مايسي ريان
ترجمة: الصباح
تقوم الولايات المتحدة بتعزيز قوتها في قاعدة التنف داخل الحدود السورية في خطوة تصفها بأنها لمواجهة القوة الايرانية المضادة لها في المنطقة. وكانت الفكرة الأساس لانشاء هذا الموقع العسكري الصغير هي تقليص حجم الأراضي الخاضعة لداعش. ووصف الجنرال جوزيف فوتل قائد القيادة الأميركية الوسطى التنف عنصرا أساسيا في المهمة العسكرية المستمرة للقضاء على داعش وضمان عدم عودته مجددا. لكن أهميته الستراتيجية بوقوعه موازيا للطريق السريع الرابطة بين دمشق وطهران المساندة للحكومة السورية، جعل تلك القاعدة حصنا غير مقصود أمام النفوذ الايراني في سوريا وموضعا محتملا ضمن خطط البيت الأبيض لمواجهة خصومها في المنطقة.
وذكر مسؤول أميركي لم يكشف عن هويته أن الوجود الأميركي المستمر في التنف يظهر عدم رغبة الولايات المتحدة بترك الشرق الأوسط عموما وسوريا خصوصا حتى يتحقق وضع أمني يلبي احتياجاتها واحتياجات حلفائها.
فقد تعهد الرئيس ترامب بجعل المواجهة مع ايران تمتد الى حلفائها في المنطقة، بدءا من لبنان واليمن وصولا الى سوريا، وهذا التعهد هو محور ستراتيجيته الحالية لمنطقة الشرق الأوسط. وبدأ بالفعل بفرض عقوبات اقتصادية على طهران وانسحب من الاتفاق النووي معها.
ضد التصعيد
يقول مسؤولون أن الولايات المتحدة ستبقى في سوريا حتى تغادر القوات الايرانية التي ساعدت عبر دعم عسكري ومالي هائل ببقاء الحكومة السورية وقلبت مسار الحرب هناك. وذكر الجنرال فوتل خلال زيارته قاعدة التنف مؤخرا أنها تتمتع بمزايا أخرى أهمها مواجهة خصوم الولايات المتحدة المتمثلة بايران وحلفائها، لأن الوجود العسكري الأميركي فيه يزيد صعوبة انشاء طهران لتواجد عسكري يساعد الحكومة السورية على استرداد مناطق خارج سيطرتها. وتضم قاعدة التنف مئات الجنود الأجانب وقوة مماثلة من المسلحين السوريين المعارضين، ما يوضح الطريقة الأميركية في مواجهة ايران عبر مسلحين معارضين للدولة السورية، مع تصعيد مسؤولين كبار حرب الكلمات وتكثيف الضغط الاقتصادي والدبلوماسي على طهران. وظهرت المخاطر العالية للتواجد الأميركي في سوريا العام الماضي عندما أطلقت القوات الأميركية النار على قوة حليفة لايران كانت قرب قاعدة التنف. وأسقطت تلك القوات طائرتي درون ايرانيتين قرب القاعدة في أخطر مواجهة مع الايرانيين منذ دخول القوات سوريا عام 2014.
لكن قادة الجيش الأميركي عارضوا تصعيد أي نزاع مع ايران، مؤكدين سعيهم لتهدئة الصراعات المسلحة لما بعد أحداث 11 أيلول، وتبنوا التحول نحو مواجهة التهديدات الروسية والصينية.
وشعر القادة بالحذر أيضا من تكاليف تصعيد التصريحات بين واشنطن وطهران، حيث تحتفظ مجاميع بالقوة لشن هجمات على الأميركيين في المنطقة كما حدث في العراق بعد العام 2003.
وبعد طرد داعش من منطقة التنف سنة 2016 أسس الجيش السوري موطئ قدم هناك. ثم تمكنت القوات الأميركية من الوصول الى القاعدة عبورا من الأردن، وبمرور الوقت أسست أميركا وجودا أكبر وأكثر قوة.
تدرب القوات الأميركية شركاءها من المجاميع السورية المسلحة على الرماية وتكتيكات أخرى، وتنضم اليهم أحيانا في دوريات عبر المناطق المجاورة القاسية قليلة السكان. وانتقلت بعض القوات الأميركية من القتال ضد بقايا داعش الى مناطق موازية لنهر الفرات شمالا، للعمل مع الكرد السوريين. وبينما تزداد سيطرة الحكومة السورية ع
لى مناطق المسلحين السابقة، صعدت سوريا وروسيا مطالبهما بانسحاب أميركا من التنف لعدم الحاجة لوجودها هناك.
صحيفة واشنطن بوست الأميركية