أقمشة وأزياء ايكولوجية مانعة للتلوث

ريبورتاج 2020/02/10
...

بغداد/  فجر محمد
 
لم تكن تعلم العشرينيّة مروة فاضل أنّ اهتمامها بالازياء والاقمشة سيجعل منها ناشطة بيئية ومدافعة شرسة لحماية البيئة، فولعها الدائم بالبحث والتعرّف على أحدث الملابس وما تنتجه دور الازياء العريقة، اوصلها الى التعرّف على انواع صديقة للبيئة بدأت تستخدم على نطاق واسع، وتقول مروة وهي تنظر الى شاشة الكومبيوتر لتبحث أكثر في هذا الموضوع:
" لديَّ ولعٌ كبيرٌ بالتعرّف على آخر صيحات الموضة والازياء والاقمشة الرائجة في كل موسم، واثناء عملية البحث وجدت ان هناك اقمشة جازف مخترعوها باطلاقها الى الاسواق لكونها غريبة تماما عن المعتاد، كما تم عرضها في أحد البرامج التلفزيونية، فهناك من بدأ يستخدم اللحوم الطازجة وبالفعل ارتدته احدى المطربات الاميركيات في مناسبة عامة، وآخرون يستخدمون مواد طبيعية في
 الانتاج".
 
الازياء الايكولوجيّة
تتعرّض الكرة الأرضية بحسب التقارير والدراسات الحديثة الى مخاطر كبيرة نتيجة الاحتباس الحراري الذي اخذ بالزيادة بسبب الغازات الدفيئة التي تنطلق من مصادر متعددة، لذلك هناك سعي كبير لمعالجة هذه المشكلة البيئية الخطيرة، فضلا عن اعداد مجموعة من البحوث التي قام بها المختصون بالازياء والموضة طرحت موضوعة جديدة وهي الازياء الايكولوجية  او الصديقة  للبيئة الهادفة إلى إيجاد نظام رفيق بالبيئة، كما انها جزء من اتجاه جديد يهتم بجميع المراحل التي يمر فيها تصنيع الملابس ويركز على مجمل "البصمة الكربونية" التي تأتي نتيجة أفعال الشخص وممارساته المباشرة على البيئة في ما يتعلق بانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، ولا يبدو أنّه اتجاه يقتصر على المدى القريب، وانما قد يستمر في المستقبل مع استمرار الانتهاكات التي تحدث بحق البيئة وزيادة الوعي العالمي لأهمية 
حمايتها. 
كما أنّ هناك آليافا طبيعية لا تعتمد على المواد البترولية، وتصنف الى السيليلوزية والنباتية ومن انواعها القنّب، والجوت والكتّان، والصويا، والخيزران، والأباكا، وتضم الآلياف الحيوانية الصوف والحرير والكشيمر والأنجورا وغيرها، ويفضل الخيزران لانه أحد الموارد الأكثر استدامةً في العالم، وذلك بفضل سرعة نموّه، ولا يتعرّض للمبيداتٍ الحشرية أو للأعشاب الضارة. ويشار الى قيام بعض العلماء في جامعة غرب استراليا بانتاج قماش من خلال تحريض بعض الميكروبات للعمل على النبيذ، إذ قاموا بتربية نوع من البكتيريا يدعى (آسيتوباكتير) في أحواض من النبيذ الأحمر الرخيص، فقامت هذه البكتيريا بتخميره و تحويله الى آلياف تطفو على السطح يمكن استخلاصها وتصنيع ملابس 
منها.
 
النفايات الطبيّة 
تجمع الآراء الطبيّة والصحيّة على ضرورة فرز النفايات الطبيّة قبل التخلّص منها، وذلك لخطورتها الكبيرة فهي تعد احد مصادر نقل العدوى، فضلا عن التلوث الذي تحدثه عند التخلص منها، لذلك تتبع دول العالم المتطورة وسائل وآليات متعددة للتخلص من سميتها وكذلك الافادة منها لاحقا عند تدويرها، ومن الجدير بالذكر أنّ هناك عددا من المخلفات، الإبر، والحقن، والقطن، والشاش، وبقايا العينات الملوثة بالدماء والسوائل الاخرى، ومخلفات الصيدلية والفضلات الكيميائية 
والمشعة.
 
الفساد البيئي
الباحث بالشؤون الاقتصادية ليث علي أشار الى أن استهلاك المنتجات الصديقة للبيئة أصبح مثار اهتمام القطاعات المختلفة منها الادارية والهندسية والاقتصادية، ما دفع الامم المتحدة الى اقامة المؤتمرات البيئية التي تسعى الى النهوض بالواقع البيئي، وفي إحدى المحافل الدولية التي قامت بها منظمة الشفافية الدولية التي كانت تناقش موضوعة الفساد المستشري في دول العالم المتعددة كان هناك محور خاص بالفساد البيئي يتمثل بقطع الاشجار والانبعاثات المضرة بالبيئة، وارتفاع مستويات البحر والشعب المرجانية، فضلا عن التنوع البايولوجي الذي تضرر هو ايضا بسبب التلوث الكبير الذي اضر بمحيطها المائي الذي توجد فيه دائما، ويضاف الى المشكلات الاخرى المضرة بالبيئة قتل الجمال والفيلة والصيد الجائر بحق مختلف 
الحيوانات. 
ويلفت الى انه من المخاطر البيئية التي تضرب الكرة الارضية وتهددها باستمرار هو ظاهرة الاحتباس الحراري وان استخدام المنتجات الصديقة للبيئة قد يسهم بالتقليل منها، خصوصا وان الاستهلاك المستمر لغاز ثنائي اوكسيد الكربون هو عامل آخر يسبب ارتفاع درجات الاحتباس 
الحراري.
 
تشريعات بيئيّة
الخبير والناشط البيئي احمد صالح بيّنَ أنّ هناك أفكارا متعددة من الممكن تطبيقها للتقليل من التلوث البيئي الحاصل ولكن الاهم هو وضع الحجر الاساس لتنفيذها، فعلى سبيل المثال لا بدّ من وضع تشريعات بيئية لرمي النفايات بصورة عشوائية، او الاستعاضة عن الاكياس البلاستيكية بالورقيّة الصديقة للبيئة أسوة بالسليمانية التي أخذت بتطبيق هذا الموضوع في المدينة وفرضته على الجميع
، فضلا عن غياب ظاهرة تبويب النفايات التي تمنح الجهات المختصة امكانية الافادة منها لاحقا مثلما تقوم دول العالم المتقدمة بهذا 
الامر.
مبيّنا أن هناك أعلافا وأسمدة تصنع من عملية تعفين الطعام هي افضل بكثير من تلك الكيمياوية المضرة بالبيئة، مع ضرورة الاستعاضة عن استخدام القناني البلاستيكية الكبيرة غير القابلة للتحلل بأخرى صغيرة الحجم ورقيقة
، ولكن يجدر الاشارة الى أن كل الامور السابقة الذكر تحتاج الى دراسة ووضع جدوى اقتصادية لتحقيقها و
نجاحها.
 
بدائل طبيعيّة
ويبيّنُ ليث علي أنّ استهلاك المنتجات الصديقة للبيئة يعد بمثابة تحد كبير لمن يرغب بذلك، اذ لا بدّ من توفر البدائل، فعلى سبيل المثال من الممكن الاستعاضة عن مواد التنظيف الكيمياوية بأخرى طبيعية ومنها الخل والملح، فضلا عن ايجاد حلول لمشكلة عوادم السيارات التي تتسبب بكوارث بيئية حقا، وبالفعل وجدت دول مختلفة آليات لتقليل التلوث ومنها استخدام السيارات المائية 
والكهربائية. 
مشيرا الى امكانية استخدام مواد للبناء صديقة للبيئة ايضا فبدلا عن الطابوق والاسمنت وغيرها من الممكن استهلاك الخشب وبناء المنازل بواسطته، ومن الجدير بالذكر أنّ المنتجات الطبيعية في دول العالم المتقدمة تكون أغلى من المصنعة مما يدل على الاقبال الكبير على استخدامها لأهميتها 
وفائدتها.
 
مضادات حيويّة
كما تبيّنُ الدراسات أنّه من الممكن استخدام المضادات الحيوية بدائل طبيعية نجدها في بعض الأغذية كالثوم مثلاً، إذ يمنع تكاثر البكتيريا وذلك بفضل الكبريت ومادة الأليسين
، التي يظهر تأثيرها عند تقطيعه وهرسه، إلّا أنّ مادة الأليسين تفقد مفعولها لدى تسخين الثوم كما يعد زيت الخردل من البدائل الطبيعية للمضادات الحيويّة، ويوجد هذا الزيت العطري النفاذ في الفجل ونبات أبو خنجر والخردل
، وهو يمنع نمو البكتيريا في الجهاز التنفسي والأمعاء وهو مفيد جداً في حالات العدوى الالتهابية
، والعسل أيضاً من البدائل الطبيعية للمضادات الحيوية
، إذ يفرغ النحل إنزيماته في العسل لإبقائه خالياً من الجراثيم، وبذلك تنشأ مادة بيروكسيد الهيدروجين التي لها خصائص مضادة للجراثيم
، فضلا عن مادة الميثيل غليوكسال وهو مركّب سكري يكافح البكتيريا بفعالية ويوجد بكثافة في عسل مانوكا 
النيوزلندي.