نجم الشيخ داغر
رمق السماء بنظرة متوسلة وهو يرفع يديه متضرعا (يارب أريد نص قطعة بالجنة)، هكذا كان يدعو احد الاصدقاء من كل قلبه، فانفجرنا ضاحكين منه ومن طلبه المتواضع، قائلين له (يعني انت صدك تطلب من رب العالمين اللي بيده خزائن السموات والارض نص قطعة) ؟، فأجاب نعم هي تكفيني.
وبالرغم من عمله الخاطئ باعتقادنا، لكون الطلب من رب الارباب يجب ألا يحد بحد معين وهو القادر على كل شيء، والذي اذا اراد شيئا يقول له كن فيكون، إلا اننا تنبهنا على أمر مهم جدا يكاد يكون ميزة لغالبية الشعب العراقي، وهو القناعة والرضا بعيشة الكفاف، وهي صفة عظيمة ترجموها حتى عند خروجهم مطالبين بحقوقهم المشروعة التي حرموا منها على مدى حكومات وانظمة مختلفة.
والجميع يعرف قصة الرجل الغربي الذي سأل عراقيا عن طموحاته، ففوجئ برد الاخير حينما افصح عنها بانها تتمثل بمنزل وسيارة وزواج ميسر، الأمر الذي جعل الرجل يصحح لصاحبنا السؤال قائلا، سألتك عن طموحاتك وليس عن حقوقك.
باعتقادي ان هكذا شعب يكون بمثابة الهدية والنعمة بالنسبة لأي حكومة في العالم، لأنه شعب غير متطلب ويرضى بالقليل، بل انه يبادر الى التضحية مثلما رأينا كيف ان الشباب والشيوخ تدافعوا تلبية لنداء الوطن والمرجعية وتمكنوا بدمائهم ان يردوا كيد عصابات «داعش» الى نحرها ويهزمونها شر هزيمة، بيد ان مسؤولينا اعاننا الله عليهم واعانهم على انفسهم، لم يقدروا هذه النعمة ولم يلتفتوا الى حاجاته الضرورية التي خرج مطالبا بها منذ العام 2011 حين كان يطالب باصلاح منظومة الكهرباء، ليخرج بعدها في العام 2015 لما رأى ان هناك تعمدا واضحا بعدم الاستجابة لهذه المطالب، ويهتف ضد الفساد والفاسدين، بيد ان الآخيرين تمادوا اكثر بغيهم، حتى وصلت الامور الى ما نحن فيه اليوم واوشك المرجل ان ينفجر بعد ان تجاوز مرحلة الغليان لا بوجه الحاكمين فقط وإنما بوجه الوطن ككل، منذرا بحرب قد تجر الويلات وتذهب بكل ما انجزناه في المدة السابقة.
من هنا نكرر ما يردده الشعب في مختلف سوح التظاهر، نريد وطنا نجد فيه كرامتنا، مثلما حفظنا كرامته وسقينا ترابه بدمائنا، نريد حكومة تعيد لنا هيبتنا المفقودة في مختلف ارجاء العالم وتعيد الحقوق لاصحابها، ولا نريد ارملة او يتامى يقفون في باب دائرة الرعاية مستجدين راتبا لا يكفيهم لايام معدودة، لا نريد شيخا طاعنا في السن يقف وسط هذا البرد القارس وعند اشارات المرور طامحا ان ينجح ببيع علبة من مناديل (الكلينكس)، كي يعود لبيته مؤمنا قوت يومه المتواضع، ولا نريد ولا نريد ولا نريد.
يا أيّها السياسيون ويا ايتها الاحزاب الحاكمة لم نطالب سوى بحقوقنا، أما طموحاتنا فقد تبرعنا فيها لأجيال تأتي بعدنا وقد تنعم بها ان استطعنا تغييركم او اجباركم على
التغير نحو الافضل، وهنا أسالكم بالله هل رايتم شعبا بهكذا قناعة ؟.