حميد حسن جعفر
سأمنحها فرصة ادّعائها البراءة، وأتّهم حاشيتي بعدم الفهم، وسوء التقدير، و التسرع في الفعل وردّ الفعل.
لم يكن هذا التوجه أمراً آنياً، فمنذ نصف قرن، أو أكثر وأنا أختلق الأعذارَ،وأتصنع الـ "لا مبالاةَ"، وأحاول أن أقنع أبويّ بأنّ الأمور لم تعد تهمني كثيرًا، وأنّ سمنة تجتاح وسطها، والتي باتت تصيب نساءنا، أو الجفاف حين يجتاح ملامح الأنوثة لن يشكلا همّا ذا شأن في استقبالها، من أجل إدارة ما تبقى من شؤون الغابة وعلاقتها بالحطابين، والفحامة والمارّين خفافا،هل كنت أسعى إلى صناعة حقول للإهمال، تسعها وتسع من معها من أصحاب نميمة وفتن، وما يتجاوز جغرافيتي من قيعان ومستنقعات وما يشير إلى مقابر،الظنون أمور واردة، إن كان هناك يقين لدى زميلة أو رفيقة أو صاحبة رفقة عابرة لتضعه في ميزان حسناتها، و تكشف لي عن هفواتي، وما أخطط له من انقلابات، على من يحمل بصمتينا، من أني قد حاولت الشطب على الطرق المؤدية إلى مزرعتها، أو أن اتخذ من الحروب ما ينسيني المساء الذي يحتله جسدها بهارة، سأنقل للعتمة استكبار خصرها، حين التفت نباتاتي المتسلقة / زهرة البوق أو صباح المجد /flower moon, لتزيده بردًا و سلاما، ولزمرة الطالبات من رفيقات دربها، معرفة بمواقفي، من تروتسكي وتصدير الثورة وسقوط جدار برلين، وإن كنت متأكدا من أن ما أقوله لا يغير موقفها، حين تنتزع ما استعمرت أمطاري من منخفضاتها، فأضطر إلى أن أقول: إن الأحلام وساوس، وما سقوط رأسي بحجرها إلّا محاولة للعدول عن تحطيم زجاجاتي التي تشبه ما مضى من محميات الفراشات،أخوتها ما بين سمكري سيارات حوضية لتجميع أعشاب وطرائق الكلام و اجتماعات حزبية ومدعي منبر نصائح وإرشادات، وما بين صاحب منجرة يتبضع وسط مصاهر المعادن، و صياد أسماك تخلى عن النهر ليتخذ من الصحراء صاحبة. مدرس الرياضيات صاحب سيارة – اللّادا - لم يكن صديقي، وما كان خصمك، وكنت تحاولين إذلال الطريقة الخوارزمية في القسمة الطويلة على عدد من مرتبتين، فأذهب الى وسيلة التائهين في الانتظار، فأعد السيارات الصاعدة لجسر ذي الطابقين، والهابطة منه لتستدير حول ساحة كمال جنبلاط، ذاهبة أو عائدة من جسر ١٤تموز / المعلق،فأنسى أن الشمس قد هبطت لقاع دجلة، و غطى المساء المشاتل، ولم يظهر موكبك، مدعية أن مدرسة مادة الثقافة القومية قد أفاضت بالحديث عن القضية المركزية، لكي أعود لداري غير مخذول، و إصراري يتضاعف على ضرورة متابعة ما يحوم في سمائي من طيورك، أبواي لم يعاينا القضية بحرص، فالأمر لا يخرج عن مفهوم أن طيور الولد الذي هو أنا لم تعد تتكاثر وسط أبراج الدار، وباتت أعدادها تثير الشكوك، وأن جوقة طيوري باتت كثيرة الاختلاط بجوقات الآخرين من -المطيرجية-
لم أكن ابنهم، ذاك الطالب المطيع المستعد لأن يسهر الليالي من أجل معرفة المعادلة الكيمياوية التي تبحث عن الرمز الكيمياوي لأكسيد النحاس الثنائي cup.
كان الطالب المطيع مأخوذًا باكتشاف العالم، هذا الكائن الفريد، ومعه كنت أدرب ما لدي من تصورات حول العالم الذي لم يكن الأرض فحسب،كنت اصطحبه الى حيث المهمل والذي لا يريد الإعلان عن نفسه من جسد الأرض، ندخل أنهارا فنغرق فيلتقطنا قراصنة جميلون لهم هيئات الإناث، فنتنفس ما ينفخون فينا من بحار لا ترد، وبساتين محمولة على أكتاف الريح، فنمسك بالليل وندعك ساعاته بماء الزهر ليلقي علينا سحابة عتمته، علّنا نصاب بالجنون،ولأرمي بجسدي على صخرة هي يمينها،من علمها وعلم أشجاري كيف تقود غزالاتها الى المراعي، من غير أن تفكر بالذئاب، أو نقترح على أنفسنا نوعا من الحذر والفطنة ،كنا الريح التي تتخلل الغابة،كنا نسعى أن نكون لا كالآخرين،نضطهد العشب حين نترك قمصاننا التي كما الماء عند حافاته، فيغمض عينيه لكي لا يرى عرينا،كأن نقول للحطابين: هذان طائران ما إن أحدق بهما حتى اشتعل،سأكتفي بأن احتضن ظلالهما، لأتطاول،واسمّي حاشيتي بأسماء مريديها، فيتكاثرون كما الأسماك.