جريمة إغواء الحدث على تعاطي المخدرات و المؤثرات العقلية

العراق 2020/03/02
...

القاضي ناصر عمران الموسوي
الجريمة في المفهوم الفقهي الشرعي محظورات زجر الله عنها بحد أو التعزير حسب ما يراها الماوردي  وفي الفقه القانوني هي : كل فعل او امتناع يأتيه الانسان اضرارا بمصلحة حماها القانون ، ويترتب عليه اثر جنائي يتمثل بالعقوبة او التدبير الاحترازي وأياً تكن العقوبة شرعا او قانونا فهي متبنيات ردع مجتمعية تسعى للحيلولة دون تكرارها عبر الجزاء المفروض على مرتكبها فهي في الصورة الاخرى للجزاء اجراء وقائي عبر التهديد بالعقوبة والذي تسبقه بالتأكيد مجموعة من المنظومات الاجتماعية التوعوية تبتدأ بالأسرة والمدرسة ومن خلالهما الى مجالات  المجتمع الواسعة والجريمة هي انتهاك للمحظور الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والذي رتب القانوني عليه اثرا جنائياً .
 و المخدرات واحدة من اهم التهديدات والتحديات التي يعاني منها المجتمع وظاهرة  تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية مشكلة عالمية كونها  حجر الاساس في  تجارة المخدرات التي تتنوع وتتشكل  منتهية  بغاية اساس وهي الوصول بالمادة المخدرة الى المستهلك ، واذا كانت المتاجرة بالمخدرات وتعاطيها جرائم شديدة الخطورة حذرت منها المؤسسات الدولية واشارت اليها اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988 ، فان جريمة اغواء الاحداث على تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية من أخطرِ المشكلات الاجتماعية  لتأثيرها المُباشر في البنية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع والفرد، ولِما تُحدِثهُ من ضررٍ بالغٍ لمن يتعاطاها، أو يُتاجر فيها، وتنعكس هذه الأضرار على أسرة المُتعاطي، ومن ثمَّ على المجتمع الذي يُحيط به بصورة مباشرة أو غير مباشرة  والاغراء بالمعنى اللغوي : هو حث الغير على فعل ما يرغبه ،  سواء كان هذا المرغوب مالا او لذة جسدية او كل ما يتصور ان يكون مرغوبا .فالرغبة قوة طاغية وقيد محكم الربط على القلوب .وشدة الرغبة في شيء تزين للنفس الاقدام على أي فعل لإشباع الرغبة. 
وقد عرف الناس بحكم التجربة مدى طغيان الرغبة وقهرها للعقل والضمير فاستعملوا الاغراء كوسيلة لإخضاع شخص او حثه على فعل يوافق مصالحهم و الاغواء هو اقناع الغير بأن الصواب خطأ والخطأ صواب او هو قلب الحق باطل والباطل حق لان من وقع تحت الاغراء يقدم على الفعل القبيح او المحرم وهو يعلم انه قبيح او محرم ولكن غلبته شهوته.اما من وقع تحت الاغواء فهو يقدم على الفعل القبيح وهو يعتقد انه يحسن صنعا وهو لا يعتقد اصلا انه ارتكب جرما والامر يزداد خطورة وتعقيدا كون من وقع عليه الاغواء وتأثر به هو حدث ولذلك اعتبر قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017 الفقرة (خامسا ) والتي تنص (من اغوى حدثا  ......على تعاطي المخدرات او المؤثرات العقلية ) من الافعال المرتكبة والمعاقب عليها بنص المادة (28) والتي تنص ( يعاقب بالسجن المؤبد او المؤقت وبغرامة لا تقل عن (1000000 ) عشرة ملايين دينار ولا تزيد على (30000000) ثلاثين مليون دينار) والحدث  في المفهوم القانوني : هو الشخص الذي لم يتم الثامنة عشرة من عمره إذا ارتكب جرماً معاقباً عليه في القانون .  وقد تضمن قانون رعاية الاحداث رقم 76 لسنة 1983  في المادة الثالثة منه نصا يقضي بسريان أحكامه على طوائف ثلاث هي( الصغير و الحدث المعرضين للجنوح وعلى
 اوليائهم 
 وأورد المشرع في سياق ذلك تعريفا وتحديدا للأفعال التي اذا ارتكبها احد الأحداث وصف بكونه (حدثا جانحا)  مشردا حسب  المادة (24) من القانون . التي تنص (  يعتبر الصغير او الحدث مشردا اذا (أ) وجد متسولا في الأماكن العامة او تصنع الإصابة بجروح او عاهات او استعمل الغش كوسيلة لكسب عطف الجمهور بقصد التسول. (ب) مارس متجولا صبغ لأحذية او بيع السكاير او أية مهنة أخرى تعرضه للجنوح, وكان عمره اقل من خمس عشرة سنة.( ج) لم يكن له محل اقامة معين او اتخذ الأماكن العامة مأوى له. (د) لم تكن له وسيلة مشروعة للتعيش وليس له ولي او مرب. (ه) ترك منزل وليه الذي وضع فيه بدون عذر مشروع والفقرة الثانية والتي  تنص على ما يلي (( يعتبر الصغير مشردا اذا مارس أية مهنة او عمل مع غير ذويه) او منحرف السلوك وفق المادة (25) من القانون التي ذكرت الحالات التي يعتبر فيها الحدث منحرف السلوك وهي ((يعتبر الصغير او الحدث منحرف السلوك اذا قام بأعمال في اماكن الدعارة او القمار او شرب الخمور. او خالط المشردين او الذي اشتهر عنهم سوء السلوك. او كان مارقا سلطة وليه... وحدد القانون سن الحداثة في الجنوح والتشرد بثماني عشرة سنة كحد أعلى, وتسع سنوات كحد أدنى. وقد قسم القانون  الأحداث إلى ثلاث فئات وحسب الطبيعة العمرية للحدث.
 خص كلا منها بمعاملة خاصة. وهي فئة الصغير. وهو من لم يتم التاسعة من عمره. وفئة الصبي. وهو من أتم التاسعة من عمره ولم يتم الخامسة عشرة. وفئة الفتى. وهو من أتم الخامسة عشرة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة . ووقوع فعل الاغواء على الاحداث يشكل جريمة اغواء على التعاطي والتعاطي : هو تناول الشيء المتعاطي المادة المخدرة داخل الجسم  باي  وسيلة كانت وتؤثر على اجهزة  الجسم  ويكون ذلك عن طريق الأكل والشرب والتدخين او الحقن او الشم ويؤثر في الحالة النفسية للمتعاطي نتيجة التفاعل الداخلي بين الجسم و المواد المخدرة والمخدرات : هي كل مادة طبيعية او تركيبية  المدرجة  في جداول(  الاول والثاني والثالث والرابع ) الملحقة بقانون المخدرات والمؤثرات العقلية والمعتمدة في الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 وتعديلاتها حسب الفقرة اولا  من المادة الاولى من القانون المذكور اما المؤثرات العقلية فهي كل مادة طبيعية او تركيبية من المواد المدرجة في الجداول ( الخامس والسادس والسابع والثامن) الملحقة بالقانون المذكور والتي اعتمدتها اتفاقية الامم المتحدة للمؤثرات العقلية لسنة 1971 كما نصت الفقرة (ثانيا) من المادة الاولى من القانون وتُعرف المخدرات عن إنها مواد تسبب الإدمان ، وتعمل على تسميم الجهاز
 العصبي. 
ويحظر تناولها أو صناعتها أو زراعتها أو استخدامها إلا بواسطة من هو مرخص له بذلك. وهي عناصر منوّمة أو مسكّنة أو مفتّرة، والتي إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية المعدة لها فإنها تصيب الجسم بالفتور والخمول وتشلّ نشاطه كما تصيب الجهاز العصبي المركزي والجهاز التنفسي والجهاز الدوري بالأمراض المزمنة، وتؤدي إلى حالة من التعود أو ما يسمى "الإدمان" مسببة أضرارًا و الادمان حالة تحدث بسبب تناول عقار معين، وتؤدي إلى الشعور بالارتياح، وتخلق رغبة داخل الشخص لتكرار التعاطي مرة تلو الأخرى وهكذا والجدير بالذكر ان الفقرة خامسا من المادة (28) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية تنص على تطبيق العقوبة المقررة على كل من اغوى حدثا على تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية وهي حالة جرمية مستقلة عن جريمة التعاطي التي يرتكبها الحدث والتي تنطبق عليها المادة (32) من 
 المذكور.