فؤاد العبودي
تعتمد دول العالم برامج علمية من اجل ترسيخ الذائقة الفنية في نفوس أطفالها، حيث تعتمد الكثير من النظريات والاساليب التي من شأنها ارساء قيم الفن والجمال لكي يعوا جماليات الحياة ويتفاعلوا معها وصولا الى خلق شخصيات تحترم معاني الجمال والتعامل معها بشكل حضاري.
فالذائقة الفنية ليست صناعة بقدر ماهي مشاعر وجدانية تنمو مع الانسان منذ الطفولة لذا يتوجب على العائلة ادراك اهمية توسيع مدارك هؤلاء الاطفال ومدى الاهتمام برعايتهم وتشجيعهم على ادامة نسغ التذوق الفني سواء الموسيقي او الفن التشكيلي او رقص الباليه وكذلك ضمن مجالات فنية اخرى كالتطريز للبنات والرسم على الصحون.
فالطفل الذي يطلب من والديه حصوله على اسطوانة لموسيقى معينة فعلى الوالدين الا ينظرا بعين الاستهزاء او الاستخفاف والريبة لطلب ولدهما، فالطفل او الصبي هو جزء من ينبوع بدا يتدفق واصبح مخياله بمثابة وعاء يستوعب ما يرغبه الطفل هنا يصبح لزاما على العائلة، اذكاء عنصر التشجيع وبالتأكيد فان الدرب في هذا الاهتمام ليس خاطئا ولا هو ترف خارج اطار التنمية الذوقية وعلينا النظر اليه كأنه طريق الحرير يخطو فيه الطفل المتذوق عوالم يمكن تسميتها بالسماوية، ذلك ان مجالات الفن المتعددة هي انطلاقة روحية تتعلق بأجواء الخيال والاحساس المرهف الذي سيخلق بالتالي عند رعايتها انسانا يتصف بالتذوق تجاه مايحيط به
لقد كان المؤشر العلمي على تتبع خطوات الموهوبين من الطلاب والتلاميذ بمتابعة الطاقات الفنية المبكرة لدى الناشئين هو البطاقة المدرسية حينما كان المشرف الفني الزائر للمدارس او مرشد الصف يسجل ملاحظاته اليومية خلال المصادفة والاكتشاف العيني ان كان في مجال الرسم او الغناء او التمثيل لتستمر حالة المتابعة حتى وصول الطفل التلميذ الى الجامعة.
ان افتقاد هذه الاسس في المتابعة التي كانت من اساسياتها اذكاء روح التواصل مع هذه الطاقات التي بالامكان التعامل بها وتشجيعها ووضعها على الطريق الصحيح من حيث التوجيه العلمي لدراسة المجال الفني الذي سيواصل فيه بذل مساعيه وتنمية قدراته الذاتية بالنظرية والتطبيق لصهر الذائقة الفنية المتنامية في اطار تصاعد التون الساخن للموهبة.
فمن المهم جدا تشجيع التذوق الفني لدى الاطفال وشمولهم برعايتنا وألانخجل من طلباتهم وفق هذا الوصف الجميل لرغباتهم. فمن المتعة الروحية انه كلما عمقنا نبض الاحساس الدفين كلما حصلنا بالمقابل على طاقة واهبة ومتذوقة لصنع الجمال.
ميزة التذوق الفني انه يخلق عالما ورديا نستشف من خلاله العناصر المبدعة الكامنة في الذات الانسانية ولم يبق الا تفجيرها بالرعاية ورسم خطة لوصولها الى مرتبة اعلى تنسجم والفهم الموضوعي لمدارك
الناشئين.
من هنا ايضا يتحتم وجود عامل مهم اضافة الى ماذكرناه لبناء الشخصية المتذوقة وهو درس التربية الفنية الذي اهملناه في منهاجنا التدريسي للتلاميذ والطلاب والعودة ضرورية للاهتمام به وذلك بهدف استيعاب مفردات هذا التذوق حينما يتم تنشيط مادة الفنية في مدارسنا عموما.