نظم اتحاد أدباء ميسان جلسة نقدية بمناسبة فوز الناقد صادق ناصر الصكر بجائزة الإبداع العراقي لعام ٢٠١٩ عن كتابه «الإرهاب والسرد» على قاعة ميشا في مقر الاتحاد.
وبدأت الجلسة التي أدارها الناقد علي سعدون بحديثه عن التفرد والابداع، وكذلك الاحتفاء بالأدب الرصين، الأدب الذي لا يوارب ولا يجامل ولا يسعى إلّا لغايات معرفية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتصويب أو الإضاءة والتحليل والدراسة التي تتوخاها على وجه الخصوص الممارسة النقدية. كما تناول تجربة الصكر وما يميزه عن أقرانه واكتسابه صفة المشروع النقدي بعد أن تعدى الممارسة النقدية.
كما تحدث المحتَفى به، الناقد صادق ناصر الصكر، عن كتابه «الإرهاب والسرد» الذي هو محاولة للتعرف على العوالم الثقافية والجمالية التي ظهرت في سياق تمثيل الإرهاب في مجموعة من الأعمال الروائية التي كتبها عدد من الروائيين العراقيين، داخل وخارج العراق في (الفصلين الثاني والثالث من الكتاب)، بينما تطرق الناقد في الفصل الأول من الكتاب إلى القضايا التي يراها ترتبط بالجذور الفكرية للمسألة الإرهابية في التراث الديني، ومن الروايات التي تناولها الصكر في كتابه (مقتل بائع الكتب، فرانكشتاين في بغداد، وفندق كويستان) وغيرها.
وذكر الناقد: «السؤال عن تمثل الإرهاب في السرد الروائي سيأخذ طابعا مميزا ومختلفاً إذا ما كان حول ذلك التمثيل في الرواية العراقية على وجه التحديد، لأننا، في هذه الحال، سنبحث في أشكال ومضامين السرد الذي ظهر على مقربة من فوهة البركان».
وتحدث عن قصص الإرهاب والسرد في العراق بكونها لا تشبه غيرها لا في الإطار العام ولا على مستوى التفاصيل لأنها التصقت بسنوات العدوان الإرهابي الذي جعل العراق منذ عام ٢٠٠٣ يحمل تاريخين، واحد ما قبل الجريمة الإرهابية والآخر هو زمن الجريمة وما بعدها.
كما تحدث عن المنظور الثقافي في مراقبة «الإرهاب والسرد»، وعن الفن الروائي وكيف بإمكانه أن يكون في كل مكان داخل التجربة الانسانية، هذا أمر لا يتطلب نظريات جديدة، إلّا أن السردية العراقية كانت ستخون زمنها إذا ما بقيت تسير «قرب الجدار» في الوقت الذي كان فيه الإرهاب يحرق الأخضر واليابس ويضرب الحياة.
ما يقصده الصكر بالسرد، هو السرد الروائي على وجه التحديد، وقد كانت مهمته واضحة: كيف تم تمثيل الإرهاب في نماذج معينة من الرواية العراقية المعاصرة؟ فإذا كان العراق منذ عام ٢٠٠٣ حتى الآن قد تحول إلى ساحة صراع، أقل ما يقال عنها إنها دموية، مع الإرهاب الديني فإنه سيكون من الطبيعي، تبعاً لذلك، أن ننتظر من الرواية العراقية حضوراً مميزا على صعيد تمثيل الإرهاب.
وكذلك تحدث عن جهة الرواية أو النقد وكيف أنه لا يحتمل الكتابة بلغة الاحتمالات لأن العلاقة بين الفن الروائي والانفجارات المجتمعية مسألة محسومة سواء من وجهة نظر الثقافة أو الرواية إذا ما أرادت أن يكون انتماؤها لتلك الثقافة شيئا حقيقيا وليس افتراضياً وملفقاً.
وشارك في المشغل النقدي بالجلسة الناقد حسن السلمان، وكذلك الشاعر رعد زامل إذ تحدث الأخير عن صادق ناصر الصكر بوصفه ناقداً ومفكراً، وتناول أيضا عبر حديثه حرصه المعهود على تقديم ما هو حديث ورصين، و كان غالباً ما يدهش الحضور بكشوفات كبيرة وجديدة.
وكيف أنه لا يهادن ولا يجامل في التعامل مع الكلمة، كما قال إنني قد لاحظت في الكثير من الجلسات الثقافية السابقة مغادرة الجمهور للقاعة عندما يحين دور ناقد لم يمسك أدواته، لكن مع صادق ناصر الصكر الأمر يختلف حيث كثافة الحضور ودقة الإصغاء عندما يتحدث.