلالة والمقاصد، لأنها صادقة ومختارة من بطولات الإمام الحسين واصحابه الشجعان “ع”.
قدم لنا الواقع بطريقة سحريَّة مدهشة، فيها الكثير من الجماليات العالية، والبساطة الأخاذة الممتزجة بخيال شعري ليس له حدود.
مازج بين الهم الديني والوجع الوطني القائم منذ أزمنة سالفة، والحسين إمامٌ معصومٌ وشخصيَّة وطنيَّة ثائرة ضد الظلم والجور والفساد، وساعية الى الإصلاح وتشذيب الأخطاء وتصحيح المسار.
ابتعد الشاعر عن لغة الدم والسيوف والموت والصليل، واقترب من مفردات الغزل الناعمة، برغم ما جرى من كوارث إنسانيَّة على أرض كربلاء.
استخدم تايه مفردات مموسقة وذات غنائيَّة جاذبة، تحتوي على شجن قريب من الإنشاد والترتيل، والنواح الشيق الممتزج بالأمل والحب والحلم والطموح.
نأى الشاعر عن البكائيَّة والتوسل والعويل، وقابل الموت بالخلود والظمأ بالماء الطافح ما بين السطور، والحرارة بالرذاذ الهاطل من السماء على العطاشى، والظلام بحزمة لا تنطفئ من الأضواء والمشاعل. استطاع إقناعنا بقوة الروح أولاً، ومن ثم يأتي الجسد المتماسك، ولو كان متناثراً في بيداء موحشة.
تنقَّل بين الضمائر حسب الأهميَّة الإبداعيَّة، فمرة يكون راوياً وتارة يتحدث عن الأعداء، وأخرى يقوم بدور البطولة، وبكل الحالات هو شاعر متمكن من التوصيل والإدهاش والإثارة، وعدم الوقوع في الزحافات الشعريَّة وانه كما لا يقول لا يعرف الأوزان ويكتب على السليقة.