الولد الكبير - 2 -

الصفحة الاخيرة 2018/12/17
...

حسن العاني 
 
أشرت في القسم الاول من هذه المقالة، الى أن "الولد الكبير" هو عنوان مجموعتي القصصية الرابعة، الصادرة عن (دار الشؤون الثقافية العامة)، عام (2000)، ثم كيف جاء صدورها بعد بضعة اشهر على قرار رئيس النظام بمنعي من الكتابة، كما أشرت بشيء من التفصيل الى المواقف النبيلة لزملائي واصدقائي واساتذتي، سواء من كتب عن المجموعة باسمه الصريح، أم مَنْ وافق على نشر تلك الكتابات التي ظهر فيها اسمي عشرات المرات الى جانب صورة الغلاف، بما يمثل تحدياً علنياً لرئيس النظام... ومع ذلك فان حكاية هذه المجموعة لم تنتهِ عند هذا الحد، فقد كان للولد وجه آخر، وحكاية لا تمت بصلة للأدب والنقد والصحافة، لأنها تنتمي الى عالم المرأة وغيرة النسوان!
عند صدور قرار المنع في نهاية 1999 تقريباً (كنت أعمل يومها في مجلة الف باء)، وأتولى مسؤولية قسمين هما (التحقيقات الاجتماعية واستطلاعات المدن) كان من المفروض ان يقوم استاذي الراحل امير الحلو – رئيس تحرير المجلة – بأعفائي من (التحقيقات والاستطلاعات) غير إنه، رحمه الله، أصر على بقائهما ضمن إشرافي ومسؤوليتي على الرغم من محاولاتي الكثيرة التي ذهبت سدى، ووجدت نفسي امام موقف صعب، فأنا في وقت واحد مشرف على هذين القسمين، ومن كتابهما الرئيسين، ولذلك عمدت الى الكتابة بأسماء مستعارة اغلبها من ملاك المجلة، وخاصة (بناتي) المحررات.
مرة فوجئت بالزميلة (راجحة عبود) وهي تدخل مكتبي وعيناها تفيضان دموعاً وانزعاجاً، وحكتْ لي ما جرى معها، فبعد ان ظهر اسمها المستعار على أحد موضوعاتي، أخبرها غير واحد بأن موضوعها جميل جداً... ثم انفجرت باكية (هذا كُفُر.. أسلوبك الحلو يحرموك منه ويصير باسمي واسم غيري) ولم اهدئ من روعها الا بطلعان الروح كما يقال .. ولهذا يوم صدر الولد الكبير قدمت لها نسخة من الكتاب بأهداء رومانسي تستحقه ابنتي وصديقتي راجحة عن جدارة، ولكن الذي لم اتحسب له أن أجد في اليوم الثاني "رسالة" على منضدتي باسم (نساء متجهمات)، تحمل سبعة تواقيع، مازلت احتفظ بها بين اوراقي، ورأيت ان انقلها بنصها الحرفي من دون تعليق (استاذنا الفاضل حسن العاني، بعد ... – نسحب السلام حالياً – عندما قال شكسبير مقولته الشهيرة، أكون او لا اكون – فان الموضوع ينطبق علينا، حيث إن كرامة وكيد آنسات وسيدات قسم التحقيقات الموقر لا تسمح بالاهانة والتجاهل الساحق، لذلك قررنا ان نكون او لا نكون معك، حيث شعرنا بما ورد اعلاه من جراء الاهداء الموغل في الجمال والبداعة والتحيز الواضح للعزيزة التي – اصبحت غير عزيزة – بسبب غيرة النساء بعد هذا الاهداء... عزيزي: إن الجار يحذر جاره، فكما تعلم حضرتكم، إنك قابع في غرفة من ضمن قسمنا، لذلك إحذرْ كيد النساء الغيورات وادفع بالتي هي احسن لتتجنب الحريق او الغرق، وليكن الولد الكبير هو كبش الفداء العظيم...) يا إلهي كم اشتاقت روحي الى بنياتي الحبيبات