قادة مجموعة العشرين يلتقون في الأرجنتين

قضايا عربية ودولية 2018/11/30
...

بوينس ايرس / وكالات 
 
عقدت مجموعة العشرين في العاصمة الارجنتينية بوينس ايرس هذه المرة في ظروف استثنائية يمر بها العالم، بما في ذلك الحرب التجارية وتفاقم الأزمة الأوكرانية إلى غير ذلك من الملفات الساخنة. 
وعلى الرغم من ان جميع قمم مجموعة العشرين السابقة، كان من الممكن تطوير موقف مشترك في مسار الاقتصاد العالمي والخروج بتوصيات تخدم النشاطات الدولية، الا ان هذه القمة التي عقدت امس  نتائجها غير واضحة المعالم وسط تحديات العقوبات الاميركية وتأثيرها في الساحة الدولية، بالاضافة الى الانسحابات الاميركية المتكررة بدءا من الاتفاق الدولي مع ايران والذي استهل فيه الرئيس ترامب فترته الرئاسية بالاضافة الى عزمه الانسحاب من اتفاقيات دولية سابقة تخص المناخ والصواريخ الباليستية التي تخدم المجتمع الدولي منها وتصب في خدمة الانسان، الا ان سياسة أميركا اولا الذي يتولاها الملياردير الاميركي الرئيس دونالد ترامب باتت تضرب عرض الحائط كل ما يجتمع عليه قادة العالم.
وبشأن القمة التقى امس الجمعة قادة أكبر 20 اقتصادا في العالم (G20) ولمدة يومين   في بوينس آيرس، وسط  غياب الرؤية في الوضع السائد في الساحة الدولية. 
ومع أن المواضيع التي ستناقشها قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين هي مواضيع تقليدية تماماً، مثل التجارة، والاقتصاد الرقمي، وتغير المناخ، والتنمية المستدامة، إلا أن أكثر التوقعات تفاؤلا لا تنتظر الخروج بنتائج أكثر أهمية مما هو قائم، في ظل الحرب التجارية المحتدمة بين الولايات المتحدة والصين التي أشعل فتيلها ترامب، وكيف سيستقبل زعماء العالم ولي العهد السعودي لأول مرة في بوينس آيرس، بعد حادث مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول، وما إذا كان الزعيمان الروسي والأميركي فلاديمير بوتين ودونالد ترامب سيصافحان بعضهما البعض بعد إقدام الأخير على إلغاء اجتماع كان مقررا بينهما على هامش القمة، بسبب حادث مضيق كيرتش.
 
موقف اميركي
تجذب هذه القمة الانتباه كواحدة من منصات توفيق المواقف بين الأطراف المتنازعة، لكن الرئيس الأميركي ألغى قبل توجهه إلى الأرجنتين لقاءاته التي كانت مقررة مع الرئيس الروسي، وكذلك مع الرئيس التركي والرئيس الكوري الجنوبي، وتحجج بعدم التحضير وضيق الوقت عندما سئل عمّا إذا كان سيلتقي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان؟ 
في الوقت نفسه أعرب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن أماله في أن تكون سلسلة اللقاءات المختلفة التي يجريها خلال قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين مثمرة بحسب قوله.
وغرد الرئيس الأميركي على صفحته الخاصة على «تويتر» قائلا «وصلت إلى الأرجنتين لمدة يومين، حيث تم وضع جدول أعمال واسع وتمت جدولة الاجتماعات الهامة، تم تمثيل بلدنا بشكل استثنائي، وسيكون هذا مثمرا جدا».
 
ملفات شائكة
ووسط التشاحنات السياسية وصراع القوى يناقش القادة خلال القمة  قضايا اقتصادية منها التجارة الدولية ونمو الاقتصاد العالمي وتنظيم أسواق المال العالمية وتقوية النظام المالي العالمي وتعزير آليات الرقابة عليه. وتأتي القمة بعد يوم من تصريح للرئيس الأميركي دونالد ترامب قال فيه إنه يقترب من إبرام اتفاق تجاري مع الصين، مضيفا أنه منفتح على إبرام اتفاق تجاري مع نظيره الصيني شي جين بينغ.
ومن المتوقع أن يناقش ترامب مع نظيره الصيني التجارة على هامش اجتماعات قمة مجموعة العشرين،  بيد أن ترامب أرسل إشارات متباينة بشأن الاتفاق التجاري لدى توجهه إلى الأرجنتين، الخميس، حيث قال: إن اتفاقا قد بات وشيكا، لكنه غير متأكد إن كان يريد مثل هذا الاتفاق. وفي إطار القضايا الاقتصادية للقمة، من المقرر أن يناقش وزراء مالية فرنسا وألمانيا وبريطانيا الآلية التجارية «المحددة الغرض» بين الاتحاد الأوروبي وإيران لتقليص مخاطر العقوبات الأميركية إلى أقل مستوى ممكن.
لكن لا يعتقد الكثيرون الآن أنها ستشمل مبيعات النفط، مما يسلط الضوء على المخاوف المتعلقة بمصير الاتفاق النووي العالمي مع إيران.
ويقول دبلوماسيون: إن المناورة الفرنسية الألمانية هي أسلوب من أساليب ستراتيجية «الأمان في الكثرة العددية» - التي ترى أمانا أكبر في تولي أكثر من دولة لإدارة الآلية منه في تولي دولة واحدة لها - وذلك بهدف التغلب على رفض دول الاتحاد الأوروبي فرادى لاستضافة الآلية، تجنبا لاستهدافها بالعقوبات الأميركية التي أعيد فرضها على إيران. وتحاول الدول الأوروبية إيجاد أساليب تحافظ فيها على علاقاتها التجارية مع إيران وتحمي شركاتها في الوقت نفسه من العقوبات الأميركية. ومن أهم القضايا غير الاقتصادية التي ستركز عليها قمة العشرين في منتدياتها  التغير المناخي والهجرة واللجوء ومحاربة الإرهاب.
وكان ترامب رفض، الثلاثاء الماضي، نتائج تقرير حكومته بشأن «الضرر الخطير» الذي سيسببه تغير المناخ على اقتصاد بلاده.
وأعلن ترامب العام الماضي نيته الانسحاب من اتفاق باريس لمكافحة التغير المناخي الذي تم التوصل إليه في 2015، لتصبح الولايات المتحدة أول دولة تقدم على ذلك الفعل. بينما لا يستطيع ترامب، الذي سبق وأن صرح بأن التغير المناخي «خدعة من عمل الصين» ثم تراجع عنه - الانسحاب - إلا بعد الانتخابات الرئاسية في 2020 بسبب لوائح الأمم المتحدة. في الوقت نفسه يخيم التصعيد الروسي ضد أوكرانيا في بحر آزوف على الأجواء في قمة العشرين، حيث نفذ الرئيس الأميركي تهديده بإلغاء اللقاء الذي كان مقررا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتن بسبب اعتراض خفر السواحل الروس سفنا أوكرانية واحتجاز عدد من البحارة الأوكرانيين، الأحد الماضي. وكان من المتوقع أن يركز الزعيمان على الاستقرار الستراتيجي، خصوصا بعد أن أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستنسحب من معاهدة الأسلحة النوويّة المتوسّطة المدى، لكن ترامب كتب على تويتر، قائلا: «بما أن السفن والبحارة لم يعودوا إلى أوكرانيا من روسيا، قرّرت أنّه سيكون من الأفضل لكل الأطراف المعنية أن ألغي اجتماعي الذي كان مقرّرا سابقا في الأرجنتين مع الرئيس فلاديمير بوتن».
وأضاف «أتطلّع لقمّة مفيدة مجددا، حين يحلّ هذا الوضع» حسب تعبيره. في جميع قمم مجموعة العشرين السابقة، كان من الممكن تطوير موقف مشترك في مسار الاقتصاد العالمي، لكن الحرب التجارية التي فتح نارها ترامب أفشلت حتى قمة آبيك الأخيرة، إذ أن الاختلافات لم تكن في المجال السياسي فحسب، بل وحول النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لدرجة أنه في اجتماع دول آبيك في بابوا غينيا الجديدة في منتصف تشرين اول الماضي، لم يتم الاتفاق على الإعلان النهائي للقمة للمرة الأولى.
وفقا للخبراء، فإن احتمال عدم التوصل إلى توافق في الآراء مرتفع جدا هذه المرة في قمة الأرجنتين، وهناك شكوك جدية حول ما إذا كان من الممكن التغلب على هذه المشاكل والتناقضات والتوصل لإعلان نهائي.