يورغن كلوب.. الحكمة الضاحكة!

الرياضة 2020/04/05
...

علي رياح
 

اعتاد الألماني يورغن كلوب مدرب ليفربول أنْ يترك أثراً عميقاً عند الإجابة على أسئلة الصحفيين.. تستوي في ذلك دعابته وظرافته وسخريته عند اللزوم مع قدرته على اجتراح الحكمة في منتهى التعقل والرزانة!
في صحيفة (ديلي ميل) البريطانية التي لا تُخفي معالجاتها الرياضية ميلاً إلى مانشستر يونايتد غريم الليفر اللدود، قرأت حواراً مع كلوب دار حول وباء كورونا، بكل ما يخطر في البال من محاور لها علاقة بسعي العالم لوقف زحف هذا الفيروس أو بمصير اللقب الإنكليزي الذي كان محسوماً بنسبة فائقة لصالح الريدز قبل أنْ تندلع المخاوف من استمرار الدوري في ظل تفشي الوباء على نحوٍ فادح في بلاد الضباب! لم يتخلـّص كلوب من روح النكتة وهو يحاول إبداء الجديّة في الإجابة.. سألته الصحيفة عن جلوسه في داره تفادياً للإصابة، فقال: كنا نشدّد على أنَّ الكرة أسلوب حياة وأنَّ الفوز هو مسألة حياة أو موت، واليوم لا بدّ من القول إنَّ الصحة تأتي قبل الكرة.. قلْ لي كم مشجعاً إنكليزياً مهووساً بالكرة يجازف الآن بتخطي عتبة داره.. كنت أؤيد من يقول إنَّ الحياة من دون كرة ليست سوى جحيم، واليوم أقول إنَّ النكتة أنْ تتصور أنَّ كرة القدم كل شيء.. عليك أنْ تحافظ على نفسك وعلى أسرتك وعلى لاعبيك وعلى كل من يحيط بك!
ويعترف كلوب بأنَّ معاناته الكبرى اليوم لا تكمن في اضطراره للجلوس في البيت وهو الذي اعتاد أنْ يعيش الحياة والكرة في الطول والعرض، إنما تتمثل في صعوبة ملاحقة لاعبيه للتأكد من امتثالهم للأوامر الصادرة لهم بالبقاء في البيوت.. (أضطر طول اليوم إلى المتابعة.. أعرف أنهم لاعبون محترفون يدركون ما ينفعهم وما يضرّهم، لكنَّ الملل يدفع اللاعب في ظرفٍ كهذا إلى كسر المحظورات مع مرور الوقت، وقد اصطدت عدداً من اللاعبين في وضع كهذا وأخبرتهم بأنها الفرصة الأخيرة لهم وإلا فإنني سأعلم إدارة النادي بهذا)!  كلوب الذي كان ينتظر مع ليفربول التتويج باللقب بعد انتظار النادي على مدى ثلاثين سنة، لا يجد شيئاً ضرورياً يقدمه للناس غير البقاء في البيت والترويج لذلك، معتبراً أنَّ المديح الذي ناله في بداية الأزمة من منظمة الصحة العالميَّة لدوره في الإرشاد يُقلـّل ألمه لفراق المباريات.. (لا نقاش حين يكون الاختيار بين اللقب وبين منع الكارثة من أنْ تحلّ بالناس.. هذه ليست نكتة.. والذين تصوّرا أنَّ فيروس كورونا مجرد أكذوبة أو خدعة في بادئ الأمر، يدفعون الثمن الآن هم وأسرهم. هل يبيح حب كرة القدم مثل هذه المصيبة؟).
(أنا أرتدي قبعة بيسبول ليست غالية الثمن وحلاقة ذقني من النوع الرديء، وبعض الناس يرونني ساذجاً حين أضحك طوال الوقت.. لهذا فأنا الآن لست بواعظ ولا قادر على تقديم النصيحة.. لكن هذا رأيي: يجب أنْ نبقى في بيوتنا حتى لا نذهب إلى قبورنا).. يختتم كلوب حواره في منتهى البلاغة والبراعة!