خطة وطنية شاملة لدعم المنتج المحلي
العراق
2020/03/03
+A
-A
بغداد / عمر عبد اللطيف وشيماء رشيد
وقالت النائب التميمي لـ "الصباح": إن "هناك الكثير من المشكلات التي ترتبط باستيراد المواد الداخلة للعراق، أبرزها مشكلة الفساد، التي تتجذر بتدخل العامل البشري"، مشيرةً الى أن "هناك الكثير من المبالغ التي يخسرها العراق بسبب تواطؤ بعض الموظفين مع التجار من خلال التقليل في وزن الحاوية أو تغيير مفرداتها لتنخفض بذلك المبالغ المترتبة على تلك الشحنة".
استجابة للدعوات المطالبة بدعم المنتج الوطني؛ كشفت عضو مجلس النواب الدكتورة ماجدة التميمي عن خطة لتقنين استيراد المواد من دول الخارج بالاشتراك مع ثلاث وزارات، وتأتي هذه الخطة ضمن الحملات الرسمية والشعبية التي انطلقت في وقت سابق تحت شعار "صنع في العراق" لدعم المنتج الوطني وإعادة فتح وتأهيل المصانع من خلال توفير ما يحتاجه أصحابها، خاصة بعد التدابير التي اتخذتها الحكومة بمنع استيراد ما يمكن تصنيعه داخل البلاد، ويرى خبراء وبرلمانيون أن تشجيع الصناعة المحلية سيوفر الآلاف من فرص العمل للشباب العاطلين ويسهم بتنشيط عجلة الاقتصاد والإسهام بالاستقرار الاجتماعي في البلاد.
وأضافت، ان "من المشكلات الأخرى؛ هي عدم صلاحية أغلب المواد المستوردة، إلا ان مواصفاتها وتاريخ صلاحيتها يتغيران لتدخل وفق هذا التواطؤ الحاصل لأكثر من مرة"، مؤكدة "أننا طالبنا مراراً وتكراراً بتغيير هذه الآلية الى الفحص الالكتروني، الذي يضمن إدخال الشحنات وفق نظام لا يمكن التلاعب به، ما يزيد من مدخولات العراق ضمن الموازنة العامة".
وبينت التميمي، أنها طرحت بأن "تكون هناك منظومة تشترك فيها وزارتا التجارة والتخطيط والبنك المركزي العراقي، للسيطرة على السلع الداخلة للعراق، وضمان دعم المنتج الوطني"، مؤكدةً ان "هذه الآلية تعتمد على دراسات وإحصاءات وزارة التخطيط بما ينتجه العراق من مواد غذائية أو استهلاكية، وما هي المواد التي لا تتوفر داخل البلد ولا يمكن انتاجها فيه، أو أنه لا يكفي لسد حاجة السوق والمواطن، ليجري على هذا الأساس الاستيراد، أي أن يكون وفق ما يحتاجه البلد وليس وفق ما يجري الآن من سياسة الإغراق"، منبهة على أن "مثل هذا النظام كان معتمداً في العراق، ومن ثم حصل هناك استيراد عشوائي ما تسبب بخروج العملة الصعبة الى البلدان الأخرى".
وأوضحت النائب التميمي، أن "اللجنة المالية اقترحت زيارة ثلاث دول كأن تكون الامارات والأردن وتركيا للاطلاع على كيفية إدارة النظام الجمركي في تلك الدول".
اللجنة المالية
عضو مجلس النواب عن اللجنة المالية جمال كوجر، أكد دعم مجلس النواب في التوجه نحو الانتاج المحلي والتقليل من الاستيراد، مشيرا الى أن "وجود الانتاج المحلي يعني غلق الأبواب على الأمراض والأوبئة".
وقال كوجر لـ "الصباح": "لا شك أن اللجنة المالية النيابية داعمة للمنتج والصناعة المحلية للكثير من الأسباب؛ أولها انها السبيل الوحيد لخلق فرص عمل وتغيير توجه المواطنين من القطاع الحكومي الى القطاع الخاص، وثانياً إن كل دولة تعتمد في موادها الاستهلاكية على الانتاج المحلي ما يعزز من اقتصادها والعكس يؤدي الى إخراج رؤوس الأموال، وثالثاً فإن ذلك يعزز دور الدولة في هذه الرقعة الاقتصادية".
وأضاف، إن "دعم الصناعة المحلية يؤدي الى جلب رؤوس الأموال والمستثمر الاجنبي الى داخل البلاد، فضلاً عن إبقاء السيطرة على النوعية الكاملة على المواد بيد الحكومة وليس المستثمر الأجنبي"، مبيناً أن "قوانيننا راقية جداً في هذا المجال إن طبقت".
وتابع كوجر إن "هذا الموضوع يندرج ضمن الجانب الصحي، فإن الانتاج المحلي والسلامة فيه يكونان كبيرين جداً، حيث أن هناك الكثير من البضائع التي تدخل هي معادة وتم تدويرها لأكثر من مرة".
وكانت اللجنة المالية قد بينت في وقت سابق أن كلفة تطبيق برنامج "التعرفة الجمركية" قد يكلف البلد مليار دولار، إذ أن العمل يحتاج الى الحوسبة كاسم ونوع المادة ورمز دخولها الى العراق، ما يتطلب تطوير مهارات الموظفين على هذه الأعمال، إلا ان هذا المبلغ قد يكون أبسط من خسارة المليارات من الدولارات بسبب استيراد المواد الرديئة، إضافة الى أن جميع الدول المجاورة تعمل بهذا النظام عدا العراق ما جعله سوقاً لجميع تلك الدول، وبالتالي استنزاف موارده والهدر بالمال العام على اعتبار أنه يدفع عملة صعبة ويشتري منتوجا رديء الجودة.
دعم برلماني
عضو مجلس النواب كاطع نجمان، أكد في حديث لـ "الصباح"، أن "دعم المنتج المحلي يعد واجبا وطنيا يقع على عاتق الجميع"، مبيناً ان "موازنة هذا العام ستؤكد دعم المنتج المحلي من خلال إعادة فتح المصانع والمعامل".
وتابع: إن "موازنة العام الماضي كان فيها تأكيد على الكثير من الأمور؛ منها تشجيع المنتج الوطني وعدم استيراد بعض المواد التي يمكن تصنيعها داخل العراق، حيث يعد ذلك واجبا وطنيا واخلاقيا وعلى كل إنسان دعم هذا التوجه، لأنه يسهم في الكثير من الإيجابيات، أولها تشجيع اليد العاملة العراقية، وثانياً تحريك رأس المال، وثالثاً تقليل الاستيراد من بعض الدول".
وبين نجمان، أنه "ومن منطلق حرصنا على دعم الصناعة المحلية، فإن موازنة 2020 سيكون فيها تأكيد على المنتج الوطني عبر إعادة فتح المصانع المتوقفة التي ستوفر -عند إعادة تشغيلها- الآلاف من فرص العمل والتي بدورها ستقضي على البطالة".
وانتشرت في الآونة الأخيرة على منصات التواصل الاجتماعي العديد من الحملات الداعمة للمنتج الوطني والترويج لإعادة بث الحياة في هذا القطاع من خلال إعادة إنتاجه وبيعه واستهلاكه.
حيث أنشئت العديد من الصفحات على موقع "الفيس بوك" أبرزها صفحة "دعم المنتج الوطني" والتي تدار من قبل مجموعة من الشباب من مختلف المحافظات العراقية الذين أكدوا أن الصفحة نالت انتشاراً واسعاً من قبل المجتمع العراقي وحتى بين العراقيين المغتربين.
عجلة الاقتصاد
بدوره، أوضح الخبير الاقتصادي علاء جلوب لـ "الصباح"، أن "هناك العديد من القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء تؤكد دعم المنتج الوطني عن طريق توفير الحماية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وقد نجحت وزارة الزراعة بتحقيق الاكتفاء بأكثر من 21 منتجا زراعيا وأغلبها دخل كمواد أولية للقطاع الصناعي، وفي الفترة الماضية شاهدنا عشرات من مفردات المنتج المحلي في الأسواق".
وأضاف، ان "التظاهرات الأخيرة كان من مطالبها دعم المنتج المحلي، فرفع شعار (صنع في العراق)، وهذا الزخم كان مشجعا للصناعيين في إعادة تأهيل مصانعهم من جديد وإعادة الإنتاج"، موضحاً ان "انتشار فايروس كورونا -وخاصة في الصين- سيوقف الاستيراد من هناك، وبالتالي يجب البحث عن البدائل".
وبين، ان "ممارسة سياسية الإغراق من قبل دول الجوار ورخص بضائعها؛ شكّلا نوعاً من الاحباط للصناعيين العراقيين، لذلك اتجه أغلبهم الى استثمار رؤوس أموالهم، إما في دول الجوار أو غيرها، ولكن بسبب تقليد وغش أغلب السلع، فقد أعادت الكثير من المصانع المحلية فتح أبوابها".
ونوّه جلوب، بأن "عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص ضرورية، وهناك مسودة قانون بذلك لا تزال موجودة في البرلمان، حيث يعد من القوانين المهمة ليكون المنقذ الوحيد لانتشال الشركات المملوكة للدولة المعطلة لأكثر من 16 سنة، التي تحتاج الى دعم عن طريق المشاركة مع القطاع الخاص لإعادتها إلى الحياة".