شايلوك العراقي

الباب المفتوح 2020/03/10
...

نجم الشيخ داغر
 
اغلب العراقيين الذين اكملوا الصف السادس الاعدادي يتذكرون قصة المرابي اليهودي شايلوك للكاتب الانجليزي الكبير وليم شكسبير، اذ كانت ضمن المنهج الدراسي لمادة اللغة الانكليزية.
ومختصر قصة هذا المرابي اللئيم الذي كان يسكن مدينة البندقية الايطالية، ان بسانيو صديق التاجر الطيب انطونيو احتاج الى مبلغ من المال من اجل زواجه، فلجأ كما يفعل كل مرة الى صديقه الكريم انطونيو، فاعتذر الاخير من صديقه الحميم لكون سفنه وتجارته لم تصل الى مدينته بعد، فاضطر من اجل حل مشكلة بسانيو الى اللجوء للمرابي شايلوك للاقتراض منه وبأي فائدة يطلبها مع ان (انطونيو) كان يقرض الناس من دون فائدة، ففرح اليهودي بشدة وعدها فرصة سانحة للانتقام من هذا الذي يدعي النزاهة والشرف، فاشترط عليه ان لم يتمكن من سداد الدين ان يأخذ رطلا من اللحم من اي عضو في جسده.
 هذه القصة تهدف الى تسليط الضوء على انموذج سيئ يعمل لمصلحته الشخصية فقط ، ضاربا بعرض الجدار اي قيمة اخلاقية او شرعية، وتدعو الى الابتعاد عن هذا السلوك المشين، ولكن يبدو ان مصارفنا الحكومية والاهلية الموقرة تناست هذا الدرس واتخذت مبدأ شايلوك شعارا لها، بعد ان بلغت فوائد قروضها نصف او اقل بقليل من المبلغ المقترض، مشكلة خيبة امل جديدة بعد ان استبشر الناس خيرا، ظنا منهم انها ستسهم بحل بعض من مشاكلهم المتراكمة، لا سيما بعد ان تسلل اليأس الى قلوبهم عقب طول انتظار لحلول حكومية لم تأت ويبدو انها لن تأتي ابدا.
والغريب في الامر ان هذه الفوائد الكبيرة والفاحشة والتي تمثل عبئا كبيرا على كاهل المواطنين، تستقطع تحت مرأى 
ومسمع من احزابنا الاسلامية بشقيها السني والشيعي، متناسين انها تمثل ابشع صورة للربا الذي نهى عنه القرآن الكريم وشبه آكليه بأن قيامهم مثل قيام الذي يتخبطه الشيطان من المس.
فبأي حق يتم استيفاء نحو خمسين بالمئة من قيمة المبلغ المقترض لرجل عجوز كان يطمح لان يبني له سقفا يحميه من المطر، وبأي جرم يتم حرمان شاب من الزواج، ولماذا يحدث هذا في العراق مع ان اغلب مصارف العالم تستوفي رسوما وفوائد بسيطة جدا.
هذه الاسئلة نضعها أمام حكومتنا الرشيدة وعلى طاولة نوابنا المحترمين الذين لم نسمع لهم صوتا للاعتراض على هذا الاستغلال البشع من قبل المصارف للشعب العراقي الجريح، متمنين منهم اعادة النظر في هذه القروض وتوفير قروض غيرها لا يكون للربا فيها مدخل، كي تعم البركة البلاد وينعم بالخير العباد، ويمنع شايلوك وكل من هو على شاكلته من امتصاص دماء العراقيين.