الجذر اللغوي والاداء التداولي لـ {الاعلام}

فلكلور 2020/01/24
...

بغداد / محمد اسماعيل
 
تأتي كلمة إعلام، تصريفاً لغوياً، لجذر الميزان الصرفي "ع ل م" وهو إخبار او إشعار او إبلاغ او إعلام، عكس الإجهال، وبالتالي.. تداولياً يعني الاطلاع والمعرفة والإحاطة والتأطير والاحتواء، في امتداداتها.
قبل النفاذ الى عوالم البلاغة، شعبياً، يقال للموت خبراً؛ لأنه حتمية منتظرة وكل نفس لها كتاب موقوت بميعاد؛ إذ يقال شعبياً: "جاء خبر فلان" أي حان موته؛ ولأن الموت مشروع قائم الاحتمال، فهو مستقبل حاضر باستمرار، يكاد يكون ماضياً بحكم كونه واقعاً لا محالة.
أما في علم البلاغة، فيتوزع الكلام بين إنشاء وخبر.. لا يخفى أن معنى الانشاء هو التداول الجمالي الحالم في التداعيات اللغوية، أما الخبر فهو المعلومة التي تبلغ بها اللغة، إذن الخبر جوهر البلاغة، برغم كون الإنشاء أجمل، في تمفصلات البلاغة.. بين الحدين الرياضيين.. الخبر والانشاء.. تداولياً.
اصطلاحاً، تعني كلمة إعلام في استخدامها الحديث: "الاتصال Communication" والحضارة كرست هذا المعنى، من خلال الصحف ووكالات الانباء والاذاعات والتلفزيونات ووسائل التواصل الاجتماعي والنشرات وإعلانات
الطرق.
الاعلام نتاج تفاعل الفن والسلوك والتدبير والارشاد، فالمادة الاعلامية، معطى نهائي، يتسلمه المتلقي جاهزاً مفتوح الشفرات، مسهماً بحل الالغاز القبلية العالقة لدى عينة التعرض إزاء حال ما او قضية او حدث، لهذا يتداخل أحياناً أكثر من نوع إعلامي لتحقيق النتيجة المهنية المرجوة.
يتسع الخبر الى متابعة وتقرير وريبورتاج وتحقيق، حسب متطلبات الاشباع التي ترضي فضول الجمهور وتغذي الرأي العام وتبلور موقفاً شاملاً.. راسخاً ورصيناً.
 ما يعيدنا الى المنطلق الاساس، وهو الفن والسلوك والتدبير والارشاد، التي تتضافر على تحقيق مبدأ الإيصال الامثل، المقوم للإعلام، عائدين الى المربع الاول، في تعريف الاعلام كعلم وفن وخدمة وجمال.
اما ماهية الاعلام، فهي كونه علماً قائماً بحد ذاته، ولهذا يدخل فيه الفن كأداء جمالي مبهر، في الصنعة الاحترافية، معتمداً السلوك الادائي القويم من قبل الاعلامي كفرد، وألا يبني صياغاته على معلومات غير مؤكدة او منحازة.. وغير المؤكدة تعتمد دقة المصدر وكثافة إطلاعه المباشر وعلاقته الملتصقة بالحدث، والتي من شأنها ترصين الاعلام او نخره متهافتاً جراء افتقاره للمصداقية التي تتحول الى فضيحة بمجرد انكشاف الحقيقة، إذا ذهب الاعلامي الى الخلط عامداً.. من باب الانحياز؛ الامر الذي يستفز الطرف النظير، الذي لن يدخر وسعاً في إثبات
الزيف!