رحلة {من قتل دون كيشوت؟} الملحمية تجد نهايتها أخيراً

الصفحة الاخيرة 2020/04/01
...

 
 
كتابة/ كلاريس لوغري ترجمة/ أحمد فاضل
 
 
 
هل كان فيلم "من قتل دون كيشوت؟" الذي عرض في العام 2018، يستحقُ كل هذا الجهد الذي بذله مخرجه تيري جيليام لنقله إلى الشاشة الكبيرة بطاقم ممثليه آدم درايف، جوناثان برايس، ستيلان سكارسجارد، أولغا كوريلينكو، جوانا ريبيرو، ليقدموا لنا فارس ميغيل دي سرفانتس، دون كيشوت الرجل العجوز المغامر، الذي يتخيل نفسه فارساً من القرون الوسطى، إذ أصبح المخرج عالقاً في مغامرته الخاطئة هذه، إذ كان من المفروض تقديم فكرة الفيلم أوائل التسعينيات، إلا أنه جوبه بهزائم عديدة، من قبل الممولين والدعاوى القضائيَّة المقامة ضده، عند المباشرة بتصويره في العام 2000، حين واجه عدداً من الصعوبات، أبرزها: مجموعة المعدات التي دمرتها الفيضانات، ومغادرة المنتج المشارك روشفورت بسبب مرضه ومشكلات الحصول على تأمين إنتاجه، ومشكلات ماليَّة أخرى أدت إلى تعليق مفاجئ للإنتاج وإلغائه لاحقاً، وبعد أكثر من 25 عاماً يرى الفيلم النور، ليعرض أولاً في دور السينما البريطانيَّة، وبعدها تم عرضه في الولايات المتحدة الأميركية وكندا في العام 2019، لكنه جوبه باعتراضات كبيرة من قبل المشاهدين ونقاد السينما الذين قالوا عنه: "إنه لا يستحق هذا الجهد، وهو فيلم فوضوي مشتت، ويبدو أنه لا يستطيع استحضار كامل أحداث وشخوص رواية جديرة بالاهتمام".
تدور أحداث الفيلم، حول توبي "آدم دريفر" المخرج السينمائي الأميركي، الذي يعمل على إخراج فيلم يتناول شخصية "دون كيشوت"، ويتم تصويره في اسبانيا، ولكنه يواجه بعض المشكلات في عمله، فيشتري بمحض الصدفة اسطوانة قديمة، لأول فيلم قام بإخراجه منذ عشر سنوات، كمشروع تخرج من جامعته، وكانت قصته عن شخصية "دون كيشوت "العجيبة، وبسبب ضعف الإمكانيات، اضطر توبي وقتها الي الاستعانة بالسكان المحليين لإحدى القرى الإسبانية كطاقم عمل للفيلم، بعد سنوات يعود توبي من جديد الى القرية ذاتها، التي صور بها فيلمه الأول، ليجد أنَّ صانع الأحذية العجوز "جونثن بريسي"، الذي كان يلعب الدور الرئيس في فيلم تخرجه، قد أمضى السنوات العشر السابقة متقمصاً شخصية دون كيشوت، والذي ما أنْ يرى توبي، حتى يعتقده أنه "سانشو" المزارع الساذج ومساعده الأمين، لتبدأ ورطة المخرج في مغامرات دون كيشوت القرن الحادي والعشرين.
 هنا كان من المفترض أنْ يكون هذا الفيلم، قد ترك أثراً حسناً في نفوس مشاهديه، وأنْ نرى جيليام، وهو مخرج عبقري ذو رؤية خلاقة أنْ يقود فيلمه إلى النجاح، وهذا يثير حقاً بعض الأسئلة الواعدة في مكانٍ ما في عمق السرياليَّة الجيلياميَّة (التي تستمدها مباشرة من كتابات سرفانتس): هل يجب أنْ يشعر توبي بالمسؤولية، عما حدث لهؤلاء الذين تم جرهم إلى هوسه الإبداعي؟ وهل الفن متجهٌ إلى ترك حيز كبير من المنطقيَّة؟ إنَّ الإجابة على أيٍّ من هذين الإجراءين تتطلب مستوى من الفحص الذاتي، ويبدو أنَّ جيليام مترددٌ في الانغماس فيهما، ما جعل من السيناريو الذي يعدُّ أهم عنصر في أي عمل سينمائي ضعيفاً للغاية.
 
عن/ صحيفة الإندبندنت البريطانية