مجلس النواب اللبناني يقرّ موازنة 2020

الرياضة 2020/01/27
...

بيروت / جبار عودة الخطاط
 
أقرَ مجلسُ النوابِ اللبناني أمس الاثنين موازنة 2020 والتي وضعتها حكومة رئيس الحكومة السابقة سعد الحريري وحولتها للمجلس قبيل استقالتها، في وقت تواجه فيه البلاد أزمة مالية وسياسية شديدة، ووجد مجلس النواب صعوبة في اكتمال نصابه للانعقاد حيالها بعد مقاطعة حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب فضلا عن مستقلين.. الجلسة  تمكنت بعد التي واللتيا من الانعقاد بنصاب بعث فيه الروح وصول نواب “كتلة المستقبل”، اذ بلغ عدد النواب 65 نائبا لتلتئم الجلسة في وضع بالغ الصعوبة وعلى وقع احتجاجات واشتباكات عنيفة شهدها وسط بيروت. 
تعقيدات الوضع
رئيس ​الحكومة​ ​حسان دياب​ الذي وجد فريقه الحكومي نفسه إزاء قانون موازنة إشكالي لم يصغه ولم تكن له يد في إعداد بنوده علق في جلسة الموازنة قائلاً :”لا شيء عاديا في ​لبنان​ اليوم، كل شيء استثنائي وتعقيدات الظروف تملي علينا التصرف بمنطق الضرورة والعجلة”، لافتا إلى انه “نتمسك بالصلاحيات المعطاة لنا ونضع نصب أعيننا مصلحة البلد”.
ولفت إلى ان “الحكومة في ظل وضعيتها الراهنة قبيل نيلها الثقة هي حكومة تصريف أعمال ويفترض ان يكون عملها محصورا باعداد ​البيان الوزاري​ وبالتالي لا يمكن لها المثول في جلسة مناقشة ​الموازنة العامة​”, وأكد “لن نعرقل موازنة أعدتها الحكومة السابقة وناقشتها ​لجنة المال​ واكتملت اجراءاتها”.
في السياق، ردّ حسان دياب على نواب كتلة المستقبل بشأن ما اذا كان يتبنّى موازنة الحكومة السابقة، قائلا: “لو لم نتبن الموازنة لما حضرنا الجلسة اليوم ​​​​​​“.
 
دستورية الجلسة
وكان النائب عن كتلة المستقبل ​سمير الجسر قد اعتبر​ في كلمة له في ​مجلس النواب​ أن “الجلسة غير دستورية “، مشيرا الى “اننا نسأل رئيس ​الحكومة​ ​حسان دياب​ هل هو يتبنى هذه ​الموازنة​ أو لا يتبنّاها”، لافتا الى أنه “كنّا من باب الضرورة نشرّع فيمكن عندها لدياب من باب الضرورة أيضاً استرداد الموازنة ولكنّ السؤال الأساسي هل يتبنى هذه الموازنة أم لا؟”.ورد رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ تعقيبا على عضو كتلة “المستقبل” النائب ​سمير الجسر​ في جلسة مناقشة الموازنة بالتأكيد “هناك عرف بأنه بمجرد صدور مرسوم التكليف، ينتقل تصريف الاعمال من الحكومة القائمة إلى الحكومة الجديدة”، لافتا إلى ان “الحكم استمرارية والفصل بين السلطات
 قائم”.
وشدد على ان “حق التشريع مطلق لمجلس النواب، لذلك الظرف استثنائي وأكثر من ضروري”، لافتا إلى ان “الحكومة أمامها 3 أو 4 أشهر من أجل نيل ثقة الناس والشعب وإذا لم يكن هناك من موازنة منتهية لن تستطيع هذه الحكومة التحرك”.
 
لجنة المال والموازنة
بينما أعتبر رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان  “ان الموازنة خيار عملي ومسؤول يندرج ضمن نطاق استمرار انتظام نظام الموازنة (2017 الى اليوم) وهو أفضل من فوضى الإنفاق وفق القاعدة الاثني عشرية على أساس اعتمادات موازنة العام  2019” ، وقال في جلسة مناقشة موازنة 2020 في المجلس النيابي:”نحن أمام مشروع أعدّ قبل 17 تشرين الأول 2019 وشكّل بداية انتقال جدي من نهج كلاسيكي قائم على تأجيل الاصلاحات البنيوية الى  انطلاقة وان كانت خجولة لمسار اصلاحي عملنا وما زلنا في المجلس النيابي على اعتماده قبل الحكومات المتعاقبة.”وأضاف:”احداث 17 تشرين وانعكاساتها بدلت كثيرا من توقعات وتقديرات مشروع الحكومة فتقدير الواردات انخفض  حسب تقدير وزارة المال في اللجنة إلى /13.325/ مليار ليرة، أي بنقص يبلغ /6.491/ ليرة”.
عملية تجميلية
واشار كنعان الى” أن التفاهم مع مصرف لبنان وجمعية المصارف أجرى عملية تجميلية موقتة للنفقات ينتهي مفعولها بعد سنة والإجراءات المعتمدة في تقسيط تعويضات الصرف على مدى ثلاث سنوات هو من قبيل الهروب إلى الأمام، موضحا أن التفاهم مع مصرف لبنان وجمعية المصارف حصل قبل السابع عشر من تشرين الأول وفي حال عدم الالتزام بهذا التفاهم فان العجز سيرتفع إلى أكثر من /12.000/ مليار ليرة”.وأفاد كنعان:”توصي لجنة المال باقرار موازنة 2020 ضمن المهلة الدستورية لأول مرة منذ سنوات والتقييد بسقف الاعتمادات وتطبيق الاصلاحات الواردة فيها وبالتوصيات ووضع خطة حكومية انقاذية محورها الأساس معالجة عجز الكهرباء ومعالجة الوضع المصرفي من خلال تصور يستعيد الثقة بالقطاع.. توصي لجنة المال بوضع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص موضع التنفيذ وانهاء المسح الشامل للادارة بهدف اعادة الهيكلة وفق حاجات المرحلة بعيدا عن الاعتبارات الطائفية والحزبية والانتخابية..توصي لجنة المال باقرار منظومة اقتراحات القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد و استرداد للأموال المنهوبة ورفع الحصانات والسرية المصرفية والمحكمة الخاصة للجرائم المالية في اطار واحد ومنسق محوره قانون الاثراء غير المشروع”.
اشتباكات غاضبة
وشهد وسط بيروت الأثنين اشتباكات بين المحتجين الناقمين الذين حاولوا الوصول لمجلس للنواب المنعقد لمناقشة قانون الموازنة و القوى الأمنية التي تصدت لهم.. المحتجون كانوا يسعون الى منع النواب من الوصول للمجلس وبالتالي الحيلولة دون إقرار قانون الموازنة فهذا القانون “ وضعته  الحكومة السابقة بعد سلسلة من الاجتماعات البائسة” كما قال لـ “الصباح” المحتج المهندس علي حرب “وحولته  لمجلس النواب، وبالتالي هي موازنة لا تنسجم من حيث الأرقام مع الواقع المعاشي الحالي الذي تعيشه المؤسسات الحكومية من حيث تفاقم الأزمة الاقتصادية والنقدية، فكيف يريدون تمريرها بهذا الشكل؟ “
وقد تقدمت عناصر مكافحة الشغب في اتجاه المحتجين قرب جريدة النهار بعد ان تجمعت أعداد كبيرة منهم وهم يرشقون القوى الامنية بالحجارة والمفرقعات. وما لبثت أن ارتفعت حدة المواجهات قرب جريدة النهار وفي باب ادريس بعدما حاول محتجون قطع الطريق ومنعتهم القوى الامنية.
وعلمت “الصباح” من محتجين بالساحة أن قوات الأمن قامت باعتقال ثلاثة محتجين كما قام محتجون بقطع طريق كورنيش المزرعة امام مسجد عبد الناصر فحاولت عناصر الجيش منعهم ما ادى الى تطور الامور و الى تراشق بالحجارة واستخدام الجيش للرصاص المطاطي ضد المحتجين. وأفادت غرفة التحكم المروري بأن السير قطع داخل نفق البربير باتجاه العدلية.
 
مقاطعة الجلسة
الى ذلك أعلن تكتل “الجمهورية القوية” في بيان انه: “بعدما كان ميلنا الطبيعي كجمهوريين ومؤمنين بالمؤسسات الدستورية وعملها المشاركة في جلسة مناقشة الموازنة ليوم الاثنين، عدنا وتوقفنا مطولا عند الإشكاليات المحيطة بالجلسة، خصوصا الثقة بالحكومة على الموازنة،
وبعدما تتبعنا من جهة ثانية ردود فعل الرأي العام على جلسة اليوم، اتخذ تكتل الجمهورية القوية قرارا بعدم حضور جلسة اليوم آملين بان يأخذ مكتب مجلس النواب في الاعتبار عند تحديد اي جلسة عامة مقبلة عدم وجود إشكاليات تزعزع ثقة الناس والرأي العام في الأولويات التي يجب اعتمادها لتعزيز ثقتهم في المؤسسات الدستورية التي نحرص ويحرص الناس عليها”.
 
مصلحة لبنانية
في سياق متصل استغرب عضو كتلة حزب الله النائب الدكتور علي فياض من رغبة البعض بعرقلة إقرار قانون الموازنة قائلاً: “نسمع من البعض أنه لا يريد للمجلس النيابي أن ينعقد كي يقر موازنة العام 2020، وبالتالي، فعلى هؤلاء أن يدركوا جيدا، أن إقرار الموازنة هو مصلحة داخلية بالدرجة الأولى، وشرط دولي بالدرجة الثانية كي يقدموا يد المساعدة لهذا البلد، وإذا لم نقر موازنة العام 2020، فنحن منذ بداية شهر شباط المقبل، مضطرون لأن ننفق على القاعدة الاثني عشرية، ما يعني أن هذا الانفاق سيكون متحررا من قاعدة التقشف وضبط النفقات وتراجع الواردات، وأخذ هذه التحولات بعين الاعتبار، ساعتئذ ستكون القاعدة هي موازنة العام 2019 التي هي أكبر من موازنة العام 2020، فأين هي المصلحة في ذلك”؟.
وحول اتهام الحكومة بأنها نسخة من الحكومات السابقة أضاف فياض” هذه الحكومة هي أداة ضرورية لوقف مسار الانحدار المالي والاقتصادي، وبالتالي فإن الذي لا يريد حكومة، يريد أن يدخلنا مجددا في حالة من المراوحة والتعقيدات، ومن غير الصحيح أن هذه الحكومة هي نسخة طبقة الأصل عن الحكومات السابقة، فهناك اختلافات جذرية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار، ولا يجوز في حال من الأحوال أن تطلق هكذا تقويمات عبثية لا معنى لها على المستوى السياسي والشعبي ضد هذه الحكومة”
 
موازنة لقيطة
في إشارة موازية أكد النائب ​سليم سعادة​ أنّ “هذه ​الموازنة​ لا تتصدّر المشهد اليوم إنّما هي ثانوية، وهي لقيطة، لا أب ولا أم لها حكوميًّا، وهناك مشكلة على صعيد الواردات والنفقات”.
ولفت في كلمة له خلال جلسة مناقشة موازنة 2020 في ​مجلس النواب​، إلى “أنّني درست أرقام الموازنة، وأضفت عليها خدمة الدين بقيمة 4 أو 5 آلاف مليار ليرة، وأضفت عجز ​الكهرباء​ بقيمة 1500 مليار. كما أنّ العجز بحدود 7 مليارات ونصف المليار دولار، ونسبة العجز للناتج المحلي 12.7 بالمئة، ما يبيّن أنّ وضعنا سيء جدًّا”، مركّزًا على أنّ “الدين يحمل آثام كلّ حكومات الطائف. بسبب الإنهيار المالي، انتهى شهر العسل في الطائف وقد استغرق 30 سنة”.
 
قانون ماغنيتسكي
وعلى صعيد ليس ببعيد، ردت مصادر أميركية مطلعة على ما تردد في وسائل إعلام حول نية الولايات المتحدة تطبيق “قانون ماغنيتسكي” لملاحقة فساد مسؤولين لبنانيين، بالقول إن هذا القانون ليس مخصصاً لملاحقة فساد المسؤولين في دول العالم، بل لملاحقة من يرتكبون تجاوزات في إطار “حقوق الانسان”.
المصادر، أوضحت ان القانون غالباً ما يقوم بفرض عقوبات مالية على مسؤولين متورطين في قتل أو تعذيب مواطنيهم، وعلى رجال الاعمال ممن يثرون من علاقاتهم مع هؤلاء المسؤولين.
وأشارت المصادر إلى أن في لبنان أسباباً متعددة لفرض عقوبات مالية على شخصيات سياسية وكيانات، لكنها عقوبات ترتبط بتبييض الاموال والارهاب الدولي، وان لا مسؤولين معروف عنهم تورطهم بتجاوزات في قضايا حقوق الانسان. “ربما ينطبق القانون على مسؤولين في سورية والعراق وايران، لكن لبنان لا يندرج تحت الاطار نفسه”، بحسب المصادر.