هناك عشرة مؤشرات اقتصادية يمكن من خلالها التعرف على المشاكل ووضع الحلول المناسبة بغية القيام بالخطوات الاصلاحية ورسم مسار سهل التنفيذ من قبل القائمين على الملف الاقتصادي للعراق.
تبلغ نسبة العمالة في القطاع الزراعي (20 بالمئة ) بينما نسبة هذا القطاع من الناتج المحلي الاجمالي لا تزيد عن (6 بالمئة ).
وتصل نسبة العمالة في القطاع الصناعي الى (16 بالمئة ) بينما نسبة اسهام هذا القطاع في الناتج المحلي الاجمالي لا تزيد على (4 بالمئة ).
أما نسبة العمالة في القطاع النفطي فلاتزيد (2 بالمئة ) بينما نسبة هذا القطاع من الناتج المحلي الاجمالي تزيد على (50 بالمئة ).
وتبلغ نسبة الايرادات النفطية الى الايرادات العامة أكثر من (90 بالمئة )؛ فيما تبلغ نسبة النفقات الجارية الى النفقات العامة أكثر من (76 بالمئة )؛ في وقت تمثل فيه نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الاجمالي أكثر من (50 بالمئة ).
أما نسبة العجز في الميزان التجاري ماعدا النفط (30) مليار دولار؛ في حين يبلغ مؤشر الاستدامة المالية عدا النفط نحو 165 بالمئة؛ كما تشكل نسبة عرض النقود المحتفظ بها عند الافراد نحو (60 بالمئة ) وداخل الجهاز المصرفي نحو (40 بالمئة )، فضلا عن ان نسبة مساهمة الايرادات الضريبة الى الايرادات العامة نحو (8 بالمئة ).
هذا الوضع يسميه الاقتصاديون (الخلل البنيوي أو الهيكلي في الاقتصاد) أذ ان الناتج المحلي الاجمالي في العراق مختل من أهم جوانبه الاقتصادية، والقطاعان الزراعي والصناعي خير مثال على ذلك، هذا ما يتكلم عنه المختصون والوزراء والمسؤولون وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
فلماذا لا نستطيع ان نرفع نسبة مساهمة القطاع الزراعي والصناعي في الناتج المحلي الى الان ، الاخير تزداد فيه نسبة قطاع الخدمات والقطاع النفطي، والاخير عرضة دائماً لتقلبات الاقتصاد.
من الضروري ان يلتفت القائمون على الملف الاقتصادي الى :
أولاً - زيادة تخصيصات الموازنة للقطاع الزراعي والصناعي، والعمل على توفير المياه للأراضي الزراعية بانسيابية، فضلاً عن تضمين اجراءات وقوانين حمائية للمنتج المحلي، مع تقليل الضرائب على السلع الوسيطة الداخلة في العملية الانتاجية لهذين القطاعين لتحقيق الانتاج النهائي بكلف منخفضة نستطيع منافسة المستورد بها.
ثانياً - منع المتنفذين من التلاعب بالاموال المخصصة و التصرف بالعقود بكيفية دونما رقيب.
ثالثاً -التوجه نحو التنمية الحقيقية وتنضيج أهدافها وممكن أن يكون أحد الحلول المطروحة هو العمل وفق مبدأ النمو غير المتوازن في القطاعات الاقتصادية، لكوننا لا نمتلك الموارد الكافية لتنمية كل القطاعات دفعة واحدة، فهناك تجارب فاشلة لكثير من البلدان النامية التي اتخذت من نظرية الدفعة القوية او نظرية النمو المتوازن في الاقتصاد من اجل تحقيق أهداف التنمية، والعراق دخل ضمن هذه الدائرة او الحلقة المفرغة بعد عام 2003 عندما وجه موارد الموازنة العامة دفعة واحدة نحو القطاعات الاقتصادية، فلو توجه الاقتصاد نحو الاهتمام بقطاع معين (الى جانب القطاع النفطي) وأبقاء بقية القطاعات على حالها، لأستطاع ان يبدأ بداية صحيحة في منافسة بقية السلع المستوردة، والتي اصبح لها أسواق واذواق خطيرة على الزراعة والصناعة.
رابعاً - التوجه نحو الاستثمار الاجنبي المباشر من خلال تسهيل عمل الشركات الاجنبية، وفتح اوسع الابواب لها عن طريق التسهيلات الائتمانية والضريبية وتفعيل نظام النافذة الواحدة، فضلاً عن توجيه الاستثمار نحو قطاع السكن والصحة والتعليم والطاقة، لأهمية هذه القطاعات في الحياة الاقتصادية والاجتماعية التي لها تماس مباشر مع المجتمع.
خامساً - تصحيح عمل الموازنة وجعلها موازنة اداء تعمل على تصحيح الاخطاء والانحرافات في مسار الايرادات والنفقات عبر مؤشرات الاداء، فضلاً عن تتبع الايرادات الضريبية ووصولها بأمان الى خزينة الدولة.
سادساً - استثمار الاراضي التابعة للدولة في بناء المصانع المتوسطة لتلبية حاجة السوق ولتقليل البطالة الاعتيادية والمقنعة داخل القطاع الزراعي والصناعي وبقية القطاعات.
سابعاً - منح رخص استثمارية وبتسهيلات لا محدودة للمستثمرين الراغبين بانشاء: مدارس، كليات، مستشفيات، مجمعات سكنية، ابنية صناعية، اسثمار سياحي، واستثمار زراعي بمنتوج معين.
ثامناً - وقف بيع الاراضي الزراعية والاراضي التابعة للوزارات وامانة بغداد، ومنع أي استغلال للمتنفذين داخل بغداد الذين يمنحون رخصاً من أجل انشاء "مولات" تجارية" ، فنحن نحتاج قطاعا صناعيا وليس تجاريا.
تاسعاً - هيكلة القطاع المصرفي وجعله يلبي حاجة القطاع الحقيقي من خلال مساهمته في تقديم التسهيلات الائتمانية اللازمة للقطاع الخاص سواء للمشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة.
عاشراً - تحديد مستويات الدين العام بمستوى يسمى "سقف الدين" عبر سن قانون " المسؤولية المالية" الذي يحدد من خلاله الدين العام من الناتج المحلي الاجمالي بنسبة (60 بالمئة ) او أقل من ذلك لأن النسبة التي حددها الاتحاد الاوروبي في اتفاقية " ماستريخت" قد تكون غير ملائمة للدول التي يعتمد اقتصادها على الايرادات النفطية بنسبة اكثر من (90 بالمئة ).
*باحث اقتصادي