حدث لصبي، ينظف خزانته، أن وجد في داخلها وحشاً، غاية في الصغر، منكمشاً على نفسه. يترجّى منه الوحش: لا تلحق بي الأذى.
يجيب الصبي: لن ألحق بك أي أذى. ما الذي يدفعك الى التفكير بذلك؟
يقول الوحش: حسنٌ. لا أعرف. ربما تكون حانقاً لما يصدر مني من أفعال تخيفك طوال هذه الأزمان.
يقول الصبي: أي أزمان تقصد؟
يجيب الوحش: أنت تعرف. أعني بذلك عندما أطلق ضجيجاً مثيراً للرعب عند الليل. يقول الصبي: اوه.
ثم يجلس على الأرض ويقول: أهذا هو أنت من يصنع كل هذا؟ كنت أعتقد بأنه من صنع مخيالي.
يجيب الوحش: كلا. أنا مَن يصنع كل ذلك.
يتساءل: ما هو مخيالك؟
يقول الصبي: المخيال ـ يفكر قليلاً - هو التفكير بأشياء غير موجودة.
يقول الوحش: مثل ماذا؟
يقول الصبي: يمكن أن يكون أي شيء كما في مثال التنين.
يتساءل الوحش: التنين؟ أهو حقاً كائن موجود؟
يقول الصبي وهو يهز راسه: كلا.
يقول الوحش: هذا جيد.
يجلس هناك لبرهةٍ. يسأل: ألديك ساندويشات؟
يقول الصبي: نعم، بالتأكيد، يمكنني أن أصنع لك بعضاً منها.
يذهبان الى المطبخ، يصنع الصبي طبقاً كبيراً ويجلبه مع كأس حليب الى منضدة الطعام. يجلس الوحش هناك ينظر عبر النافذة. يتساءل: ما تلك الكائنات؟
يقول الصبي: تلك طيور، وذاك مغذي الطيور.
يردد الوحش قوله: طيور، مغذي الطيور
يقضم قضمة من طعامه، ثم يسأل: وما ذلك الشيء؟
يحيب الصبي: انه سنجاب.
بعد ذلك يجلس الاثنان هناك طوال المساء يتبادلان الحديث عن الأسماء في العالم.
يقول الصبي بعد هنيهة: ستعود أمي الى البيت قريباً.
يقول الوحش: هل أذهب الى الطابق العلوي؟ يقول الصبي: ربما الأمر كذلك. لا أعرف شعورها وهي تراك هنا في هذه الحالة.
يسير الاثنان الى الطابق العلوي، يعود الوحش الى الخزانة، يقول على نحو مهذب:
ـ شكراً لما قدمته لي من طعامٍ، أعتقد أن عليك اغلاق باب الخزانة.
في وقت متأخر من تلك الليلة يستيقظ الصبي، يسير ويقترب من الخزانة، يصغي ليتأكد من حالة الضجيج، يهمس: أنت، أيها الوحش، هل أنت على ما يرام؟
يواظب على الإصغاء لكن ليس هناك من إجابة.
يقول الصبي: أنت أيها الوحش، هل أنت بخير؟
ويظل يصغي.
في النهاية يصيبه اليأس ويعبس ثم ينهض ويسير على اطراف اصابعه عبر الغرفة.
يفتح باب الخزانة بهدوء وحذر، لم يجد هناك شيئاً أول الأمر، ليس هناك إلّا الظلام المطبق الذي انكشف لبصره بعد فترة قصيرة فرأى ما في الداخل.. هناك طيور وأشجار، ممرات وأزهار، فراشات ومغذيات الطيور
وسناجب.
هناك عالم بأكمله، بالكاد أن يكون مرئياً. لكنه تَمَهَّلَ:
ـ هل ذاك هو الوحش يومئ بيده؟
أضاء الصبي الغرفة، لكنه لم يرَ غير خزانة فارغة.