علي الهماشي
في يوم 9/ 4/ 2003 و9 / 12 / 2017 حدثان مهمان وانتقالة نوعيَّة في تاريخ العراق.
التاريخ الأول في التاسع من نيسان عام الفين وثلاثة كان السقوط المدوي لأعتى ديكتاتورية شهدها العالم واحتوى كل خبرات القتل والتنكيل بالشعوب ليختبرها ويطبقها على الشعب العراقي وتفنن في القتل بكل طرقه وابتكر طرقاً لم يعرف التاريخ مثيلاً لها.
ويوم 9 /12 في عام الفين وسبعة عشر، حيث إعلان النصر النهائي على أعتى منظمة إرهابية شهدها العالم وقطع رأس الأفعى في عاصمة دولة
الخرافة.
ولعلنا لم نستطع أنْ نُقنع أنفسنا في 2003 بالنصر أو الاحتفال لأنه تم على يد غيرنا وإنْ كنا عاملاً مساعداً كبيراً في سقوط الطاغية، إلا أنه بقي نصراً ناقصاً لم نشعر بزهو الانتصار المطلوب وانقسم العراقيون
في هذا اليوم.
أما يوم النصر الكبير في التاسع من كانون الأول عام الفين وسبعة عشر فقد كان نصراً عراقياً بامتياز.
نصر احتفل به العراقيون جميعاً، نصر كان من أهم أسبابه الوحدة الوطنية تجاه عدو ظلامي لا يعرف الحياد، إما معي أو القتل والتشريد.
نعم هذان الحدثان الإيجابيان كان لهما التحول النوعي في تاريخ العراق الحديث ولأني بطبعي أحاول التسليط على الأحداث الإيجابية وأتناسى بعض الأحداث السلبية، ليس هروباً، وإنما أحاول أن أنظر الى الجانب المشرق ولهذا لا أحاول هنا أنْ أتطرق الى نكسة حزيران العراقية سنة 2014، بل أؤكد أنها نتيجة سلوك دفعنا ثمنه واستطعنا تجاوزه بوحدتنا وتفانينا في الدفاع عن وطن اسمه العراق وإعادته مرة أخرى بلداً واحداً ليكون عامل استقرار وقوة للمنطقة والعالم بعد أنْ كان اسمه وتجربته مصدر قلق
للمنطقة كلها.
أما الرابط الآخر المخفي بين السقوطين فكلا المهزومين صدام وداعش وهما نتاج مدرسة واحدة، فأغلب القيادات البعثيَّة الإجراميَّة تحولت الى تنظيم داعش الإرهابي.
وكانت داعش منظمة إرهابية رأسها يدعي أنه خليفة المسلمين ومجلسه العسكري بعثيٌّ بامتياز (فالنخب السياسيَّة والأمنيَّة العراقيَّة السابقة من حقبة صدام حسين تعاملت مع تنظيم -داعش-أداة لإعادة التأكيد على السلطة... جاعلين منه مقراً تنظيمياً للضباط العسكريين والاستخبارات العراقية الذين كانوا يعملون في ظل
حكم صدام*.
من حقنا أنْ نحتفل بتحرير أراضينا من القوى الظلامية البعثية وإنْ كنا لم نشعر بزهو الانتصار بسقوط البعث ودولته في 2003 فإننا قد أنصفنا أنفسنا وتاريخنا وأسقطنا البعث بزيه الجديد ودولته الخرافية
الجديدة.
نعم من حقنا أنْ نحتفل لأننا بدأنا عهداً جديداً وتاريخياً جديداً لانطلاقة جديدة في المنطقة والعالم.
* راجع كتاب العراق في عهدي المالكي والعبادي فيبي مار وابراهيم المراشي