- 1 -
لاشك أنّ الأميّة - بمعنى عدم القراءة والكتابة - منْقَبةً للرسول الأعظم (ص) الذي كان أميّا، ولكنه جاء بالمُعْجزِ الذي أدهش العقول، وأعجز الفصحاء والبلغاء أن يأتوا بسورة من مثله، فدلّ ذلك على أنّه رسولُ السماء، وأنّ القرآن هو الوحي الإلهي الذي لا يأتيه الباطل مِنْ بَيْن يديهِ ولا مِنْ خلفه.
والمهم إن الرسول الأميّ جاء بكتاب تضمن من العلوم والأسرار ما لم يكتشف بالكامل حتى الآن قال تعالى: (وأرسلنا الرياح لواقح) الحجر /22
وتعليقا على الآية المباركة قال المستشرق الانكليز(اجنيري)، أستاذ اللغة العربية في جامعة أكسفورد ،عندما اكتشف العلم دور الرياح في التلقيح: (إنّ أصحاب الإبل قد عرفوا أنَّ الريح تلقح الأشجار والثمار قبل أنْ يتوصل العلم في أوروبا إلى ذلك بقرون)
الفتاوى الواضحة للإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر ص89
- 2 -
والسؤال الآن :
وهل تكون الأميّة منْقَبة لغيره (ص)؟
والجواب : نعم، فإنّها منقبة فريدة للشاعر الكبير محمد بن مهدي بن حمزة الشمري الحلي المعروف بالشيخ حمادي الكوّاز ( 1245 هـ - 1279 هـ ) فقد كان أميّاً ولكنه كان شاعراً مُبدعاً تفوّق بموهبته الفطرية على رعيل من الشعراء المعروفين .
إنّه ليس الشاعر الأميّ العراقي الوحيد، فالعراق منذ (الخبز آرزي)، الشاعر الأميّ الشهير، وحتى اليوم يحتضن الأفذاذ والمبدعين الذين تقفز بهم المواهب إلى قِمم شعرية شامخة.
- 3 -
وشاعرنا الأميّ الحليّ من أسرة شعرية عريقة، فأخوه الشيخ صالح الكوّاز كان من كبار شعراء الحلة أيضاً .
- 4 -
لقد كان الشيخ حُمّادي الكوّاز يملك من القوة والاقتدار في تصوير مشاعره والتعبير عما يختلج في نفسه ما يُبهر الأدباء والفضلاء فضلاً عن غيرهم
قال يرثي وَلَداً دفَنَهُ في مكانٍ يسمّى (مشهد الشمس) في الحلة : لِيُهُنِ مغاني مشهد الشمس أنّها
ثوى (بدرُ) أنسي عَنْدَها بِثَرى القبرِ
وكانت قديما مشهَد الشمسِ وَحْدَها
فأضحتْ حديثاً مشهدَ الشمسِ والبدرِإنّه في هذين البيتين استحق الوسام الرفيع في عالم الشعر، لما تضمناه من الروعة في التعبير والتصوير .
- 5 -
وقال متغزلاً :
شاب رأسي والحبُّ فيكم وليدُ
وبلى الجسمُ والغرامُ جديدُ
قُتلَ الصبرُ (كالحسين) شهيداً
لا لذنبٍ والهجرُ منكم (يزيدُ)
- 6 -
وقال : يا صاحب العينِ الكحيلةِ تَحْتَها
الخدُّ الأسيلُ وقاتلي في ذا وذي
أَمعذِبي بِجحيمِ نيرانِ الهوى
لِمْ لَمْ تكنْ مِنْ نارِ حبّكِ منقذي
وتقول لي: أهلكتَ نفسك في الهوى
شوقاً ولو أَنْصَفْتَنِي أنت الذي..
- 7 -
وقال أيضا :
قالوا تصُدُّ عن الحبيب وما بدا
منه بِطُرق الحُبِّ عنك صدودُ
فأجبتُهم إنّي رأيتُ مشاركاً
لي في هواه ودينيَ التوحيدُ
- 8 -
ولقد كان إلى ذلك كما قال عنه المرحوم العلامّة الشيخ محمد السماوي في الطليعة مُكْثِراً من مدائح الأئمة الطاهرين
أقول : ولا يسعنا في هذه العجالة إيراد المزيد من الشواهد، ونحيل القارئ الكريم إلى الموسوعات الكبرى التي تناولت ترجمته وذكرت العديد من قصائده ومقاطعاته.
