«ثقافة الجدران» في اتحاد أدباء كربلاء

ثقافة 2020/02/11
...

كربلاء/ صلاح حسن السيلاوي 
 
 
 
 
ألقى الروائي علي حسين عبيد محاضرة بعنوان ( ثقافة الجدران) عبر أمسية أقامها اتحاد أدباء كربلاء وأدارها القاص حمودي الكناني  تحدث فيها المحاضر عن مشكلات عديدة تواجه الحياة الثقافية في البلاد.
الأمسية التي أقيمت على قاعة الاتحاد، داخل المكتبة المركزية، وسط كربلاء، تحدث مديرها في البداية عن عبيد، مشيرا الى دوره المتميز وأهمية حضوره في المشهد القصصي والروائي في كربلاء والعراق، وحصوله على عدد من الجوائز كان آخرها جائزة الطيب صالح في السودان عن مجموعته القصصية (لغة الأرض)، التي فازت من بين 266 مجموعة قصصية.   
استهل عبيد محاضرته بعدد من التساؤلات منها: هل ثقافتنا مريضة، وهل مثقفونا مرضى؟ وإذا كانت الثقافة والمثقفون كذلك، على الأقل من باب استحالة الكمال، فأيّهما يؤثر في الآخر، هل الثقافة نقلت وتنقل أمراضها للمثقف أم العكس هو الذي حدث ويحدث؟ وهل تنحصر هذه الأمراض بالثقافة والمثقفين فقط، أم تمتد إلى غيرهم؟ ثم انتقل المحاضر ليتجول بأفكاره بين صفوف المجتمع قائلا:  إذا كان المجتمع يعاني من أمراض مؤشَّرة، سياسية، اجتماعية، تعليمية وغيرها، فما هو مصدر أمراض البنى غير الثقافية في المجتمع؟ إن التداخل بين الثقافة والمثقفين يكاد يجعل تحديد أسبقية التأثير صعبة، بمعنى أوضح، من الصعب القول إن مرض الثقافة هو الذي تسبب في انتاج مثقفين مرضى، مثلما يُصعب القول، إن مرض المثقفين هو الذي صنع ثقافة مريضة، أمّا الأهمية التي تكمن وراء البحث عن أسباب المرض، فهو يتمثل بالتشخيص الدقيق من أجل السعي الحثيث للمعالجة، علما إن القول بأن التناقل القيمي، يمكن أن يتم بصورة ثنائية بين الطرفين، لذا لا بد أن يتحمل المثقفون بدءاً من الآن مسؤولية معالجة الأمراض الذاتية، لأنها ستنعكس بالضرورة على بنية الثقافة.
وذهب عبيد بمحاضرته إلى أن المثقف حين يصحح مساراته ويعالج أمراضه، فإنه يبادر بصنع الخطوة الأولى الأصح، كونها ستنعكس مباشرة على الثقافة وستباشر بمعالجة أخطائها وأمراضها، وأضاف مبينا: لنا أن نتصوّر ما الذي سيحدث لو قام المثقفون بحملة تصحيح جماعية لذواتهم؟ وما هي النتائج التي ستتمخض عن مثل هذه الخطوة الكبيرة؟ قد يتساءل بعضهم، كيف يمكن أن تتزامن عملية التصحيح فتصبح جماعية، علما أن القضية برمتها تعتمد المبادرة الطوعية، وليست هناك أوامر تُقْسِر المثقف الفرد أو الجماعة على التصحيح الذاتي، سوى التطلع والاندفاع الشخصي نحو ذات مثقفة نقية، تُسهم بدورها في تشييد بنية ثقافية نقية ومتطورة.
إذا صحّتِ الثقافة صحت البنى الاجتماعية والسياسية والتعليمية وسواها وهو أمر مفروغ منه، وهنا لا بد من الاقرار، بأن الثقافة المعافاة هي نتاج مثقفين أصحّاء، والعكس يصح بطبيعة الحال، ولو قلنا إن الأمراض السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعانيها العراقيون، هي نتاج ثقافة معتلّة، فإننا لا نجانب الحقيقة، ولن نغالي في ذلك، ولا نغبن أحدا، فجميعنا، مثقفون، سياسيون، اقتصاديون، تعليميون وغيرهم، نُسهم بدرجة أو أخرى، في إدامة ثقافة تعاني من الأمراض، وعلى النخب جميعا، وأولهم المثقفون، أن يعترفوا بالتقصير، ليس لجلد الذات، بل لتحفيزها من أجل المعالجة والتصحيح، والإسهام في إنتاج بنى سليمة، ناتجة عن ثقافة سليمة ومثقفين معافين.
وقبل أن تنتهي الأمسية أسهم عدد من مثقفي المدينة بمداخلات عديدة ومنهم الأديب علي لفتة سعيد والشاعر محمد عبد فيحان والشاعر قاسم بلاش وآخرون.