أصول التصور الفولكلوري

ثقافة شعبية 2020/02/08
...

 باسم عبدالحميد حمودي

لا يعد الـتأليف الشعبي قاعدة عامة في سريان أيراد المثل والحكاية والمثل الشعبي, لكن عملية الخلق والأبداع والتطوير عمليات مستمرة داخل النشاط الفولكلوري الأنساني ان التنوع صيغة حاضرة في بنية الحكاية والأسطورة التي تنتقل من بلد الى آخر, كما أنها تتعلق بالتغيير  أو التشابه المعتقدي كما يشير الى ذلك – كمثال- أبو عبد الله أبي بكر الزهري في كتابه (الجغرافية ) إذ يذكر الكثير من المخلوقات الغريبة ومنها : مخلوقات جزيرة الواق واق ودواب العنبر وحيوانات المسك وجواري البحر وهي ( حيتان في البحر لها آذان وأجنحة كأجنحة الطير ولهن رؤوس وأعناق مثل الآدميين ولهن شعور تلعب على ماء البحر لا تظهر ولا ترى الأ في الليل يسبحن الله تعالى بأصوات مختلفة منها عربية ومنها أعجمية يخشع لها السامع حتى يبكي من خشية الله عز وجل) على حد قول الزهري ومن الطبيعي أن هذا التصور الفولكلوري لا يتفق والواقع لكننا نجد له ما يشابهه لدى النساء النوبيات  لأيمانهن بـ(الدجري)! والدجري (كائنات تعيش في نهر النيل شبيهة بالأنسان فيما عدا وضع العينين اللتين تكونان في وضع رأسي مغاير لوضعهما عند الأنسان,كما أن الثديين طويلان  ومكتنزان ومرفوعان على الكتفين لثقلهما وهي كائنات خيرة لاتصيب الأنسان بضرر) نقلا عن دراسة للاستاذ السيد أحمد حامدعنه في مجلة المأثورات الشعبية العدد 27 لسنة1992,
والدجري تقوم بينها وبين النساء في النوبة التزامات تزويدها بالطعام واللجوء اليه في حالات الزواج والوفاة والعقم وسواه, إذ يشكل الدجري الصورة الخيرة لبنية البحر -النيل هنا – المجاور.
مقابل ذلك الخير تقوم بنية الشر المرادفة لكائنات الصحراء المجاورة في بلاد النوبة وما بنى عليها من حكايات.
واستطرادا , نحن  نجد في العراق المعتقد الشعبي حول السعلاة  وشرورها وأحتوائها للبشر (حسين النمنم نموذجا) وسريانها الأسطوري في النهر والشاطئ.
وتقوم نساء بغداد بطقوس استعطاف وتوق ومناجاة للخضر عليه السلام إذ يكون نذر الناذرة ليلة الجمعة إذ تسير على سطح الماءوسط دجلة كربة تحمل  الشموع التي تتلألأ في الغروب وسط دعوات المرأة الناذرة طالبة مبتغاها.
يقول الباحث جورج حبيب الخوري في بحثه المنشور في ع11لسنة1970 من مجلة التراث الشعبي عن (خضر الياس ) انه يسمى أيليا أو أيوانا,ويرد ذكره في الأصحاح14 من سفر الملوك الأول كنبي يهدد بني أسرائيل ,وفي الأصحاح الثاني يسير أيليا على الماء حتى أذا بلغ نهر الأردن ضرب النهر بردائه فأنفلق, ولخضر الياس عيد لدى المسيحيين الشرقيين  وآخر لدى الأيزيديين.
أن تحولات المعتقد الشعبي تتغير بين منطقة وأخرى  وتتشابه حينا مع تغير  النطاق الجسماني  وتوجهات المخلوق(الدجري –السعلاة -  الخ) وقد وجدنا بعض اشكال التحولات  عند مخلوقات النهر  وتداول المعتقدات الشعبية حولها.