سلام مكي
من صور الحماية التي أسبغها المشرع على الأسرة والأشخاص والمال العام، أنه فرض على المحكمة المختصة أن تقوم بإرسال القرارات التي تصدرها في مجالات معينة الى محكمة التمييز الاتحادية للنظر بها تمييزا، في حال لم تميز من قبل ذوي العلاقة.
والمادة 309 من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 نصت: الأحكام الصادرة على بيت المال والأوقاف أو الصغار أو الغائبين أو المجانين أو المعتوهين أو غيرهم من ناقصي الأهلية والأحكام المتضمنة فسخ عقد الزواج وكذلك الحجج المعتبرة بمثابة الأحكام كالحجج المتعلقة باستبدال الأوقاف والاذن بالقسمة الرضائية، إذا لم تميز من قبل ذوي العلاقة على القاضي إرسال الاضبارة في أقرب وقت ممكن الى محكمة التمييز الاتحادية لإجراء التدقيقات التمييزية عليها. نلاحظ أن النص هنا، المشرع عام 69 أورد مفردة" بيت المال" وهي لفظة شائعة في وقتها، ولا يوجد تفسير لها سوى أنها الخزينة العامة للدولة ممثلة بوزارة المالية. ذلك أن الكثير من الدعاوى تقام على وزارة المالية كطلب التعويضات والأخطاء التي تصدر من موظفيها... المشكلة أن هذا النص لم يعدل أو يحدّث منذ وقت تشريعه، وهو أمر ضروري، أن تكون الألفاظ والعبارات الواردة في القانون، تواكب العصر، وتنتمي الى الوقت الذي تطبق فيه. فمن غير الممكن أن نطلق على وزارة المالية" بيت المال" في هذا الوقت، كما لا يوجد مبرر قانوني أو فقهي للاستمرار بهذه التسمية. خصوصا وإن الكثير من المحاكم، لا ترسل أضابير الدعاوى التي لا تميز والتي تكون وزارة المالية طرفا فيها، بدعوى أن النص يخص الدعاوى الشرعية وليست الدعاوى البدائية، والدليل أن كل المجالات التي ورد تمييزها تلقائيا تكون من اختصاص محكمة الأحوال الشخصية. في حين إن النص جاء مطلقا، ولم يحدد ما اذا كانت الدعاوى التي تخص بيت المال مقامة في محكمة الأحوال الشخصية أم محكمة البداءة. والجوانب الأخرى التي نصت عليها المادة أعلاه تخص فئات محددة من المجتمع، فئات مهمة لكنها مهمشة، تقع ضحية للأقارب في بعض الأحيان، تنتهك حقوقهم من دون أن يجدوا من يدافع عنها، ومن ينتهكها الأقربون. لذلك، وجد القانون هذا النص، كي يلزم المحاكم بإرسال الدعاوى التي تصدر قرارات فيها ويكون أحد أطرافها ناقص الأهلية، مجنونا، معتوها،.. الى محكمة التمييز الاتحادية تلقائيا، في حال لم تميز من ذوي العلاقة. وهذه فكرة مهمة من القانون، كي تضمن تلك الفئات حقوقها ولا تتعرض للانتهاك، فبتدقيق تلك الأحكام من قبل أعلى سلطة قضائية وهي محكمة التمييز، فإن هذا يعني أن حقوق تلك الفئات محفوظة وغير معرضة للفقدان.
إن وضع المشرع هذه المادة جاء إيمانا منه بأهمية تدخل محكمة التمييز، في تلك القضايا بعيدا عن طلب الأطراف تمييزها أم لا، مثلها مثل الأحكام التي تصدر في دعاوى القتل العمد التي ترسل أوراقها الى محكمة التمييز تلقائيا للنظر فيها.