السّمنت والأدوية: لدينا الطاقة لزيادة الإنتاج والتصدير

ريبورتاج 2018/12/07
...

بغداد/ سها الشيخلي
 
يمتلك العراق صناعات رائدة، وان الكثير من منتجاتنا كانت تصدر الى دول الجوار وتسد حاجة السوق المحلية بنسبة 100 بالمئة ومنها السمنت، وهناك صناعات تطورت منتجاتها حتى زاد الطلب عليها من قبل دول الجوار وهي الدواء، وخضعت تلك الصناعات الى فحص التقييس والسيطرة النوعية، اما لماذا تراجعت هذه الصناعات بعد كل ذلك النجاح، وكيف السبيل الى تطويرها لكي ترتقي وتزدهر، وما المعوقات التي تواجهها؟ وغير ذلك من الاسئلة، فيجيب عليها المعنيون بهذا الشأن.
السمنت العراقية
تاسست الشركة العامة للسَّمنت العراقيَّة في العام 1936 باسم» شركة السَّمنت العراقيَّة المساهمة « وتعد الرائدة بهذه الصناعة في المنطقة، وبدأ انتاجها الفعلي في العام 1949 في معمل سمنت بغداد «بفرن واحد بالطريقة الرطبة « وبدأ التصدير الى خارج العراق عام «1950-1951»، ثم تم التوسيع باضافة ثلاث خطوط انتاجية جديدة عام 1955  وبلغت الطاقة التصميمية «400» الف طن سنويا، وفي عام 1964 تم تغيير اسم الشركة العامة للسمنت العراقية وكانت تضم ثلاث شركات « الشركة العامة للسمنت الشمالية، الشركة العامة  للسمنت العراقية، الشركة العامة للسمنت الجنوبية « وفي عام 2016 تم دمج الشركات الثلاث  تحت مسمى « الشركة العامة للسمنت العراقية «   وتقوم  حاليا بانتاج انواع مختلفة من السمنت والنورة.
التقت «الصباح» بمعاون مدير عام شركة السمنت العراقية المهندس عمار رحيم عبد الله الساعدي الذي قال:
اضافة الى انواع السمنت المنتج لدينا انواع اخرى غير نمطية وهي سمنت آبار النفط وسمنت اسس السدود المستخدم الان في سد الموصل وشركتنا قادرة على انتاج اي نوع  تطلبه الدولة او القطاع الخاص، ولدينا 18 معملا وقبل عام 2003 كان الانتاج حكوميا فقط،  فكانت الشركات الثلاث مملوكة للدولة وتسد الحاجة المحلية بنسبة 100بالمئة وكان التصدير مستمرا، ولم يكن هناك قطاع خاص وكان الانتاج بمواصفات عالية كون  العراق يمتلك المواد الاولية الجيدة لصناعة السمنت وهي ارقى المواصفات في المنطقة، وكانت الدول تسعى لاستيراد السمنت من العراق وبعد العام 2003 دخلت شركات القطاع الخاص  بسبب تقادم مصانع الدولة ، وتحولت الى نظام التمويل الذاتي لذلك، وعقد شراكات مع القطاع الخاص عراقية واجنبية لتأهيل المعامل وهي تدفع رواتب المنتسبين وتعطي حصة للدولة بحدود 20 بالمئة، وفرضنا على المستثمر انشاء محطات توليد الكهرباء بـ 50 ميكاواط  فتم ذلك، وفي معاملنا منها في كبيسة والقائم وفي كل المعامل المستثمرة كانت هذه العقود مربحة وناجحة الا ان دخول «داعش» ادى الى هدم تلك المعامل منها 6 بالموصل و3 بالمنطقة الغربية، وخروجت 9 معامل عن الخدمة، فبقيت لدينا 9 معامل،  لكن القطاع الخاص استطاع ان يغطي الحاجة، الا اننا واجهنا خطر المستورد الذي كان رديئا وباسعار رخيصة جدا كون دول المنشأ تدعم انتاجها ما جعل المنتج الوطني لا يقوى على منافسته، وكانت اسعارها 40 دولارا لا يستطيع منتجنا منافسة هذا السعر لكون كلف انتاجنا عالية، وبعد ورود شكاوى برداءة المستورد تم تشكيل لجنة «التوكيد النوعي»  لتشديد الفحص في المنافذ الحدودية على المستورد وبدأنا بمنع دخول الانواع التي تفشل في الفحوصات وهذه الاجراءات قيدت الاسمنت المستورد واشركنا شركات الاسكان والاعمار وحتى شركتنا في فحص  المستورد,  وقدمنا تعهدا للدولة بسد الحاجة الفعلية والحفاظ على الاسعار لذلك صدر قرار بمنع استيراد السمنت بتاريخ 1/1/2016 واستطاعت شركاتنا والقطاع الخاص سد الحاجة، ولم ترتفع الاسعار وهي 90 الف دينار للطن الواحد الا ان اغلب الشركات تبيع اقل من هذا السعر كون المنتج اكبر من الطلب ففي عام 2016 انتجنا 17مليون طن وسدت حاجة السوق المحلية و2017 انتجنا 21مليون طن ولدينا طاقة متاحة لانتاج 30 مليون طن  ولكننا نتوقع ان الاستهلاك لن يتجاوز الـ 25 مليون طن، وفي حملات الاعمار سيكون انتاجنا 40 مليون طن وقد تفاجأنا في 1/1/2018 ان وزارة النفط رفعت سعر اللتر الواحد من النفط الاسود من 100دينار الى 150 دينارا وخسرنا 25 مليار دينار، كما ان اغلب وزارات الدولة لم تلتزم بشراء منتوجنا وموازنة 2018 ألغت المكافآت ووجبات الغذاء الليلية لمنتسبينا.
وللاخذ بيد صناعتنا  لترتقي نحو الافضل اشار الساعدي الى ان الوزارة رفعت شعار «صناعتنا عزنا « ونطمح ان يتمسك الجميع بهذا الشعار من اجل اقتصادنا الوطني لاسيما وان منتجات الوزارة تتمتع بجودة عالية جدا.  
صناعة الدواء
والتقت صحيفة «الصباح» بالمستشار العلمي لوزارة الصناعة والمعادن الدكتور حمودي عباس ومدير شركة سامراء سابقا والخبير العلمي لصناعة الدواء حيث اوضح : ان العراق يستورد سنويا بما مقداره ثلاثة مليارات دولار من الادوية وهذه مبالغ طائلة يمكن استخدامها لتنمية الاقتصاد الوطني ولدينا اكثر من 24 معملا اهليا اضافة الى الشركة العامة لصناعة الادوية، وفي معمل سامراء الذي يكون حاصل دمج شركتين هما سامراء ونينوى والاخيرة تعرضت الى التدمير لكن سامراء لم تتعرض  وتمت اضافة خطوط انتاجية جديدة وبامكانها انتاج المئات من انواع الادوية المختلفة،  ويعد معمل سامراء اكبر المعامل في الشرق الاوسط ويعمل بطاقات مختلفة لكنها لم تغط اكثر من 10بالمئة من حاجة البلد، والسبب هو ليس لعدم امكانيتها  بل هذا هو حجم التعاقدات مع وزارة الصحة  كونها تستخدم معظم الادوية الموردة من الخارج ومن مناشئ مختلفة والكثير منها اسعارها متدنية لان نوعيتها غير جيدة.
 وهناك خلل في سياسة الاستيراد علينا ان نحمي صناعتنا من خلال التعليمات ابتداء من وزارة الصحة  واذا تطلب الامرعلينا اللجوء الى التشريعات وهناك بلدان عديدة اخرها السودان التي منعت  123دواء من الدخول  لكون هذه الادوية تم انتاجها في السودان ولم تغطي حتى كامل الحاجة والهدف جلب  الاستثمارات الخارجية لتشجيع المنتجين المحليين باضافة طاقات انتاجية  للخطوط  العاملة.
 
المقترحات
ويتابع عباس: لتعزيز صناعتنا الوطنية  ومنها الصناعة الدوائية على وزارة الصحة ان تعيد  النظر باجراءاتها لان كل الدول تعطي خصوصية للادوية المنتجة محليا لا ان تتم معاملتها كالشركات الاجنبية بالانتظار لفترات طويلة والانتظار لسنة او سنتين لحين اكمال متطلبات التسجيل وهناك استثناءات لبعض الحالات اذ يجب ان يكون المنتج المحلي الدوائي  مطابقا  بشكل تام للمواصفات الاميركية والبريطانية والتي تعد اشد مواصفتين دوائيتين في العالمـ  و ان نعطي فترة زمنية للشركات المحلية لحين اكمالها  ولحين تسجيلها وليعطي تسجيلا اوليا وليكن لمدة سنة بشرط ان تكون جميع الوجبات التي تنتج خاضعة لفحوصات الرقابة الدوائية قبل اطلاقها للسوق،  ونضمن  ان يأخذ المواطن دواء بمواصفة عالية ونوعية جيدة.
 ويبين عباس ان هذا الاجراء لو تم فسوف يعجل كثيرا بتسجيل الادوية وانتاجها، وهناك العشرات من انواع الادوية بامكاننا ان نغطي حاجة العراق وايران وتركيا، كما نستطيع انتاج انواع كثيرة من الادوية، لكننا نصطدم بعدة تعليمات فوزارة الصحة لها تعليماتها لكن يجب علينا دعم المنتج المحلي من الادوية، وكل البلدان تدعم انتاجها المحلي واعطي مثالا الجزائر اول ثلاث منتجين محليين يقدمون انتاجهم بعدها يقفل السوق ويمنع اي مستورد من الادوية التي انتجها المنتجون المحليون الثلاثة، ولكي يشجعوا المنتج  للاستثمارات الداخلية والخارجية  يتم شراء الدواء المنتج الاول بـ 70 % من سعره الاصلي والمنتج الثاني بـ 60 % والمنتج الثالث الاصلي وهذا يعني بقاء الاستيراد مستمرا ولم تنته الحالة ولكن لو كان هناك دعم فسوف ينخفض السعر على الاقل بنسبة 50 بالمئة، وعندما يكون الانتاج بطاقات عالية فسوف يكون توفيره بكلف مناسبة  وسيتم تشغيل ايدي عاملة محلية،  وسيدعم الاقتصاد الوطني،  والاهم ان يحمى المواطن من الادوية المغشوشة حيث تأتي الكثير من الادوية بمسميات اصلية لكن يصعب اكتشافها وكانت هناك حادثة نشرت بالانترنت حول شحنة دوائية من شركة اميركية معروفة وجدت في المطار وهي مزورة فكيف في بلدنا والحدود مفتوحة والسيطرة عليها صعبة، ولحين تنظيم الوضع علينا حماية المواطن بالانتاج المحلي ونحن باستطاعتنا انتاج كل انواع الادوية التي يحتاجها المواطن من ادوية وبامكاننا تغطية نسبة كبيرة منها اذا توفرت التسهيلات والدعم كما يجب ان يخضع الدواء المنتج محليا الى الرقابة الدوائية ونأمل ان تكون لنا مناقشة مع وزارة الصحة بشأن 
ما ذكرته.