سمير غالي
حلّ الغروب ولا عشاءَ في البيت، ولا كتابا أبيعه، ولا بنطالا يرغب به أحد في سوق الهرج، ولا قميصا، ولا صحنا صينيا، ولا ملاعق ثمينة. حتى أبواب الغرف استبدلناها بستائر من بطانيات عسكرية قديمة. أمّا الشبابيك، فقد بيعت منذ زمنٍ بعيد. لاشيء سوى سلكٍ نحاسي فوق السطح ما زلنا ننشر عليه ثيابنا المغسولة. كيف مددت يديّ إليه، وأيّ قلبٍ تجرأ على طيّه في ذلك الغروب من الحصار.
كانت الساحة شبه فارغة عندما عرضته. ثلاثة من العتاقين تجمعوا حوله وراحوا يتفحصونه. كنت أشعر بأيديهم تتفحص شرفي، وجلد زوجتي، وتغور في أفواه أطفالي المفتوحة تحت ذكرى القطرات القديمة الراشحة منه. لكن كيس الدقيق الصغير وصرر الشاي والسكر وربع كيلو اللحم، والتفاحات الصفر، كانت كفيلة بأن تخلق ذلك الصخب الحلو تحت مصباح بيتنا الوحيد في غرفة
المعيشة.
شبعوا وناموا، وأضاءت زوجتي الحمّام بسراجٍ صنعته من قنينة بيبسي مهملة ملأتها بالنفط وزودتها بفتيل، ثم حلّت شعرها وسخنت الماء، وراحت تثِبُ فوق درجات السلم المعتم نحو السطح، لكنها لم تجد ثوبها الأحمر المطبوع بتفاحاتٍ
صفر.