يقبعُ أكثرُ من 200 طفلٍ تونسي من أبناء عصابات “داعش” الإرهابية في كل من ليبيا وسوريا والعراق، معظمهم محتجزون في السجون مع أمهاتهم، وأثار موضوع عودتهم إلى بلدهم الأصلي مخاوف التونسيين من إمكانية تأثر هؤلاء بالفكر الإرهابي خاصة بعد استعادة تونس في الأيام القليلة الماضية عددا منهم من الجارة ليبيا.
رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبد الكبير، أكد ان “استعادة تونس لهؤلاء تعد خطوة مهمة لإنقاذ الطفولة، خاصة أن هؤلاء الأطفال لم يرتكبوا جرائم ولا يجب أن يدفعوا ثمن ما اقترفت أيدي أوليائهم”، وأضاف، أن “لا أحد يختار أمه أو أباه”.
وتابع عبد الكبير: أن “هذه الخطوة تأتي استجابة لمحاولات عدة للمرصد التونسي لحقوق الإنسان مع الهلال الأحمر الليبي والمنظمات الدولية للضغط على السلطات التونسية والليبية من أجل ترحيل هؤلاء الأطفال إلى بلدهم الأصلي بهدف تأمين حياتهم وضمان مستقبلهم خاصة مع تأزم الأوضاع الأمنية في ليبيا مؤخرا”.
وبيّن عبد الكبير أن نهاية المعارك مع عصابات “داعش” الإرهابية في درنة وبنغازي ومصراتة في ليبيا، كشفت عن وجود العشرات من الأطفال التونسيين المنتمين إلى آباء قاتلوا مع العصابات الإرهابية بينهم أيتام وآخرون مصحوبون بأمهاتهم أو أخواتهم، ويبلغ عدد هؤلاء في حدود 40 طفلا تتراوح أعمارهم بين 5 و12 سنة.
وأكد رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان أن 36 طفلا تونسيا من أبناء الدواعش ما يزالون عالقين في ليبيا، 15 منهم بقوا في مصراتة و21 في معيتيقة، بعضهم مصحوبون بأمهاتهم وعددهم عشرون، وآخرون يتامى، بينما يقبع آباء آخرين في السجون.
وفي ذات السياق، قالت رئيسة نقابة السجون والإصلاح، ألفة العياري: إنه “من واجب تونس أن تحيط بهؤلاء الأطفال وتدمجهم ضمن مراكز مختصة تتضمن مختصين في مجال الطب النفسي والاجتماعي، من أجل إعادة تأهيلهم ذهنيا ومن ثم ادماجهم مجددا في المجتمع”.
وتابعت: “لكن ما يخيفنا هو عودة هؤلاء الأطفال صحبة ذويهم وأمهاتهم اللاتي اخترن عن طواعية الانضمام إلى عناصر متطرفة وسمحن لأنفسهن بأن يكن وسيلة لهو للدواعش وقبلن بجهاد النكاح”.
وأضافت العياري أن دخول هؤلاء الأمهات إلى تونس عن طريق أبنائهن يشكل خطرا على اعتبار أنهن يحملن الفكر الداعشي وساهمن في زرع العدوانية في أذهان هؤلاء الأطفال، وهو ما يستوجب أخذ تدابير معينة واتباع ستراتيجية دقيقة في التعامل معهم، خاصة وأن بعض هؤلاء الأطفال هم في سن الوعي ما يعني إمكانية حملهم لأفكار متطرفة.
ويتصدر التونسيون بحسب تقارير أمنية استخباراتية قائمة الجنسيات الأكثر انضماما إلى صفوف التنظيمات المتطرفة في العراق وسوريا والجزائر وليبيا، فمنذ العام 2011 انضم نحو 4 آلاف تونسي إلى عصابات “داعش” في سوريا والعراق بحسب الأمم المتحدة، في حين التحق نحو 1500 آخرين بالتنظيم في ليبيا، ويثير خطر تسلل هؤلاء إلى تونس وتنفيذ عمليات إرهابية مشابهة للتي حصلت في السنوات التي لحقت الثورة مخاوف حقيقية لدى التونسيين والسلطات الرسمية، بينما ما يزال مصير أبنائهم رهينا ما سيفضي إليه المسار القضائي بين تونس والبلدان الحاضنة لهم.