بل كان نصراً كبيراً على المستوى العسكري والمعنوي والإنساني والوطني، إذ برزت العديد من الصور الوطنية خلال المعركة من خلال تلاحم أبناء العراق في هذه المعركة ووحدة الموقف والدعم الشعبي والإعلامي والحكومي وتعاضد أبناء القوات الأمنية مع أبناء العشائر وأبطال الحشد الشعبي بعد أنْ أدرك الجميع بأننا نخوض معركة وجود ومعركة تحديد مصير العراق ومستقبله وتتوقف عليها تحقيق أحلام العراقيين في الأمن والاستقرار والبناء
والتقدم.
أما الصور الإنسانيَّة التي تجسدت في تلك المعارك فهي المواقف التي أبداها أبطال القوات الأمنيَّة والحشد الشعبي تجاه إخوانهم وأهلهم من المدنيين الأبرياء وتأخير إنجاز النصر الحاسم لتجنيب المدنيين والممتلكات الأذى، إذ شاهد الجميع أبناء الجيش والحشد الشعبي وهم يحملون الأمهات على الظهور وصوراً أخرى وهم يطعمون الأطفال بأيديهم لتخيب مساعي المنافقين وتخريس أبواق الفتنة الطائفيَّة التي سعت الى تأجيج الفتنة بين أبناء البلد الواحد وينجح أبناء العراق في رسم صورة إنسانيَّة رائعة ستبقى راسخة طويلاً في أذهان الذين عاشوا فترة من الزمن تحت سيطرة داعش.
الرسالة التي أرسلها العراقيون إلى العالم في تلك المعارك مفادها بأنَّ العراقيين قادرون على تحرير مدنهم وقادرون على صناعة النصر بسواعد عراقيَّة وإرادة وطنية صلبة من دون الحاجة لمساعدة قوات بريَّة أجنبية أميركيَّة أو تركيَّة أو أية جنسية أخرى. فضلاً عن أنَّ النصر على داعش في الموصل والفلوجة والمناطق الأخرى يحمل دلالات كثيرة أهمها انهيار أكذوبة قلعة الصمود والجهاد المزيفة ونهاية أسطورة داعش الذي لا يهزم ومن جانب آخر فقد أرسل الأبطال في الجيش العراقي والحشد الشعبي رسالة إنذار إلى عصابات داعش وفلوله المتبقية في سوريا والمناطق الأخرى بأنَّ القتل والهزيمة سيكون مصيرهم كما حدث في العراق، فلا حصون أو قلاع تمنع العراقيين من
تحقيق النصر.
وما دمنا نتحدث عن النصر الذي تحقق من خلال التضحيات الغالية من دماء شبابنا فلا بدَّ أنْ نؤكد ضرورة ديمومة النصر وعدم عودة الإرهاب مرة أخرى الى المدن العراقيَّة من خلال اتخاذ إجراءات رادعة ضد الأصوات الطائفية داخل وخارج العراق وضرورة إبعادها عن المناكفات السياسية والسباقات الانتخابية؛ لأننا لسنا على استعداد لأنْ نضحي مرة أخرى وأخرى وندفع ضريبة من الدم..
في الختام نبارك لشعبنا هذا النصر العظيم ونتمنى أنْ تلتفت الحكومة الى مرحلة ما بعد تحقيق النصر وهي مرحلة البناء والإعمار وإعادة النازحين، فلقد انتظر شعبنا كثيراً لكي يعيش بسلام وأمن ورفاهية وهو يستحق ذلك.