يقضي حسن الحمداني ساعات طوال على حاسوبه في المنزل، وهو يرممُ صوراً تالفة يطلب أصحابها إعادة ملامحها المفقودة بسبب قِدمها.
الحمداني، الحاصل على البكالوريوس في اللغة الانكليزية، تستهويه فكرة إعادة ترميم الصور القديمة التالفة أو الممزقة ويستعيد، اثناء اشتغاله، أجزاء مفقودة من هذه الصور بتقنية عالية الدقة.
ويُكرس الحمداني، وشباب آخرون، معظم وقتهم وهم يلبون الطلبات التي ترد عبر مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، تدعى "لمسة عراقية"، وهي مختصة بعرض النتاجات الابداعية للشباب العراقي بمختلف الاختصاصات.
يركزُ شباب "لمسة عراقية" على النتاج الابداعي التشكيلي بنحو خاص، فأغلب أعضائها من حملة الشهادات والمختصين في مجال الفنون التشكيلية المتنوعة، فضلاً عن الهواة في هذا الجانب.
وبينما يعرض الشباب بعض نتاجاتهم الابداعية، من المشغولات اليدوية، للبيع المباشر في المجموعة، لا يطلب "فريق ترميم الصور" مردوداً مادياً مقابل المهمّة التي يقومون بها.
يقول الحمداني إن "بعض الصور التي يرسلها مستخدمو الفيس بوك تتطلب مجهوداً كبيراً قد يستمر لساعات متواصلة من العمل"، لافتاً إلى أنه لا يجد ما هو أكثر متعةً من "إزالة آثار الزمن من الصورة الفوتوغرافية وإعادة ملامحها".
ويضيف الحمداني: "بعد أن أستعيد ملامح الصورة لتبدو أكثر وضوحاً، أنتقل إلى المرحلة التالية، وهي مرحلة التلوين"، مشيراً إلى أن "هذا الأمر يحتاج إلى عين مصوّر مختصّ بالفوتوغراف، لأجل استعادة اللون الحقيقي أو القريب من الحقيقي لتفاصيل ما موجود في الصورة من شخوص وأماكن".
من جهته، لا يجد رحمن عباس محمد، عائقاً أمام مقدرته في بثّ الروح من جديد في أي صورة، مهما كان مستوى الضرر الذي لحق بها، فهو مختص بالرسم الهندسي، وحاصل على شهادة الدبلوم فيه، ولديه خبرة طويلة اكتسبها خلال عمله في هذا المجال.
وإلى جانب "الفوتوشوب"، يستخدم رحمن برامج وتطبيقات أخرى تمكّنه من إنجاز عمله على أكمل وجه، وتساعده في تلبية الطلبات.
يقول رحمن: "أخصص بعض الوقت في تصفّح المجموعة، باحثاً عمّن يترك صورةً تالفة ويطلب تعديلها، لكي أقوم بالمهمة مجاناً"، مضيفاً: "أتفاجأ، في كثير من الأحيان، بان غيري العشرات من الشباب تطوعوا لتعديل الصورة ونشرها في التعليقات".
ويلفت رحمن إلى "بروز منافسة شديدة بين المصممين والمختصين بتعديل الصور، من أجل الحصول على أكبر نسبة إعجاب من خلال اتقان العمل بنحو مميز".
وبينما يعتمد جمال رحيم، في تخيل الأجزاء المفقودة لأي صورة، على ما تبقى منها، يؤكد إن "ذلك يساعده في استعادة النواقص المفقودة كقطعة الثياب مثلاً أو جزء من أجساء الجسم".
ويقول رحيم إن "وضوح الأجزاء المتبقية يمكنّني من معرفة التفاصيل الغائبة"، لافتاً إلى أن "الاعتماد على النسب والأبعاد يلعب دوراً كبيراً في نجاح ترميم الصورة".
ويعتقد رحيم أن "معالجة الصور التالفة تمثّل حالة من الشغف، تماماً مثلما يرسم الرسام لوحته أو يعزف الموسيقي مقطوعته أو يكتب الشاعر قصيدته، وهو فن صعب وليس سهلاً ولكنه ممتع في الوقت ذاته".
وتمثّل الصور القديمة، لدى الكثيرين، كنزاً تاريخياً يوثّق لمرحلة مهمة من حياتهم وحياة الأشخاص المقربين منهم، لذا فإنهم يهتمون بالحفاظ عليها من خلال التقنيات الحديثة وتكنولوجيا التصميم المتطورة.