جبار النجدي
صدرت في البصرة رواية "عسل المنافي المر " للروائي عبدالواحد الجوادي، وهي رواية تقترب من ادب الرحلات بنكهة روائية سردية متينة، حيث طاف بطل الرواية حكيم، الذي يعبر عن تجربة الروائي نفسه بعدة بلدان، متجها من الاردن الى سوريا، وهناك التقى بفتاة جميلة وتمتلك اموالا اسمها بلقيس، حاولت ان تثنيه عن السفر بشتى المغريات، لكنه اصر على الاستمرار بالرحلة التي اسماها "رحلة الأمل".
كان حكيم لايسعه قلب أمرأة ولابقعة ارض، أنه يحلم بالتحليق ويعيش الحرية، فسافر الى روسيا ثم الى بلاروسيا، واخيرا أنتهى به المطاف الى اوكرانيا وعاش في (كمب ) لاتسطيع العيش فيه حتى الحيوانات، بعد ذلك سلّم هو ومجموعة معه أنفسهم الى الأمم المتحدة، لتمنحهم إقامة في أحد الفنادق لمدة وجيزة، إنطلقوا بعدها الى الحدود السلوفاكية بمسيرة مضنية دامت (12) يوما، تاهوا خلالها لزمن ليس بقصير في الغابات، التي اعترضتهم أثناء المسير واستطاعوا أن يعبروا نهر الدانوب بقارب مطاطي مع أسر متعددة الجنسيات، في النمسا ارسل صديق لبطل الرواية حكيم فتاته التي تعرف عليها عن بعد في فترة سابقة في المانيا، وفي اليوم الثاني من تحقيق حلمه، التقى بفتاته مع يوم سقوط تمثال صدام، فقال في نفسه في اليوم الذي حصلت فيه على حريتي سقط النظام، كان ذلك يثير السخرية والابتسام في آن معا، مما اتاح للرواية أن تكون تملك اكثر من حافز للقراءة السردية، وبما يوحي به المرئي من تفصيلات تطلق يده في أماطة اللثام عن مصير يخشاه، متخذا سبيله بين بنية التداخل السردي والشعري المحملة بتساؤلات اللاجدوى، وبهذا تتماهى اصوات المسار السردي تارة، وتفترق تارة أخرى استنادا الى الوعي السردي المتحول من مستوى الى آخر، نظرا للشعور المستمر والمتذبذب للضياع الناجم عن اللاجدوى والفراغ، الذي لايمكن ملؤه، بمعنى ما ليقرأ في كتاب القدر والمصير.
الرواية تتمتع بنقل المنظور من الأشياء من النموذج المكتوب الى النموذج المرئي وملامسة خفايا الأشياء، التي يساق لها السرد طوعا، وتذكر الوطن من منظورات متعددة ومتغيرة، وادراك أدوار جدية لتمزقه ومعرفة مختلف ظواهر وجوده الممزق، عبر غرائبية الطرح في المنافي واللجوء الى الاستعارة لمنظور جدارة الوطن
واعتباره.