بغداد/ رلى واثق
لم يكن اسلوبا جديدا تتبعه المدارس بل اتخذ منهجا جديدا، انها (مجالس الاباء)، التي تعتمد المدارس سنويا انتخاب مجلس للاباء من اولياء امور الطلبة ليكون حلقة الوصل بين الطلبة واولياء امورهم وادارات المدارس، بغية ايصال الافكار والوقوف على احوال الطلبة العلمية والاخلاقية وتحسينها، ومنذ ان اعلنت حالة التقشف في البلد نتيجة الازمة الاقتصادية، القت مجالس الاباء عبئا آخر على عاتقها يتمثل في جمع تبرعات مالية وترميم المدارس بما يخدم الصالح العام. فيقول مدير احدى المدارس الاستاذ عبد الله نجم:
«ان مجالس الاباء كانت حقيقة منقذا للمدرسة، فإدارة المدرسة لاتستطيع بمفردها انجاز المشاكل التي تواجهه بناية المدرسة واثاثها، فكان لابد من معين ولم يكن هناك افضل من مجالس الاباء، فأولاهم المستفيد الاكبر من التبرعات المالية التي يقدمونها}.
ويضيف أن"دور مجالس الاباء لم يقف حصرا في جمع المبالغ المالية وانما مد يد العون بحسب المهن الذي يمتهنها بعضهم، فالنجار والحداد والصباغ وغيرهم كان له الدور الفاعل في تقديم خدماته".
عضو مجلس الاباء والمعلمين نسرين عمار ام لتلميذين في احدى المدارس الابتدائية اوضحت أنه"لم اكن اتوقع ان المجلس مهم الى هذا الحد، فعندما انضممت للمجلس اكتشفت الدور الفاعل الذي يقوم به من الوقوف على اوضاع الطلبة وتوصيل مطاليبهم الى ادارة المدرسة والمساهمة الحقيقية في رفع مستوى المدرسة".
وتتابع"ان المدرسة مشغولة من الساعة الثامنة صباحا وحتى الخامسة عصرا، فالمدرسة مزدوجة الدوام، وهذا الامر يعرض اثاثها للاستهلاك بشكل مستمر، وماكان بالامكان الوقوف مكتوفي الايدي، بل اقترحنا ان نتكاتف، وكان بالفعل هناك توفير مراوح في كل صف وترميم دورات المياه وادوات تنظيف، وستائر للصفوف وتصليح زجاج النوافد، وطلاء الجدران والرسم عليها برسوم مبهجة، هذا لم يتم في ليلة وضحاها، لكن عملنا مستمر مع المدرسة وعند تخرج اولادنا فهناك اخرون سيكملون المسيرة".
اما معاون مدير احدى المدارس الاستاذ عماد جبار فكان يشكو اهمال اولياء الامور بقوله:
«للمدرسة مجلس اباء لكن دوره لايتعدى الحضور الى الاجتماعات والاستماع فقط، من دون محاولة لتقديم المساعدة، وكل ما موجود في المدرسة هو بجهود شخصية، فنحن كادارة حريصون على المدرسة بشكل كبير، فحتى في ايام العطل نعمل لتكون المدرسة على افضل حال".
حلقة وصل
نقيب المعلمين عباس السوداني يبين أن"اغلب المدارس اليوم في بغداد والمحافظات تسهم في ترميمها واكمال نواقصها مجالس الاباء، كونهم نظروا الى الفائدة التي تعود على اولادهم من الطلبة، اذ يقضون اكثر من خمس ساعات في المدرسة وهذا الوقت غير قليل ويحتاجون فيه الى الكثير من الخدمات، وهذا جاء بعد تقصير وزارة التربية في بناء مدارس جديدة وترميم الموجود منها، فالمدرسة عند اهمالها تعاني النقص وسيتراكم بمرور الوقت}.
ويضيف السوداني أنه"لاتوجد احصائية بعدد المدارس التي ساهمت مجالس الاباء بترميمها، لكن لابد من القول ان دورهم كان بارزا ومهما في استمرار العملية التعليمية في المدارس، فكل مدرسة على اقل تقدير تضم 1000 طالب، وعليه تستهلك البناية واثاثها فتحتاج الى ترميم مستمر، وهذا ماقام به اولياء الامور عن طريق مجالس الاباء المنظمة".
ويتابع "ان مجالس الاباء تعد حلقة مكملة وضرورية، فالصلة بين الاسرة والمدرسة هو ولي امر الطالب ويتم عن طريق هذا التواصل دعم الطالب معنويا والوقوف على مستواه الدراسي، اذ هناك اجتماعات دورية تطرح من خلالها ادارة المدرسة اهم المشاكل التي يعانون منها تجاه البنى التحتية او مستوى الطالب، ولابد ان يستمر هذا الاجراء ويفعل، وعلى وزارة التربية تكريمهم لبث روح التفاءل والامل ودعمهم ليكونوا الافضل وتشجيع باقي المدارس ومجالس الاباء ليحذوا حذوهم".
تراجع حكومي
وكيل وزارة التربية طلال الجبوري أكد أن"دور الاسرة العراقية في مجالس الاباء ليس وليد اليوم فهو كبير ومنذ زمن بعيد، لكنه ينشط في كثير من الاحيان اوقات التراجع الحكومي والانخفاض في مستوى ادائهم، فلها دور كبير جدا في توفير الخدمات اللوجستية وحتى في اختيار الاساليب التربوية، ونحن بدورنا نشجع هذا الامر ونناقش في الكثير من الامور التربوية والامور العامة".
ويردف الجبوري أن"تفعيل دور مجالس الاباء لايقع فقط على وزارة التربية وانما هو دور مشترك لابد ان تتبناه جميع الجهات ذات العلاقة بضمنها الاعلام للنهوض بالواقع التعليمي والخدمي للمدارس".
دور واضح
رئيس لجنة التربية والتعليم في مجلس محافظة بغداد علي العيثاوي يقول: إن"مجالس الاباء ومنذ اربع سنوات مضت كان لها دور كبير، لاسيما بعد انعدام التخصيصات المالية للوزارة والاتجاه الى مجلس الاباء لمساعدة المدارس في الترميم وكثير من الامور، فكان دورهم كبيرا وواضحا".
ويسترسل بأننا"نفتخر ان هناك الكثير من مجالس الاباء ساهمت في بناء مدارس وترميم اخرى، بتأهيل المرافق الصحية والرحلات او السبورات، وشراء اجهزة تبريد واضاءة واصلاح زجاج النوافذ وغيرها من الاعمال الضرورية في كل مدرسة، وقد لاحظنا ذلك جليا في المدارس التي تقع بالمناطق ذات الدخل المحدود".
ويضيف العيثاوي أن"اولياء الامور هم من فعل دور مجالس الاباء لتكون حلقة الوصل بين الطلبة واولياء امورهم وادارات المدارس، فعن طريق هذا التواصل يتم التعرف على المستوى العلمي للطلبة من جهة واحتياجات المدرسة من جهة اخرى، والمساهمات لم تكن فقط في دفع المبالغ المالية وانما العمل احيانا داخل المدرسة بغية توفير الظروف الملائمة للطلبة اثناء اوقات الدراسة، واعتقد ان هذه المجالس تمكنت من القيام بدورها على اكمل
وجه".
ويرى العيثاوي ان هناك بعض المعوقات التي تواجه عمل مجالس الاباء في بعض المدارس تتمثل في أننا" لاحظنا من خلال الجولات وبعض الشكاوى ان هناك بعض الادارات تصد عمل مجالس الاباء، ونحن بدورنا حذرنا تلك المدارس ليكون هناك تعاون وتنسيق عالي المستوى وسعينا جاهدين لوضع خطوط عامة بين الطرفين وكل ذلك يصب في مصلحة الطلبة".
ويستدرك العيثاوي "لقد اوصلنا عن طريق مشروع "مدرستنا بيتنا" تفعيل دور مجالس الاباء بشكل كبير، فلهم الفضل الكبير في ترميم واضافة بناء بعض الصفوف لما يقارب 2000 مدرسة في ست مديريات للتربية بجانبي الكرخ والرصافة".
ويوضح العيثاوي أن"الحكومة عاجزة اليوم عن التمويل المالي للمدارس، فلجأنا الى مجالس الاباء، فالطالب يقضي ست ساعات تقريبا في المدرسة لذلك من يستطيع مد يد العون لمساعدة الطالب والمعلم في الارتقاء العلمي عليه ان لايتردد، ونأخذها من ثلاثة جوانب اولها الجانب الانساني والاخر الديني والعلمي، وفعلا كان دورهم فاعلا
وايجابيا".