مهرجان الكميت

ثقافة 2018/12/01
...

 حميد المختار
بدعوة كريمة من اتحاد ادباء ميسان ذهبت الى هناك حيث مسقط رؤوس الاباء والاجداد في ميسان الميساء المضيئة ونحن محملين بالشوق والرغبة الحميمة في رؤيتها بعد غياب طويل ميسان منيرة بأهلها وطيبتهم وكرمهم وتاريخهم العريق وهم يغرفون من الضوء نهارات
 وجمالاً وابداعاً كانت دائرة الشعر مستمرة ليومين مع جلسات نقدية تمحورت حول القصة القصيرة العراقية الان ، وهي التفاتة ذكية من لدن القائمين على المهرجان حين يلتفتون الى جنس ادبي مهم زحفت عليه ظلال النسيان وكادت تبعده عن الاضواء لكن القصة القصيرة كفن صعب ومهم ظل مثابراً متحدياً ذاكرة النسيان التي ارادت منه ان يكون نسياً منسياً بسبب استشراء وهيمنة الرواية كتابة وقراءة وسوقاً ، حتى كاد العصر ان
 يكون عصر الرواية بامتياز ، اما سوق القصة القصيرة فقد صار محدوداً جداً بسبب انحسار القراء وابتعاد كتاب السرد عن كتابة هذا اللون المهم من الكتابة الابداعية ، المهرجان فرصة طيبة للالتقاء بالاصدقاء القادمين من محافظات العراق والذين لا يمكنك الالتقاء بهم الا في هكذا مناسبات تجلس معهم وتحاورهم وتستمع لما يكتبون من شعر
 وسرد . على هامش المهرجان جلسنا نحن كتاب السرد وقرأنا على بعضنا شهادات عن التجربة الابداعية ونصوصاً شرخت صمت القاعة المشبعة بالشعر والايقاعات
 والاوزان ، وعلى الرغم من هامش المشاركة لكنه كان متناً مهماً في الحضور وتأكيد الوجود السردي لابناء جنسي الادبي ، وكانت ايضاً  فرصة طيبة لي حين سنحت لي فرصة القراءة على الحاضرين في امسية اليوم الثاني حيث القيت على مسامعهم بعضًا من نصوصي السرد شعرية ان جاز
 توصيف المصطلح .
 مشكلتي الوحيدة كانت مع صديقي السارد المهم عبد الستار البيضاني والذي تفاجأ باسلوب موظف الاستعلامات امام حرج الشاعر رعد مشتت مما دفع البيضاني ان يقاطع المهرجان ويذهب مع اصدقائه في جولات بعيدة عنا مما ترك فراغاً واضحاً عندي على الاقل خصوصاً في قراءات القصص والشهادات والتي كان من المقرر ان يقرأ معي فيها ، لكن وجود الزملاء الساردين كان غنياً مثمراً حيث ملأوا الوقت كاملاً واغنوه بنصوصهم وحضورهم
 المهم .  مهرجان الكميت نقطة ضوء في عتماتنا الثقافية التي نعيشها هذه الايام لما له من حضور فاعل للنصوص الشعرية وحلقات النقاش المعرفي ، وللأمانة اقول ، كنت متشوقاً لسماع نص شعري 
مميز وقد سمعت فعلاَ لكن غياباته تطول دائماً وانتظاره يبعث الملل في نفس المتلقي الذي سيظل منتظراً هذه النصوص  التي كثيراً ماتبخل بحضورها الضوئي الوامض في
 ظلمة القاعة .